سادت حالة من الصدمة والحسرة في أوساط الغاضبين، على الأمين العام الحالي لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، الذي كما يقول هؤلاء، يسير على خطى أسلافه فيما يتعلق ب"الإقصاء" و"الانتقام". في اتصال معه، دعا حسين خلدون، القيادي في الأفالان والمكلف بالإعلام السابق، إلى إقالة ولد عباس من الأمانة العامة والتعجيل بعقد مؤتمر استثنائي من أجل إعادة الحزب إلى "المناضلين الشرفاء وتخليصه من قبضة العابثين به". بالنسبة إلى خلدون، الذي كان الناطق باسم الأفالان بين 2013 و2016، فإن قوائم الترشيحات المعلن عنها، لا تعكس إرادة الهياكل ومؤسسات الحزب، مرجحا "وقوف الجهاز التنفيذي والإدارة وراءها"، ومتهما "ولد عباس بالتواطؤ في السطو على اختيارات المناضلين". وتحدى خلدون الأمين العام الحالي أن يكشف هوية الجهات التي تقف وراء إعداد القوائم الترشيحية، وسمح لنفسه ولها "بخرق القانون الأساسي للحزب والنظام الداخلي". وبرأي خلدون، في تصريح ل"الخبر"، فإن قوائم ولد عباس لا تؤشر على وجود "بصمة هياكل الأفالان، وجرى طبخها خارج أطره ولوائحه، مستغربا وجود أسماء أناس لا يمتون بصلة للحزب ولا أثر لنضالهم فيه"، رافعا التحدي في وجه ولد عباس بأن "ينزل إلى القاعدة ويحاول إقناع المناضلين المحتجين والذين يحرقون مقرات المحافظات في الولايات بقوائمه التي تبشر بنكسة انتخابية غير مسبوقة". وتتقاطع صدمة خلدون مع الشعور السائد لدى حركة تقويم وتأصيل جبهة التحرير الوطني، التي يتولى الإشراف عليها القيادي عبد الكريم عبادة، والتي يشهد لها ولد عباس بانتشارها في القواعد. وفي هذا الصدد، قال عبادة في تصريح ل"الخبر": "كنا نأمل في أن تجسد قوائم الترشيح لحزبنا توجه جمع الشمل، لكنها أكدت لنا ولغيرنا بأنها قوائم لتشتيت الأفالان". وسجل عبادة ب"أسف شديد" انقلاب ولد عباس على تفاهمات أبرمت معه، بأن يفتح الباب أمام الكفاءات المخلصة والنظيفة، التي يزخر بها الأفالان ويجمع بها الشمل، بل راح بالمقابل "يزبر ويقطف رؤوسهم زبرا، من دون أن يترك لهم فرصة للبرهنة على إخلاصهم لمبادئ الحزب الذي هو بحاجة ماسة إلى دماء جديدة أكثر من أي وقت مضى". وأضاف عبادة أن "قوائم ولد عباس لا تترجم التطلعات والآمال التي عبّر عنها المناضلون والإطارات في كثير من المناسبات"، كاشفا النقاب عن "تهرّب" ولد عباس من الاتصالات الكثيرة التي كان يسعى إليها عبادة لكن دون جدوى من أجل – كما أوضح - "لإثراء مجهوده وتنويره وإرشاده إلى إطارات ناجحة، مع العلم بأن ولد عباس كان يدري بأننا لم نكن نسعى لفرض أبناء أو أخوات أو إخوة أو أقاربنا أو أصحاب الشكارة على الترشيحات". واعترف عبادة قائلا: "تلقيت صدمة عنيفة من موقف ولد عباس ومن يقف وراءه، عندما اطلعت على أسماء متصدري القوائم، وكيف تم إقصاء الكثير من الإطارات في كل الولايات"، مقدرا أنه "تأكد لنا بما لا يترك أي شك أن حزبنا يعاني من الفكر الإقصائي والانتقامي، لفائدة نزوات وعلاقات شخصية وولاء لأشخاص ول(الشكارة) التي هي المعيار في الترشيح". ويتهم الغاضبون في الأفالان، وخاصة أولئك المحسوبين على الأمين العام السابق، عبد العزيز بلخادم، ولد عباس بممارسة السلطة بطريقة خاطئة تهدف إلى تكريس الفرقة داخل الحزب، وبناء ولاءات وتنسيقات لا تمت للعمل الحزبي بأي صلة. وكان بلخادم قد هاجم ولد عباس، الذي صرح في أكثر من مرة أن أبواب الحوار مفتوحة لكل القيادات، بالقول "إن صنع القماش الجديد لا يكون بما بقي من ثياب قديمة"، في إشارة إلى عدم قدرة ولد عباس على جمع شمل الحزب وتصحيح أوضاعه، مقترحا في الوقت ذاته تنصيب هيئة قيادية داخل الحزب من أجل تسيير مرحلة انتقالية. وتشير أول المعطيات إلى وجود "قناعة" عند الغاضبين على ولد عباس وسلفه عمار سعداني بضرورة إنقاذ الحزب العتيد، الذي قد يقع في أكبر انتكاسة، بسبب قرارات ولد عباس أو "الجهات" التي "تصرفت في قوائم الترشيح بعيدا عن تطلعات القاعدة". وفي هذا الصدد، أكد عبد الكريم عبادة بأن حركته تنتظر النشر الرسمي لقوائم الأفالان وإعلانها، لاتخاذ "ردود الفعل المناسبة"، مبديا استعداده لمواصلة النضال لإعادة الاعتبار للحزب حتى يعود إلى "أهله الأوفياء المخلصين".