كلّف الوزير الأول، عبد المالك سلال، أعضاء حكومته، بعدم قبول أي مشاريع تخص إنشاء هيآت ومؤسسات عمومية ذات طابع إداري أو ذات طابع صناعي وتجاري، تتكفل بتقديم خدمة عمومية ضرورية للمواطن، دون ترخيص منه ودون التعمق في دراسة جدوى المشروع، إن كان يندرج في خانة الضرورة القصوى. ولفت سلال في تعليمه أرسلها إلى الوزراء، تحت رقم (40-308 و.أ)، بحوزة “الخبر” نسخة منها، إلى ضرورة إعادة النظر في المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري فيما يخص التوظيف والتسيير والتمويل وموافاته باقتراحات حول إمكانية تعديل أو تغيير أو دمج تلك التي تشتغل على نفس النشاط، مشيرا إلى أن الاستفادة من المساهمة المالية للدولة سيتم بالنظر إلى الجهود المبذولة لتلك المؤسسات. واستثنى الوزير الأول المنشآت ذات الطابع الاجتماعي - التربوي شريطة عقلنة تسييرها وتنظيمها، مشيرا إلى أنه لاحظ بأن بعض الدوائر الوزارية “لا تزال تقترح إنشاء مؤسسات ذات طابع صناعي وتجاري بالرغم من مراسلات التذكير العديدة التي بعث بها للدوائر الوزارية”. وتندرج تعليمة الوزير الأول ضمن إطار “ترشيد النفقات” والتقشف الذي أقرت الحكومة خطته، لكنها لم تضبط أبجديات التحكم فيه، من حيث تحمل التعليمة إشارة قوية من الوزير الأول على أن تعليمات الحكومة لم تطبق بكل حذافيرها، وتسقط هذه التعليمة على قطاعات أخرى، من حيث إن هناك مؤسسات مازالت تسير بمنطق الوفرة المالية الناجمة عن عائدات النفط فيما سبق، ولم تتخذ إجراءات فيما يتعلق بوسائل العمل كشراء السيارات وتأثيث المكاتب وتنظيم الملتقيات غير المهمة وغيرها. ما يدل على أن الحكومة لم تضبط بعد عقارب خطة التقشف. كما كلّف سلال أعضاء حكومته بالشروع في تقييم المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي التابعة لوصايتهم، ملزما بضرورة أن تفضي العملية إلى مقترحات لتعديل تلك المؤسسات وتحويلها أو دمجها، وإرسال ذلك إلى ديوان الوزارة الأولى في أجل أقصاه نهاية شهر نوفمبر الحالي، مع مراعاة ضرورة تقديم خدمة ذات جودة وبتكلفة معقولة وتسيير أمثل. وبشأن المؤسسات ذات الطابع الإداري، قال سلال إنه ينتظر من أعضاء الحكومة “موافاته أيضا بمقترحات إعادة النظر في تسييرها وتنظيمها حسب خصوصيات كل قطاع، مع تفضيل الاستعمال المشترك لوسائلها، مشددا على التحلي بالصرامة البالغة في الإنفاق في مجال شراء السيارات وأثاث المكاتب ومصاريف المهام وتنظيم الملتقيات”. وأشار سلال إلى أن “ضعف نجاعة الترتيبات المتعلقة بمراقبة ومتابعة هذه المؤسسات، وكذا الصعوبات المالية، يفرض علينا التوقف عن إنشاء هذا النوع من المؤسسات، خاصة وأن الانتشار الواسع لها خلال فترة الوفرة المالية مكن من إنجاز آلاف المنشآت الأساسية، واستحداث مؤسسات عمومية ذات طابع تجاري صناعي، لاعتبارات مرتبطة أكثر بالمزايا التي توفرها في مجال الأجور على حساب الاشتغال على تحسين الجودة وكلفة الخدمات”، موضحا أن “هذا يتنافى مع القانون التوجيهي للمؤسسات الاقتصادية المؤرخ في 12 جانفي 1988 تحت رقم 01.88”. وتضمنت التعليمة، أن “مساهمة الدولة لفائدة 219 مؤسسة وهيئة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي وأخرى ذات طابع علمي تكنولوجي وتسيير خاص، خاضعة لوصاية مختلف الوزارات وصلت إلى 381 مليار دينار”، مشيرا إلى وجود 56 ألف هيئة إدارية معظمها ذات طابع إداري والمئات من المؤسسات ذات طابع صناعي تجاري تموّل كليا أو جزئيا من ميزانيتي الدولة والجماعات المحلية”.