سترتفع خسائر الخزينة العمومية المترتبة عن التعاملات التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي، في إطار اتفاق الشراكة الذي دخل حيز التنفيذ في سبتمبر من سنة 2005، إلى ما قيمته 19 مليار دولار سنة 2020، حسب ما جاء في آخر تقرير للوكالة الجزائرية لترقية الصادرات “ألجاكس”. تمت مناقشة التقرير خلال آخر اجتماع لمجلس الوزراء لتقييم اتفاق الشراكة، ما يؤكد تسرع الجزائر في اتخاذ قرار الانضمام لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، دون التحضير له جيدا بإعطاء الأولوية آنذاك لاعتبارات سياسية لم تعد قائمة الآن، تمثلت في تغليب الرغبة في العودة للمحافل الدولية على حساب البراغماتية الاقتصادية. وتبقى الجزائر تتكبد خسائر هامة من العملة الصعبة، في إطار الاتفاقيات الثنائية التي وقعتها إلى غاية الآن، سواء المتعلقة باتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، أو اتفاق المنطقة العربية للتبادل الحر، الذي يكلف الخزينة العمومية خسارة سنوية بأكثر من مليار دولار، على الرغم من سعي الحكومة لتقليص الخسائر المسجلة في تبادلاتها التجارية مع الدول العربية، بتحديد قائمة سلبية للمنتجات الممنوع استيرادها وغير مستفيدة من الامتيازات الجبائية والجمركية.
وأكد مصدر من قطاع المالية، في تصريح ل«الخبر”، استنادا لما تضمنه تقرير “ألجاكس” حول انعكاسات اتفاق الشراكة على الاقتصاد الوطني “2005-2014”، أن خسائر الخزينة العمومية سترتفع إلى 19 مليار دولار في آفاق 2020، أي التاريخ المتوقع للإعلان عن إنشاء منطقة التبادل الحر بين الجزائر ودول الاتحاد الأوروبي، بعد أن قدرت هذه الخسائر بما تجاوزت قيمته 8 ملايير دولار في الفترة الممتدة بين سنة 2005، تاريخ التوقيع على الاتفاق وبين سنة 2014. وأوضح ذات المصدر أن ثمانية ملايير دولار منحت على شكل امتيازات جبائية وجمركية، استفادت منها معظم الدول الأوروبية، هذه الأخيرة تمكنت، وفي ظرف قياسي، من إغراق الأسواق الوطنية بمنتجاتها، إلى جانب الامتيازات والتخفيضات الجبائية الممنوحة للمستوردين والمصدرين الجزائريين، في إطار اتفاق الشراكة، مشيرا إلى أنه وعلى عكس المتعاملين الاقتصاديين، فإن نتائج التوقيع على اتفاق الشراكة كانت وخيمة على الجزائريين، بتسجيل ارتفاع محسوس في أسعار المواد المستوردة، تسبب في انخفاض في القدرة الشرائية وتسجيل معدلات تضخم عالية. على صعيد آخر، تؤكد الأرقام التي جاءت في تقرير وكالة “ألجاكس”، عدم نجاح الجزائر في تجسيد الهدف المنشود من التوقيع على اتفاق الشراكة، والمتمثل أساسا في رفع عائدات الجزائر من الصادرات خارج المحروقات لتقليص التبعية لقطاع المحروقات. وتشير نفس الأرقام إلى أن صادرات الجزائر خارج المحروقات نحو الدول الأوروبية، تمثلت أساسا في المواد الطاقوية والمنجمية، رغم أنها لم تسجل سوى زيادة محتشمة، مقارنة مع واردات الدول الأوروبية منذ التوقيع على اتفاق الشراكة. وبلغت قيمة الصادرات خارج المحروقات الموجهة لدول الاتحاد الأوروبي ما قيمته 12,3 مليار دولار فقط خلال عشر سنوات، مقابل واردات قدرت قيمتها ب195 مليار دولار. هذا الوضع دفع السلطات الجزائرية إلى دعوة الشركاء الأوروبيين إلى التفاوض مجددا لمراجعة بعض التدابير المتصلة بأطراف التبادل، أي بعمليات التجارة الخارجية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي وضمان نوع من التوازن بين الجانبين.