حرّم الإسلام الغشّ ونهى عنه في كلّ وقت وفي جميع الأحوال، سواء أتعلّق الأمر بالتّجارة أو كان في العلم والمعاملات الاجتماعية وغير ذلك، بنصّ سُنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال عليه الصّلاة والسّلام: ”مَن غشّنا فليس منّا” أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرج عنه أيضًا ”مَن غشّ فليس منّي”، وفي شهر رمضان أكثر حرمة، فهو شهر مراقبة الله تعالى وتقواه. اهتمّ ديننا الحنيف ببيان أضرار الغشّ والسّلوكات المنحرفة الّتي تتّبعه، وحاربها وحذّر من اتّخاذها سبيلاً ينال بها الإنسان حقًا ليس له أو لإشاعة الفساد بين النّاس وأكل أموالهم بالباطل. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”مَن غشّنَا فليس منّا” أي أنّ صفة الغشّ لا تكون في المسلم أبدًا، وما ذلك إلاّ لخطورة الغشّ وفداحة آثاره وتداعياته على مستوى الأفراد والمجتمعات. ورغم أنّ الصّيام لا يؤثّر عليه الغشّ من حيث الصحّة والبُطلان، لكنّه قد ينقص أجر الصّائم. لذا، فالواجب على مَن فعل ذلك أن يُبادِر إلى التّوبة، والحذر من الوقوع في ذلك المستقبل، لاسيما أنّ الصّيام حماية من الوقوع في المعاصي. ويفترض أن تَعُمّ السلوكات السوية في شهر رمضان أكثر من أيّ فترة أخرى، سواء أتعلّق الأمر بامتحانات نهاية السنة أو البكالوريا، أو بجانب المعاملات التجارية حيث تكثر السلوكات غير الأخلاقية في الأسواق من تطفيف الميزان والغش في البضاعة والاحتكار وغير ذلك. وهناك ألوان كثيرة للغشّ محرّمة في الإسلام، ولعلّ أكثرها ما يرتبط بأعمال التجارة والبيع والشّراء. ففي حين أنّ العمل وطلب الرّزق يُعدّ من أهمّ الأشياء الّتي حثّ عليها ديننا الحنيف، حيث قال الله تعالى: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ}، وقوله عزّ وجلّ أيضًا: {وَيْلٌ لِلْمُطَفَّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وِإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}. وما دُمنا في شهر الصّيام، فمن المفروض أن يليق بالمسلم أن يكون محافظًا على صيامه؛ لأنّ الإسلام لا يرضى لمجتمعاته أن يتعامل النّاس فيها بالغشّ والمكر والخديعة والنّوايا الخبيثة ولسان حالهم يقول ”غشّهم قبل أن يغشّوك واخدعهم قبل أن يخدعوك واكذب عليهم قبل أن يكذبوا عليك”، و”لا تشذّ وافعل كما يفعل جميع النّاس”. إنّ هذه السّلوكات الخطيرة وثقافة الغشّ والخديعة المنتشرة في أوساطنا حرّمها الإسلام جملة وتفصيلاً، وحذّر من مخاطرها على سلامة المجتمعات المسلمة وتهديد أركانها وقيمها، كما أنّ الغشّ منذر بزوال الأمم والحضارات كونها لا تلتزم بالفطرة القائمة على الصِّدق والصّراحة والنّصيحة والطّهارة، سواء أكان ذلك بين المسلمين بعضهم بعضًا أو بينهم وبين غيرهم من الأقوام الآخرين من غير المسلمين. ولم يورد لنا التّاريخ أنّ مجتمعًا أو حضارة ظلّت مستمرّة في البقاء والعطاء وهي قائمة على الغشّ والخديعة والكذب. لذلك فإنّ الابتعاد عن الغشّ في جميع معاملاتنا التّجارية والاجتماعية والأخلاقية أسلوب حضاري ومدني مطلوب ونهانَا عنه ديننا الحنيف، لأنّ الإسلام هو دين المعاملة والصّدق والأخلاق في التّجارة والتعاملات اليومية، خاصة إذا كنّا صائمين أو غير صائمين أردنا حقًا أن يكون شهر رمضان هو شهر المرحمة والتّكافل والتّعاون والنّصيحة والمحبّة. إمام مسجد الهدى – وادي سوف