وصف الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، أول أمس، في رسالة نشرها على “الفايسبوك”، الحملة التي طالت الكاتب الجزائري كمال داود من مجموعة من المثقفين الفرنسيين، بأنها “تعبر عن حالة قلق في المجتمع الفرنسي”، منتقدا النخبة الفرنسية لأنها لا تدرك المخاطر التي يواجهها العالم اليوم، ودعا الجميع إلى مساندة الكاتب “التخلي عن الكاتب ليواجه مصيره بمفرده، هو التخلي عن أنفسنا.. ضروري وحتمي ومستعجل أن نساند كمال داود دون تردد ودون تقصير”. وجه الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس، كلامه في الرسالة التي نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك” وعنونها ب”لنساند كمال داود”، مباشرة للجامعيين الموقعين على العريضة التي نشرتها يومية “لوموند” الفرنسية يوم 12 فيفري الماضي والتي تخص مقالين للكاتب نشرا في يومية “لوبوان”، يتحدثان عن العنف الجنسي الذي اتهم به مجموعة من اللاجئين. وكتب فالس أن الهجوم والعدوانية غير المسبوقة التي كان كمال داود هدفا لها منذ أيام “تُسائلنا وتجعلنا نحس بالسخط وتقول لنا بشكل عام إن الأمر يخصنا”. ودافع فالس عن كمال داود أمام هذا الهجوم الذي تعرض له من قبل بعض الأكاديميين وعلماء الاجتماع والمؤرخين الذين وقعوا على العريضة التي انتقدت كمال داود ووصفته بأنه ينشر أفكارا معادية للإسلام، ووصف ال”عريضة” بال”إدانة”، وأضاف أنه كان على هؤلاء أن يقدموا التوضيح والشرح الدقيق والانتقاد، بالمسافة التي يتطلبها عمل الباحث، بدل من أن يدينوه بطريقة تعسفية ويرفضوا النقاش ويصدوا الباب أمام أي جدال. وعاد فالس ليذكر بما يواجهه الكاتب من ضغوط خاصة في الجزائر، مستشهدا بالفتوى التي أصدرها ضده زيراوي عبد الفتاح حمداش، والتي أجازت قتله، وتمت المحاكمة بشأنها منذ أيام. وأشار فالس إلى هذا بقوله والنتيجة معروفة “أمام هذا الهجوم العنيف لقلم موهوب، يتحمل عبء فتوى في بلده، يقرر التوقف عن مزاولة مهنته كصحفي”، ويعلق “ببساطة لا يمكن تصور هذا الأمر”. نبه فالس إلى خطورة القضية في المجتمع الفرنسي خاصة في الوقت الراهن، ويرى أن هذه الطريقة في إدارة النقاش في المجتمع علامة على وجود “توعك عميق للأنتليجانسيا” وصعوبات كبيرة في فرنسا للتفكير بهدوء في المخاطر التي تواجه العالم اليوم. بالمقابل، يضيف، هناك سهولة في رفض كل من يحاول ذلك، رغم أننا يقول: “في فترة غامضة تتسم بصعود التطرف والتعصب، واعتبر أطروحات كمال داود في هذا الشأن داعمة للفرنسيين، لأن الكاتب الجزائري يقدم وجهة نظر واضحة وعملية لمثقف وروائي، تفكير يصفه ب«شخصي ومطلبي وقيم”. فكمال داود، حسب فالس، لا ينطلق من فراغ ودون دلائل، فهو يتحدث عن أمور حقيقية عما يراه وما يحس به وما يعيشه أيضا. حقائق، يقول فالس، درسها طويلا ويصف فيها علاقات الارتباط القوية والتي تمحصها بدقة. ويكمن عمق ما يقدمه، حسب فالس، في أن الكاتب لا يحكي عن شيء نظري بل ينطلق من التجربة، ليضيف أن كمال داود يذهب بعيدا فهو لا يتهم المسلمين بل أيضا يضع الغرب أمام مسؤولياته، فهو أيضا يرفض عنف الغرب ولا ينفي ديناميكية وثراء الشرق. يستميت فالس في الدفاع عن كمال داود مركزا على ما يطلبه وهو أن “لا ننكر خطورة الوقائع السياسية والدينية”؛ وأن نفتح أعيننا على نقاط مهمة وهي “هذه القوى التي تحد من تحرر الأفراد” و«على العنف ضد المرأة” و«التطرف المتنامي في الأحياء” و«على التلقين المذهبي الخبيث للشباب”. ويرى فالس أيضا أن تفكير كمال داود قيم، لأنه يرسم الطريق نحو الأمام، وهو يبين الطريق الذي يجب اتباعه. “التخلي عن كمال داود ليواجه مصيره بمفرده هو التخلي عن أنفسنا”، هكذا يصف فالس موقف بعض الفرنسيين في ختام رسالته “طريق على فرنسا أن تمشي فيه أيضا، بأن نعلم كل من ترك طريق الفكر، بأن المسلم لا يكون بالفطرة إرهابيا، ولا يكون اللاجئ بالفطرة مغتصبا”، مذكرا بمبادئ فرنسا الأساسية “إنها طريق أيضا على فرنسا أن تمشيها بالدفاع عن القيم التي تؤمن بها والتي لن تحيد عنها وهي “حرية أن تكتب وأن تفكر، المساواة بين الرجال والنساء والأخوة واللائكية التي تصنع اتحادنا”. وبهذه المبادئ، يقول فالس، يؤمن كمال داود، لأنها تؤسس لديمقراطيتنا وعصرنتنا وفضائنا العمومي، حيث يمكن فيه النقاش، ونحترم فيه من يأخذ الكلمة، وهذه المبادئ التي يجب أن ندافع عنها بحزم.