مثلت الوضعية المالية المقلقة والحرجة التي يعيشها العملاق الصناعي ”أس أن في يي” (سوناكوم) سابقا، أهم النقاط التي نوقشت خلال اجتماع مجلس مساهمات الدولة الأخير المنعقد شهر جانفي، إلى جانب المديونية الكبيرة للشركات العمومية والتي أصبحت تمثل عبئا ثقيلا على كاهل الدولة في غياب موارد مالية إضافية للاستمرار في عمليات تطهيرها، من غير اللجوء إلى ضخ أموال التمويل غير التقليدي من البنك المركزي. وكان المجمع قد شهد خلال الأشهر الأخيرة موجة احتجاجات عمالية كبيرة، طالب العمال من خلالها بتسوية الوضعية المالية للمؤسسة بمسح ديونها وإعادة هيكلتها، حفاظا على مناصب الشغل. علمت ”الخبر” التي اطلعت على آخر تقرير لمجلس مساهمات الدولة، أن المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية ”أس أن في يي” مهددة بالإفلاس في حال عدم الإسراع في تطبيق مجمل التدابير الاستعجالية التي اقترحتها الوزارة الوصية على الوزارة الأولى لإنقاذ الشركة الوطنية من زوال محتوم، رغم حيازتها على مستحقات لدى الشركات العمومية تجاوزت ال10 ملايير دينار. وأرجع المشاركون في اجتماع مجلس مساهمات الدولة، الوضعية المالية الحرجة التي يعيشها المجمع خلال السنوات الأخيرة، بالدرجة الأولى، إلى القرار الأخير الذي اتخذه بنكها الرئيسي المتمثل في البنك الوطني الجزائري، بتجميد حساباته وهو عامل تسبب في فشل تجسيد العديد من مخططات إنعاش وبعث المجمع. مستحقات الشركة ترتفع إلى أكثر من 10 ملايير دينار في 2018 ويشير التقرير المالي حول الوضعية المالية التي آلت إليها المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية، إلى أن الحسابات البنكية الخاصة بفروع الشركة والشركة الأم تبقى في مجملها مدينة، ما نتج عنه حالة انسداد في دفع الأجور والأعباء الجبائية وشبه جبائية، زيادة على استهلاك الرأس المال العامل المقدم من طرف البنك الوطني الجزائري وذلك بنسبة 8 في المائة، في إطار تمويل برنامج ألفي حافلة صغيرة مخصصة للنقل المدرسي مع استخدام خط ائتمان للاستغلال. وتعاني الشركة الوطنية من مشاكل مالية، في ظل عجزها عن تحصيل مستحقات لها لدى المؤسسات والشركات العمومية، لم تتمكن من استردادها أو استرجاعها، بلغت قيمتها في 2018، ما تجاوز 10,66 مليار دينار. على صعيد آخر، تشير أرقام مجلس مساهمات الدولة إلى عدم تمكن البنوك المتكتلة بمعية البنك الوطني الجزائري وهي القرض الشعبي الجزائري وبنك الفلاحة والتنمية الريفية والبنك الخارجي الجزائري والصندوق الوطني للتوفير والاحتياط من تجنيد الموارد المالية المطلوبة في الآجال المحددة لتجسيد مخطط التطوير التابع للشركة والذي بلغت قيمته 91 مليار دينار، ما ترتب عنه تأخر في الإنجاز وأعباء وتكاليف إضافية على العمولات الخاصة بالتسيير بمعدل 0.25 في المائة على الرصيد غير المستخدم. ومما زاد من تفاقم وضعية الشركة، قرار السلطات الجمركية بعدم السماح للمؤسسة بالاستفادة من مزايا الإعفاء من الرسوم الجمركية المرتبط بمخطط التركيب لصناعة المركبات الصناعية، ما انجرّ عنه توترا اجتماعيا في أوساط العمال القلقين على مستقبل المؤسسة الوطنية. على صعيد آخر، اقترحت وزارة الصناعة في اجتماع مجلس المساهمة، العديد من الإجراءات التي صنفتها في خانة المستعجلة من أجل إنقاذ المؤسسة من الإفلاس ومن أهمها الترخيص للبنك الوطني الجزائري بمنح موارد مالية مخصصة للتشغيل برسم عام 2019 على شكل قروض بنكية بقيمة 6.72 مليار دينار أو ما يمثل 60 في المائة من المستحقات التي يحوزها المجمع. كما دعت الوزارة الوصية إلى تجميد لمدة سنتين للديون المدفوعة من طرف المؤسسة لتسديد القروض الممنوحة لها من قبل السلطات العمومية للمؤسسة العمومية الاقتصادية والمؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية، في إطار مخططها الاستعجالي الذي بلغت قيمته 17.360 مليار دينار، إلى جانب تجميد ديونها المترتبة عن عملية إعادة جدولة ديونها والمقدرة ب19.067 مليار دينار، وذلك على شكل قرض متوسط الأجل لسبع سنوات مع إعفاء لمدة سنتين ونسبة فائدة ب3.25 في المائة والمبالغ غير المسددة المسجلة إلى غاية نهاية شهر أكتوبر 2018 والتي بلغت 13.582 مليار دينار والخصم من الحساب بقيمة 2.646 مليار دينار.