تضمن مرسوم رئاسي، صدر في العدد الأخير بالجريدة الرسمية، أن اتفاقيات تعاون قضائي بين فرنسا والجزائر في المجال الجزائي والمصرفي دخلت حيز التنفيذ، وتسمح بتوسيع التعاون القضائي في جميع الإجراءات المتعلقة بالجرائم التي تختص بها السلطات القضائية للدولتين المتفقتين، أثناء تقديم طلب التعاون. ويمكن لطرفي الاتفاقية طلب معلومات في المجال المصرفي، في أقرب الآجال، أياّ كانت طبيعتها وطبيعة من يحوزها أو يراقبها، لدى أي بنك يوجد في إقليمه شخص طبيعي أو معنوي محل تحقيق جزائي لدى الطرف الطالب. ويقدم الطرف المطلوب منه التعاون معلومات متعلقة بحسابات بنكية محددة، والعمليات البنكية المنجزة، خلال فترة معينة، على حساب أو عدة حسابات مذكورة في الطلب، بما فيه المعلومات المتعلقة بأي حساب مصدر أو متلقي. ويتتبع الطرف المطلوب منه التعاون خلال فترة معينة، العمليات البنكية المنجزة على حساب أو عدة حسابات محددة في طلب الدولة التي تريد التعاون الجزائي، مع إشعارها بالنتائج ومع ترك الطرق العملية لهذه المتابعة على عاتق السلطات القضائية للطرفين. ويتم تقديم المعلومات، حتى وإن كانت حسابات تحوزها كيانات تعمل لحساب آلية لتسيير ممتلكات محددة، غير معروفة هوية الأشخاص المؤسسين لها أو المستفيدين منها، وهنا يتخذ الطرف المطلوب منه التعاون التدابير الضرورية لكي لا تقوم البنوك بإخبار الزبون المعني أو الغير بأنه تم تزويد الطرف الطالب بالمعلومات. وتسمح الاتفاقية بإرجاع عائدات ووسائل الجريمة إلى الطرف الطالب، لاسيما من أجل تعويض الضحايا أو ردها إلى المالك الشرعي. وعلى صعيد السرية البنكية، تضمنت الاتفاقية أنه لا يتحجج الطرف المُراد منه التعاون بالسرية البنكية لرفض تنفيذ طلب تعاون. كما يجوز للطرف المطلوب منه التعاون تأجيل التعاون إذا كان تنفيذ الطلب من شأنه عرقلة تحقيق أو متابعات جارية في إقليمه. وإذا لم يستجب الطرف المطلوب منه التعاون كليا أو جزئيا لطلب التعاون أو أجل تنفيذه، يعلم الطرف الطالب بذلك كتابة مع تحديد الأسباب. ويتيح الاتفاق السماع بواسطة المحاضرات المرئية إذا تبيّنت ضرورة سماع شخص يوجد بإقليم أحد الطرفين، كشاهد أو خبير أو طرف مدني، أمام السلطات القضائية للطرف الآخر، يمكن الطرفين الاتفاق على سماعه عن طريق المحاضرات المرئية، على ألاّ يكون اللجوء إلى هذه الوسيلة مخالفا لتشريعهما وشرط أن تتوفر لدى كل طرف الوسائل التقنية للقيام بذلك. هذا التعاون بين الدولتين يسمح بجمع وتسيير وتسليم الأدلة والعقود القضائية كالشهادات والتصريحات والخبرات، وكذا إمكانية تقديم وثائق أصلية أو نسخ مطابقة للأصل عنها ونسخ عن الأحكام والقرارات للطرف الآخر، إلى جانب إتاحة تحديد مكان أو هوية الأشخاص، والتحويل المؤقت للأشخاص المحبوسين لأغراض التعاون القضائي وتنفيذ طلبات التفتيش. ويسمح الاتفاق بالتعرف على عائدات أو وسائل الجريمة، وتحديد مكانها وتجميدها وحجزها أو أي تدابير تحفظية أخرى، ناهيك عن تنفيذ قرارات المصادرة واسترداد الأموال، مع احترام القواعد الدستورية. ولا يمكن، بحسب المرسوم، أن تطبق الاتفاقية على تنفيذ قرارات توقيف أو تسليم المجرمين، تنفيذ، عند الطرف المطلوب منه التعاون، لحكم إدانة صادر في الطرف الطالب، باستثناء ما يتعلق بتنفيذ قرارات المصادرة، تحويل الشخص المدان لغرض تنفيذ عقوبة سالبة للحرية، إضافة إلى الجرائم ذات الطبيعة العسكرية المحضة. ويتيح القانون التحويل المؤقت للأشخاص المحبوسين من الطرف المطلوب منه التعاون إلى الطرف الطالب، حيث يتم مؤقتا تحويل كل شخص محبوس يطلب مثول الشخص كشاهد بغرض المواجهة في قضية أخرى لدى الطرف الطالب إلى الإقليم الذي يتم فيه سماعه، شرط موافقته الكتابية على ذلك وإرجاعه خلال الأجل المحدد من قبل الطرف المطلوب منه التعاون. وتنص المادة 3 من الاتفاقية، على أنه لا يجوز رفض التعاون في المجال الجزائي، كليا أو جزئيا، إلاّ لأحد الأسباب الآتية: إذا كان الطلب يتعلق بجرائم يعتبرها الطرف المطلوب منه التعاون إما جرائم سياسية أو جرائم مرتبطة بجرائم سياسية، إذا اعتبر الطرف المطلوب منه التعاون أن تنفيذ الطلب من شأنه المساس بسيادة أو بأمن أو بالنظام العام أو بمصالح أساسية أخرى لبلده، إذا كان الطلب يرمي إلى إجراء مصادرة وكانت الأفعال التي أدت إلى الطلب لا تشكل جريمة تسمح بالمصادرة حسب تشريع الطرف المطلوب منه التعاون، أو لا تشكل جريمة حسب تشريع أحد الطرفين.