أفاد علي بن فليس، ريس طلائع الحريات، بأن “النظام السياسي القائم يقدم نفسه على أساس أنه الحصن الوحيد ضد الفوضى، ويزعم أن من دونه ستتعرض الجزائر كدولة وكأمة وكشعب وكمجتمع للطوفان، لذلك لم يعد أمامنا سوى الاختيار بين نظام سياسي يقودنا من إخفاقات إلى إخفاقات أخرى، ومن فرص ضائعة إلى فرص ضائعة أخرى، وبين الطوفان الذي يتوعد به كي يقتل فينا كل إرادة للتغيير”. وأوضح بن فليس، أمس، في تجمع شعبي بتمنراست، أن “النظام السياسي القائم يتهم المعارضة الوطنية بأنها تهديد آخر للبلد، لأنها وبكل بساطة تملك الجرأة للمطالبة بالتغيير الديمقراطي لبلدنا، وهنا أيضا أدعوكم للتفكير الجدي حول السؤال المطروح: كيف يمكن أن تمثل معارضة وطنية شرعية ومسؤولة، تناضل من أجل بديل ديمقراطي توافقي وتدريجي وهادئ، تهديدا للبلد؟”. وخاطب بن فليس مناضليه قائلا: “إن واجب الصدق تجاهكم يفرض عليّ أن أصارحكم القول، بكل وعي ومسؤولية، بأن هذا النظام السياسي القائم، هو فعلا من يشكل أكبر خطر على بلدنا. فهذا النظام هو نفسه صانع أزمة النظام، وهو نفسه صانع الانسداد التام الذي أوصل البلد إليه. هذا النظام نفسه هو المسؤول عن الإخفاق الاقتصادي الرهيب الذي تسبب فيه لبلدنا، رغم الوفرة المالية التي لم يعرف كيف يصونها وكيف يستعملها”. وتابع بن فليس: “على كل واحد منا أن يعلم بأننا الآن، في وطننا، نواجه نظاما لم يعد نظاما، نواجه مؤسسات لم تعد تؤدي مهامها الدستورية، نواجه حكاما لم يعد لهم من الحكم سوى الاسم، وإننا نواجه سلطات فعلية لم تعد أية واحدة منها تقوم بمهامها بمصداقية ومسؤولية وشرعية”، مضيفا: “كل هذا يجعل أمر التغيير أكثر استعجالا، لأن الوقت لم يعد في صالحنا، فالأيام معدودة وكل يوم يمر إلا ويجعل فاتورة التغيير أكثر ثقلا وتكلفة ومعاناة، والتغيير هنا يحبذ أن يتحقق الآن قبل أن يصبح متأخرا جدا”. وتساءل وزير العدل سابقا: “هل كان من الممكن أن يعيش بلدنا هذه الوضعية الفريدة من نوعها في العالم، حيث لم يجتمع مجلس الوزراء منذ أربعة أشهر؟ وهل كان من المعقول أن يضرب بلدنا رقما قياسيا عالميا في البطالة البرلمانية، حيث لم يعتمد ولو قانونا واحدا طيلة هذه الأشهر الأربعة. هل لم يعد هناك أي شيء نقوم به في بلدنا حتى يصبح مجلس الوزراء لا يجتمع والبرلمان لا يشرع؟”. ويقترح بن فليس حزبه “طلائع الحريات” ل«المساهمة في تخليص البلاد من أزماتها، وإننا في الحزب لا نقترح مجرد برنامج سياسي عادي، من أجل جذب الاهتمام لصالحنا وتحقيق الانضمام لصفوفنا ومغازلة القواعد الانتخابية، فلو كان هذا هو مشروعنا لكان مشروعا شعبويا وسياسويا، إن ما نقترحه له حجم وثراء وعمق مشروع مجتمع، لأن ما ينقص الجزائر اليوم هو مشروع مجتمع جامع ومجند”. ويعتقد بن فليس أنه “من دون التواجد المسبق لركيزة العصرنة السياسية، فلا جدوى من الحديث عن ركيزة التجديد الاقتصادي وركيزة الإصلاح الاجتماعي، لأن علة تخلف بلدنا تكمن في نظامه السياسي القديم البالي، ولن يكون في مقدور الجزائر أن تقف من جديد من دون عصرنة هذا النظام السياسي”. وتحدث بن فليس عما يسميه “الآركاييزم السياسي”، الذي هو، حسبه، “مؤسسات لا هي شرعية ولا هي ممثلة من القاعدة إلى القمة، هو تلك الوساطات الزبائنية، العصبية والريعية التي تحل محل الوساطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحقيقية، والتي لا يمكن أن تصدر إلا عن مجتمع مدني نشط ومبتكر وفعال، إن الآركاييزم السياسي هو استعمال الدولة لأغراض خاصة، وهي تلك المؤسسات التي كان من المفروض أن تكون مؤسسات جمهورية، لكنها تخلت طواعية عن ممارسة مهامها الدستورية، لتتحول إلى أجهزة تابعة للنظام السياسي القائم، وفي خدمته الحصرية ومنفذة لأوامره وحده دون سواه”.