ضبطت مديرية الحملة الانتخابية للمترشح المنتظر، عبد العزيز بوتفليقة، تشكيلتها الكاملة المكونة من وزراء سابقين وشخصيات حزبية بقيادة الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال. ويُرجّح أعضاء في مديرية الحملة أن يكون إعلان الترشح في واحد من تاريخين يمثلان مناسبتين وطنيتين في شهر فيفري. تعقد مديرية حملة بوتفليقة أول اجتماع لها، اليوم، بمشاركة ممثلين عن أحزاب التحالف الرئاسي، وذلك للاتفاق على الخطوط العريضة لمخطط الحملة الانتخابية لمرشحها الذي لم يعلن عن نفسه بعد، وينتظر أن يكون ذلك إما في يوم الشهيد في 18 فيفري أو في ذكرى تأميم المحروقات في 24 فيفري، وهما مناسبتان دأب الرئيس بوتفليقة، في كل سنة، على أن يوجه فيهما رسالة إلى الجزائريين للحديث عن مواضيع متفرقة، خاصة بعد سنة 2013 التي لم يعد قادرا فيها على مخاطبة الجزائريين مباشرة، وأصبح يعتمد كليا على مثل هذه المناسبات في تمرير رسائل الرئاسة. ويأتي هذا الاجتماع بعد أن تم وضع الطاقم النهائي الذي سيدير الحملة الانتخابية، في انتظار تعيين الممثلين في الولايات. وتضم تشكيلة مديرية الحملة، وفق مصادر "الخبر"، مصطفى كريم رحيال، مسؤولا عن التنظيم، والوزيرين السابقين رشيد حراوبية وعمار تو لإدارة التجمعات الشعبية، كما يوجد ضمنها رئيس الحركة الشعبية الجزائرية والوزير السابق، عمارة بن يونس، بصفته مسؤولا عن الإعلام، يساعده في ذلك كل من حمراوي حبيب شوقي، المدير السابق للتلفزيون، وبلقاسم ملاح، كاتب الدولة السابق. كما تم تكليف نبيل يحياوي، القيادي في حزب تاج، ومعاذ بوذن، عضو المكتب الوطني السابق في الأرندي، بمهمة إدارة الشباب والجمعيات في الحملة. واللافت أن هذه التشكيلة تضم في أغلبها شخصيات محسوبة على الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، الذي سيقود كعادته حملة الرئيس بوتفليقة. ومن بين هؤلاء يوجد مصطفى كريم رحيال الذي كان رئيس ديوانه برتبة وزير، وكذلك بلقاسم ملاح الذي كان مسؤولا عن الإعلام بالحكومة في زمنه أيضا. لكن في المقابل، وُضع لسلال على رأس إعلام الحملة عمارة بن يونس الذي سبق أن حمّله مسؤولية خروجه من الحكومة وانتقده بشكل لاذع علنيا، وذلك في محاولة لإعطاء نوع من التوازن لقيادة الحملة الانتخابية، حتى تضم أكبر تمثيل لمساندي الرئيس بوتفليقة. وما يثير الانتباه أيضا في هذا الطاقم خلوه من المحسوبين على الوزير الأول الحالي، أحمد أويحيى، الذي أعلن قبل أيام أنه لن يكون ضمن طاقم الحملة وسيكتفي بمهامه في الحكومة، وحتى بلقاسم ملاح ومعاذ بوذن اللذان ينتميان إلى الأرندي هما أقرب إلى سلال منهما إلى أويحيى بعد إبعادهما من كل المناصب القيادية. وينتظر أن يدافع الأرندي، اليوم، عن حضوره في إدارة الحملة وتوزيع المهام في الولايات، عبر ممثله خالدي بومدين الذي يشغل عضوية المكتب الوطني للحزب. ولم يتأكد بعد، وفق مصادر "الخبر"، أن يكون عبد الحكيم بطاش، رئيس بلدية الجزائر الوسطى، مسؤولا عن الحملة في العاصمة، وهو منصب كان من نصيب الأرندي في الانتخابات الماضية عبر النائب صديق شهاب. ووفق المعلومات المتوفرة، فإن "حملة بوتفليقة" تراهن أيضا على استقطاب شخصيات من التيار الإسلامي، على رأسهم أبو جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم السابق ورئيس منتدى الوسطية حاليا. لكن محيط وزير الدولة سابقا ينفي وجود أي ترتيب من هذا النوع في الوقت الحالي قبل الإعلان الرسمي للرئيس عن الترشح. وسبق ل"أبو جرة سلطاني" أن صرح بأن منتدى الوسطية الذي أسسه لن يكون لجنة مساندة لأي مترشح، لكنه ترك الخيار لأعضائه للمشاركة في الانتخابات بالطريقة التي يرونها بأسمائهم الخاصة، وهو ما فعله بلقاسم ملاح، نائبه، الذي اختار الانضمام لحملة بوتفليقة. أما بصفته الحزبية كمنتم ل"حمس"، فكان سلطاني واضحا في عدم حماسه لترشح عبد الرزاق مقري رئيس الحركة، وصرح بأن من حقه الشخصي أن لا يسانده، وهو ما ترك الشكوك حول إمكانية أن يتخذ رئيس "حمس" السابق طريقا آخر في هذه الرئاسيات. وفي الجانب اللوجستي، شرع من الآن في تخصيص الأماكن التي ستحتضن المداومات في الولايات والبلديات، كما انطلقت عملية طباعة الملصقات والبورتريهات العملاقة الخاصة بالرئيس المنتظر ترشحه. وفي هذا الصدد، تم إعداد مداومة في حيدرة بالجزائر العاصمة في انتظار افتتاحها الرسمي خلال الحملة الانتخابية. وينتظر أن يتعمم هذا النموذج على باقي البلديات في الجزائر، حيث ستعهد إلى الأحزاب التي تساند الرئيس مهمة تخصيص قائمين عليها. غير أن أكبر إشكال يواجه القائمين على حملة بوتفليقة، بعد فراغهم من الأمور التقنية واللوجستية السهلة، هو المضمون الذي سيدخلون به الحملة الانتخابية، في ظل وجود خطاب معارض يرفض تماما ترشح الرئيس بوتفليقة انطلاقا من وضعه الصحي، وهو ما يستدعي إيجاد مداخل جديدة للحديث مع المواطنين وإقناعهم بجدوى استمرار الرئيس، كما أن غياب الرئيس، للانتخابات الثانية على التوالي، عن تنشيط الحملة الانتخابية التي ستنطلق في غضون شهر، يشكل عبئا آخر كبيرا على كاهل ممثلي الرئيس الذين يحضرون من الآن للمبررات التي يمكنهم، من خلالها، إبعاد الأنظار عن هذه النقطة.