قال باحثون من ألمانيا إن جسيمات البلاستيك متناهية الدقة تتساقط على الأرض مع الثلوج، من الهواء، حتى في مناطق القطب الشمالي البعيدة عن منشأ البلاستيك. وأوضح فريق من الباحثين برعاية معهد ألفريد فيغنر الألماني للأبحاث القطبية والبحرية، بمدينة بريمرهافن الألمانية، أن هذه الجسيمات الدقيقة التي بحجم أقل من 5 مليمترات، تنتقل عبر الأجواء ويمكن أن تتوزع بهذا الشكل على مسافات بعيدة، وهو ما يوضح سبب تلوث الجو بجسيمات بشكل هائل بجسيمات بلاستيك دقيقة. ونصح الباحثون في دراستهم، التي نشرت في العدد الأخير من مجلة "ساينس أدفانسيس"، بدراسة على الآثار المحتملة لهذه الجسيمات بدقة مستقبلاً. وحلل الباحثون تحت إشراف الباحثة الألمانية ميلاني بيرغمان، عينات من الثلوج، أخذوها من عدة مناطق في ألمانيا، ومن جبال الألب السويسرية ومن عدة مناطق في القطب الشمالي حيث عثروا على جسيمات بلاستيكية في معظم العينات التي فحصوها. وكانت نسبة هذه الجسيمات في العينات التي أخذت من مناطق في القطب الشمالي أقل من نسبتها في العينات الأوروبية، ولكن نسبة هذه العينات ظلت "جوهرية". جسيمات البلاستيك الدقيقة تنقل عبر الجو ثم ترتبط هذه الجسيمات بالثلوج التي تأخذها معها إلى سطح الأرض. ولا يستبعد الباحثون أن جسيمات البلاستيك الدقيقة تنقل عبر الجو وتقطع مسافات طويله بهذا الشكل، "فمن البديهي أن جزءاً كبيراً من الجسيمات يصل عبر الهواء إلى الثلوج، بل ربما وصل جزء من ذلك من أوروبا"، حسبما أوضحت بيرغمان. وأشارت الباحثة الألمانية إلى أن دراسات سابقة عن سبل انتشار حبوب اللقاء أظهرت هذه الحقيقة، وقالت إن حجم هذه الحبوب شبيه بحجم الجسيمات البلاستيكية، ويمكن أن يصل لأواسط منطقة القطب الشمالي في غضون أيام قليلة. يعد التلوث البلاستيكي من أكثر المشاكل البيئية إلحاحاً في الوقت الحالي، حيث أظهرت دراسة سابقة أن نحو 380 مليون طن من البلاستيك أنتجت على مستوى العالم خلال عام 2015 وحده. ووصلت نسبة من هذه الكميات الهائلة للطبيعة بسبب عدم التخلص من نفاياتها بالشكل السليم. وتشير تقديرات بعض الخبراء إلى أن عدة ملايين من الأطنان من هذا البلاستيك تصل سنويا للبحار، حيث تتجمع جزيئات البلاستيك مكونة بقعاً كبيرة من النفايات. والبلاستيك لا يتعفن، بل يظل ينقسم إلى جزيئات أصغر فأصغر، ويمكن أن يصل في النهاية إلى أمعاء الحيوانات. وليس من المعروف في الوقت الحالي على وجه الدقة إلى أي مدى يمكن أن يتناول الإنسان هذه الجزيئات مع طعامه، ومدى الضرر الصحي الذي يمكن أن يلحق به جراء ذلك. كما أن الدراسات بشأن احتمال استنشاق الإنسان هذه الجسيمات قليلة بشكل يثير الدهشة، حسبما يرى فريق الباحثين تحت إشراف بيرغمان. حذر الباحثون من أن ارتفاع تركيز جسيمات البلاستيك في الثلوج المأخوذة من اليابسة الأوروبية ومن مناطق القطب الشمالي يدل على تلوث الهواء بهذه الجسيمات بنسبة مرتفعة. وشددوا على الضرورة الملحة لإجراء دراسات بشأن الآثار الصحية المحتملة لهذه الجسيمات على الإنسان والحيوان.