عن الحرية، تتكلم الأصوات التي يجب أن تصمت، وتسكت الأخرى التي يجب أن تتكلم.. أصبحت الدول المستبدة تضع مخططات الديمقراطية داخل أراضيها لتشيدها خارج أقاليمها، وتطبقها على شعوب غير مواطنيها.. يتحدث البعض عن حقوق الإنسان في الوثائق والدساتير، ويتغنون بها في المحافل العالمية، والمؤتمرات الدولية، وكأنها في عالم افتراضي، لا واقع لها على الإطلاق داخل محمياتهم.. يخلعون هؤلاء الأمراء والملوك بدلة العدالة عندما يجلسون على عروشهم، ويكتسون هذه الحلة عندما يظهرون أمام الكاميرات وعلى الشاشات والفضائيات، وعندما يقدمون عروضهم البهلوانية في المشاهد السياسية داخل قبب المنتديات الدبلوماسية، وهيئة الأممالمتحدة.. تدعي بعض الدول الخليجية أنها المدافعة عن حقوق الإنسان، وتتبنى، ويا ليتها ما فعلت، حرية الرأي، وتعتبر نفسها جنة العدالة في الأرض. لقد ذكرت منظمة، هيومن رايتس ووتش، أن الإمارات العربية المتحدة تغامر، كدولة، بتبني التفتح السياسي، وتجازف بصورتها الدولية إذا استمرت في انتهاك حقوق مواطنيها بالطريقة التي تفرضها على رقابة الحريات، حيث أعلنت هذه المنظمة في تقريرها العالمي لهذه السنة، أن حلفاء الدولة الخليجية ومنهم الولاياتالمتحدة، امتنعوا عن الانتقاد العلني للحملة التي تشنها حكومة الإمارات العربية المتحدة على حرية التعبير، وقمع منظمات المجتمع المدني، ونقل موقع المنظمة المستقلة المدافعة عن حقوق الإنسان على لسان، سارة ويتسون، مديرة هيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط، أنه إذا استمرت الإمارات العربية المتحدة في انتهاك حقوق الإنسان الأساسية وقوانين الحظر الدولية الأساسية فسيضر هذا بصورتها بقوة، وحرصت دولة الإمارات التي تفادت الاضطرابات التي انتشرت في المنطقة خلال الفترة الأخيرة، من خلال إلقاء القبض على العديد من الأشخاص بتهم تتفاوت من تهديد الأمن الوطني إلى اهانة الأسرة الحاكمة. كما اعتقلت في السنة الماضية نشطين كانوا يطالبون بإصلاحات. ومن جهة أخرى، كيف تدعي قطر التي تدعم الثوار في كل مكان لنزع الحرية من أنظمتهم، ويشجعون الدول الأخرى للتعبير عن آرائهم، وفي المقابل لا تقوم هذه الدولة بأبسط ممارسات الديمقراطية؟ حيث قامت السلطات القطرية بالقبض على شاعر قطري، محمد بن الذيب العجمي، بسبب قصيدة شعر عبر فيها عن رأيه لا أكثر، حيث صدر ضده حكم بالسجن المؤبد. وفي مطلع السنة السابقة اعتقل مواطنا يدعى سالم الكراري لمدة شهرين وتم تعذيبه وقهره بمجرد كلمة حق قلها في نقد النظام الحاكم؟ حيث قامت الحكومة القطرية بإلقاء القبض على هذا المواطن دون إجراءات قضائية، ودون أن يمنح فرصة الطعن في قانونية الإجراءات التي اتخذت ضده، مما يجعل احتجازه إجراء تعسفياً يشكل انتهاكا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إن معظم دول الخليج، باستثناء دولة الكويت، لم تكن يوما نموذجا للحريات، ولقد تصدرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها حول أوضاع حقوق الإنسان، أن شعوب منطقة الشرق الأوسط على نحو خاص شهدت في الفترة الأخيرة خرقات لحقوق الإنسان لم يشهد لها مثيل خاصة الدول التي تمارس، الديمقراطية شو، وكوميديا حرية الرأي على القنوات الفضائية، مثل الإمارات العربية، وقطر، والبحرين، وغيرهم، حيث يظهر على العيان أن هذه الدول تساهم في ترسيخ ثقافة احترام الحريات العامة والحد من بطش الأنظمة الاستبدادية، وهي من تقوم بذلك تحت الكواليس، فتنتهك قانونها ودستورها من خلال الاستمرار في عمليات التعسف، وأنها تناقض بذلك الصورة التي تحاول رسمها عن نفسها بأنها بلد داعم للديمقراطية وحقوق الإنسان، فيسقط التجلي عن مزاعم هذه الدول بدعم الحريات وينكشف الوجه الحقيقي لها.