بعد أن كانت الحكومة تردد في كل مرة أن وضعية صندوق التقاعد أصبحت كارثية وأن العجز أضحى هيكليا ومزمنا، وبعد أن عجز هذا الأخير عن تغطية معاشات المتقاعدين من الجزائريين لولا تدخل خزينة الدولة وضخها مبالغ معتبرة لإنقاذ الصندوق من إفلاس محتوم، جاءت الخرجة الأخيرة لوزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، مراد زمالي، أمام لجنة المالية والميزانية للبرلمان لتخلط جميع الحسابات وتجعل الحكومة تدخل في تناقضات مع نفسها بالإعلان عن زيادات استثنائية في المعاشات، مع إعادة تثمين أخرى لمنح التقاعد لنظام الأجراء وغير الأجراء، بموجب الاعتمادات المالية المخصصة للقطاع في قانون المالية لسنة 2019. في ظل هذه التناقضات، هل يفهم من جملة الإجراءات الجديدة المعلن عنها بصورة مسبقة أنها ورقة جديدة لشراء السلم الاجتماعي استعدادا للاستحقاقات الرئاسية المقبلة ل2019، مثلها مثل حجم التحويلات الاجتماعية التي ارتفعت في القانون نفسه إلى 1763 مليار دينار مقابل 1760 مليار دينار في قانون المالية التكميلي لسنة 2018، والأموال المخصصة لإعادة دعم مشاريع الشباب في إطار "أونساج" و"كناك"؟ وأعلن وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، مراد زمالي، في لقائه الأسبوع الماضي مع لجنة المالية والميزانية بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2019، عن زيادة استثنائية مقدرة ب5 بالمائة على المعاشات ومنح التقاعد من نظام الأجراء وغير الأجراء، مع إعادة تثمين استثنائي للمعاشات كان لا يعلن عنه سابقا إلا بحلول شهر ماي من كل سنة. وجاءت تصريحات الوزير متناقضة، فبعد أن أكد على استمرار تسجيل الاختلالات المالية التي مست خاصة فرع التقاعد، بالنظر إلى ارتفاع نفقاته مقارنة بمستوى إيراداته الناتجة عن اشتراكات الضمان الاجتماعي، عاد ليتحدث عن الاعتمادات المالية التي خصصتها الدولة بعنوان نفقات التضامن المرصودة لسنة 2019، والتي قدرت ب97,539 مليار دينار، مشيرا إلى أن هذه الأموال ستتكفل بالمنح والمعاشات الصغيرة باعتمادات زيادات جديدة في المعاشات ومنح التقاعد، ويتعلق الأمر بالاستفادة من علاوة تكميلية شهرية لأصحاب معاشات التقاعد وأصحاب معاشات العجز، وعلاوة تكميلية شهرية لفائدة أصحاب منح التقاعد، زيادة على زيادة استثنائية ب5 بالمائة على المعاشات ومنح التقاعد من نظام الأجراء وغير الأجراء وإعادة تثمين استثنائي للمعاشات ومنح التقاعد، وأخيرا الاستفادة من التكميلي التفاضلي لفائدة أصحاب معاشات العجز. كل هذه الإجراءات والتدابير التي استحسنتها فئة المتقاعدين، بعد أن كانت تتخوف من انقطاع صندوق التقاعد عن صب معاشاتها، تم اعتمادها والصندوق يسجل، حسب الأرقام المقدمة من المسؤول الأول عن قطاع الضمان الاجتماعي، عجزا هاما "ما فتئ يتطور بشكل متزايد، فقد قدر سنة 2014 ب155,1 مليار دينار، ووصل إلى 336,8 مليار دينار سنة 2016، ليرتفع إلى 479,1 مليار دينار سنة 2017". للتذكير، فإن خزينة الدولة ضخت في إطار اعتماد استثنائي ما قيمته 500 مليار دينار سنة 2018 في إطار المحافظة على توازنات منظومة الضمان الاجتماعي، ما مكن من ضمان دفع المنح والمعاشات الخاصة بالمتقاعدين. على صعيد آخر، جاء مشروع قانون المالية ل2019 بتدبير جديد بالنسبة للمؤسسات الصغيرة التي تم استحداثها، فقد تم تخصيص غلاف مالي يقدر ب27 مليار دينار لفائدة الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، في شكل قروض دون فائدة موجهة لاستحداث 19 ألف مشروع جديد، قصد المساهمة في النمو الاقتصادي وإحداث 38 ألف منصب جديد عند بداية النشاط.