أدانت منظمة العفو الدولية اليوم إجراءات الحصار والمقاطعة التي اتخذتها كل من السعودية والإماراتوالبحرين ضد دولة قطر والتي "أدت إلى انفصال العائلات عن بعضها البعض وتدمير حياة المواطنين والعملية التعليمية". وقالت إن هذه الدول الثلاث "تعبث بحياة آلاف المواطنين في منطقة الخليج بسبب خلافهم الدبلوماسي مع دولة قطر". وقال جيمس لينش نائب مدير برنامج القضايا العالمية التابع لمنظمة العفو الدولية إنه "بالنسبة لآلاف الأشخاص عبر منطقة الخليج فإن أثر القرارات والخطوات التي تم اتخاذها وفرضها ضد دولة قطر في أعقاب الخلاف الدبلوماسي يسبب المعاناة والحسرة والخوف".
وأضاف لينش الذي زار قطر للاطلاع عن كثب على آثار هذه الإجراءات على حياة المتضررين منها إن "هذه الإجراءات الجذرية لها أثر وحشي فقد تسببت في انفصال الأطفال عن آبائهم والأزواج عن زوجاتهم"، مشيرا إلى أن "المواطنين في جميع أنحاء المنطقة بما في ذلك قطر والدول التي فرضت تلك الإجراءات باتوا يواجهون مخاطر جمة منها فقدان وظائفهم وتعطل حركة التعليم". وأكد أنه "يجب على جميع الدول المتورطة في هذا الخلاف ضمان ألا تؤدي أفعالهم لانتهاكات في مجال حقوق الإنسان".
وقالت المنظمة إنه على الرغم من عدم تبنيها وجهة نظر محددة أو منحازة حول الخلاف السياسي نفسه إلا أنها قلقة للغاية من الأثر المحتمل لبعض الخطوات والإجراءات التي اتخذت على حقوق حياة الأسر والعائلات في المنطقة لا سيما في مجال التعليم. ونوهت المنظمة بخطورة وتداعيات بعض الإجراءات التي اتخذتها السعودية والإماراتوالبحرين على حق حرية التعبير في منطقة الخليج خاصة تهديد الدول الثلاث بمعاقبة أي مواطن يعبر عن تعاطفه مع دولة قطر أو يجرؤ على انتقاد الإجراءات التي تم اتخاذها من قبلهم ضد قطر. وذكرت المنظمة أن علاقات كثير من الأشخاص ببعضهم البعض أصبحت في خطر كبير مضيفة أنها وثقت عدة حالات انفصل فيها الآباء والأطفال والزوجات عن بعضهم البعض وتقطعت بهم السبل.
وفي إحدى الحالات التي وثقتها المنظمة تم رفض دخول مواطن قطري كان يعيش في الإمارات مع أسرته منذ أكثر من 10 سنوات إلى دبي وتم إعادته إلى الدوحة وذلك عقب الإعلان عن قطع العلاقات الدبلوماسية في 5 يونيو الجاري، موضحة أن زوجة هذا المواطن إماراتية الجنسية وبناء عليه فقد تم منعها هي الأخرى من قبل سلطات الإمارات من السفر إلى قطر في حين أن الأطفال قطريو الجنسية ومن ثم باتوا مطالبين بمغادرة الإمارات.
وتقول المنظمة إن هذا المواطن أضحى الآن منفصلا عن أسرته ولا يعلم حتى متى سيراهم مرة أخرى. وقد وصف المواطن الذي لم تذكر المنظمة اسمه لمنظمة العفو الدولية كيف أن زوجته ناشدت أحد الموظفين المسؤولين في الإمارات لرؤية زوجها لمرة واحدة أخيرة ولكن الموظف قال لها "لا يمكن ما من طريقة... فقط عودي".
