كان الحزن شديدا في مثل هذا الأسبوع من السنة الماضية.. ودعت الساحة الفنية “عملاقا” في إبداعه، في تاريخه، وفي بدايته إلى عالم الفن قبل نحو 60 عاما.. رحلة الممثل الجزائري الأكثر تميزا الفنان سيد علي كويرات مع متاعب الحياة انتهت مثل هذا الأسبوع من السنة الماضية عن عمر ناهز 83 سنة، وقد أبكى الخبرُ صفحات الجرائد والمسؤولين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية الذي أبَّن سيد علي كويرات في رسالة خاصة. على مدار عمر السينما الجزائرية، لم يستطع ممثل أن يمد خيط الحرير والذهب بين الجزائر والمشرق، وما قدمه سيد علي كويرات من أعمال هي عبق الإبداع الجزائري الذي سكن أرجاء السينما المصرية عبر العديد من الروائع التي وقعها المخرج الراحل يوسف شاهين، عندما شارك كويرات في فيلم “عودة الابن الضال” عام 1976 من قصة صلاح جاهين، كان يخلد مشهدين، الأول الطابع الملحمي ومشاعر الكفاح والهزيمة، ويضع بصمة جزائرية خاصة إلى جانب شكري سرحان، محمود الملجي، ويمنح تأشيرة للإبداع الجزائري لدخول السينما المصرية في عز مجدها، بأدائه دور والد “تفيدة” التي قامت بتقمص شخصيتها المطربة ماجدة الرومي. الاقتراب من أرشيف سيد علي كويرات اليوم يعني ملامسة ذلك الخيط الذهب بين الدعم الجزائري المالي للسينما المصرية، وتذوق النكهة الإبداعية الخاصة لسيد علي كويرات الذي شارك أولا المخرج أحمد راشدي رائعة “الأفيون والعصا” سنة 1969، والعالمي لخضر حامينا “وقائع سنين الجمر” سنة 1974 الذي نال عليه السعفة الذهبية، ومن جهة أخرى، علاقة يوسف شاهين مع الجزائر التي تعود بداياتها إلى الفترة التي أنجز فيها فيلمه حول النكسة العربية لسنة 1967، وإنتاجه بفضل الوسائل التي وضعتها الجزائر تحت تصرفه، في وقت رفض منتجون كثيرون تمويل أعمال يوسف شاهين. سيرته الفنان الراحل سيد علي من مواليد 3 جانفي 1933 بمدينة الجزائر، عاش فقيرا إلى أن التقى بعميد المسرح الجزائري مصطفى كاتب، ليقف الفنان الراحل أمام محطة فارقة في مساره المهني، حيث دخل بفضله إلى عالم التمثيل، وشارك معه في فرقة القصبة في خمسينيات القرن الماضي، فقد كان سيد علي كويرات فنانا ومجاهدا في نفس الوقت، مدافعا عن الجزائر بكل الطرق منذ أن التحق بالفرقة الفنية لجبهة التحرير، وبعد الاستقلال استمر في رسالته الفنية مع المسرح، حيث عمل بالمسرح الوطني، ثم شارك في عمل تلفزيوني من اقتباس مصطفى بديع لمسرحية أطفال القصبة سنة 1963. وقد ذاع صيته بعد مشاركته في فيلم الأفيون والعصا بعبارة “علي موت واقف”. ويحفل سجل أعمال سيد علي كويرات بالعديد من الأعمال، ما بين المسرحيات والأفلام والمسلسلات الجزائرية والعربية والأجنبية، وكان آخرها فيلم “المشتبه فيهم” 2004.