كما عبر المواطن القطري عن مخاوفه من أن صاحب عمله في الإمارات قد يفصله من وظيفته حيث أنه بات بغير إمكانه العودة للإمارات مرة أخرى بسبب جنسيته القطرية. وفي حالة أخرى قال مواطن سعودي يعيش في الدوحة مع زوجته القطرية لمنظمة العفو الدولية إنه لم يعد قادرا على زيارة والدته المريضة في أحد المستشفيات في السعودية لأنه إذا سافر إلى هناك لن يكون قادرا على العودة مرة أخرى إلى قطر ليكون مع زوجته وأطفاله. وقال المواطن السعودي "إذا ذهبت إلى بلدي لن أرى زوجتي مرة أخرى.. وإذا بقيت في قطر لن أرى والدتي".
وفي حالة ثالثة قالت امرأة قطرية متزوجة حديثا إنها كانت تمضي في إجراءات انتقالها إلى البحرين للعيش مع زوجها البحريني الجنسية حين تم الإعلان عن الإجراءات الجديدة وتم البدء في تنفيذها فورا. وأضافت المرأة القطرية "لقد كنت سعيدة للغاية بالزواج العام الماضي وقبل فرض الحظر كنت أبحث عن عمل في البحرين وكنت أذهب إلى هناك كل عطلة أسبوع لرؤية زوجي وأسرتي وبيتي".. متسائلة "كيف لم يفكروا في المواطنين حين اتخذوا هذا القرار؟".
كما قامت منظمة العفو الدولية بعمل عدة لقاءات وحوارات مع طلاب قطريين عدة بات القلق يخيم عليهم بسبب عدم قدرتهم على مواصلة التعليم في الإماراتوالبحرين.
وقالت إحدى الطالبات إن جميع صفوفها الدراسية في الإمارات ألغيت لباقي هذا العام عقب تنفيذ قرار حظر الدخول فورا. وتقول منظمة العفو الدولية إن سلطة الدولة في تنظيم وتقييد حركة الهجرة مقيدة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان ولا يمكن تبرير الاختلافات في المعاملة بين فئات مختلفة من غير المواطنين إلا إذا كانت ضرورية لتحقيق هدف مشروع.
مضيفة أن التقسيم التعسفي للأسر كجزء من سياسات الهجرة ينتهك الحق في الحياة الأسرية. كما نددت المنظمة بقرار السعودية والإماراتوالبحرين بمعاقبة أي مواطن "بعقوبات صارمة" حال إعرابه عن تعاطفه أو دعمه لقطر عقب القرارات الأخيرة. وقال جيمس لينش "إن البيانات التي أصدرتها حكومات الدول الثلاث والتي لديها سجل في قمع التعبير السلمي هي محاولة صارخة لإسكات منتقدي هذه السياسات التعسفية ومن شأن مقاضاة أي شخص على هذا الأساس أن يشكل انتهاكا واضحا للحق في حرية التعبير ولا ينبغي معاقبة أي شخص يعبر عن آرائه بصورة سلمية أو ينتقد قرارا حكوميا".
كما أعربت المنظمة عن مخاوفها بشأن العمال المهاجرين الموظفين من قبل مواطنين قطريين لرعاية ممتلكاتهم في السعودية قائلة إنهم قد يجدون أنفسهم عالقين وغير قادرين على العودة إلى قطر حيث لديهم تصاريح إقامة وقد يصبحون أيضا معرضين لخطر الاستغلال أو الاعتقال والترحيل.
وذكرت المنظمة أنه يجب على السعودية ودول الخليج الأخرى حماية أي عامل يوظفه مواطن قطري بما في ذلك تسهيل طريق العودة الآمنة لأولئك الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم الأصلية أو مساعدة الذين يرغبون في العودة إلى قطر. وقال لينش "إن الخلافات السياسية بين الدول يجب أن تعالج بطريقة تحترم حقوق الإنسان ولا يمكن أن يكون هناك أي مبرر لتمزيق الأسر وقمع حق التعبير السلمي وترك العمال المهاجرين مهجورين.