كشفت الحصيلة الطاقوية الأخيرة لوزارة الطاقة عن أرقام مقلقة حول الارتفاع المحسوس للاستهلاك الوطني للمحروقات، الذي أصبح معدله يقارب 40 بالمائة من الإنتاج الإجمالي للمحروقات. هذه الأرقام جاءت لتجعل من مخاوف سوناطراك بخصوص اختلال التوازن بين العرض والطلب على المنتجات الطاقوية مشروعة، حيث أشارت توقعاتها إلى ارتفاع محسوس للاستهلاك الداخلي في 2030، مقابل إنتاج محدود سيوجه إلى السوق الداخلي فقط ويجعلها عاجزة عن التصدير مستقبلا. ومثل نموذج الاستهلاك الداخلي الحالي للمواد الطاقوية أحد العوامل الرئيسية التي بررت بها سوناطراك موقفها بخصوص ضرورة التعجيل في الانطلاق بالعمل بمشروع قانون محروقات الجديد، الذي ركز في مجمل بنوده على إعادة بعث الشراكة مع الأجانب من خلال تحسين مناخ الأعمال، وهو المشروع الذي تدافع عنه الشركة الوطنية وتستحسن المصادقة عليه قبل انتهاء السنة، في ظل الجدال السياسي الواسع الذي أثاره هذا الأخير والانتقادات اللاذعة التي طالته قبل نزوله البرلمان، حيث تعتبره سوناطراك المنفذ الوحيد لتعزيز احتياطيات الجزائر من المحروقات وضمان أمنها الطاقوي. وحسب الحصيلة الطاقوية التي نشرت، أمس، على الموقع الإلكتروني لوزارة الطاقة، فإن الاستهلاك الوطني الإجمالي للمحروقات ارتفع في 2018 بصفة معتبرة بما معدله 7،7 بالمائة، ليقدر حجمه ب65 مليون طن معادل بترول، وهو ما يمثل 39،3 بالمائة من الإنتاج الإجمالي للمحروقات. أما الاستهلاك النهائي للمحروقات فسجل هو الآخر ارتفاعا محسوسا بنسبة 7،8 بالمائة، بما قدر ب48،1 مليون طن معادل بترول، ممثلة أساسا في الغاز الطبيعي بمعدل 17 بالمائة وغاز البروبان المميع (11 بالمائة) والكهرباء (5 بالمائة). أما الاستهلاك النهائي للمواد الطاقوية فعرف ارتفاعا طفيفا بما نسبته 1،2 بالمائة على عكس السنتين السابقتين. بالمقابل، عرف الإنتاج الخام للمحروقات الموجه للتسويق العام الماضي انخفاضا بمعدل 0،4 بالمائة مقارنة مع سنة 2017، حيث قدر حجمه ب165،2 مليون طن معادل بترول. وأرجعت حصيلة وزارة الطاقة هذا الانخفاض إلى تراجع في انخفاض في إنتاج المنتجات السائلة المتمثلة في البترول والمكثفات وغاز البروبان المميع الذي تم تعويضه بجزء من إنتاج الغاز الطبيعي الذي حقق تحسنا. على صعيد آخر، أشارت الحصيلة ذاتها إلى تراجع كبير في واردات المواد الطاقوية نتيجة لجوء الشركة الوطنية سوناطراك إلى معالجة بترولها في الخارج. أما صادرات المحروقات فبلغ حجمها 100،8 مليون طن معادل بترول، مسجلة بذلك انخفاضا بمعدل 6،9 بالمائة مقارنة بصادرات 2017، نتيجة انطلاق سوناطراك في عمليات تكرير النفط الخام الجزائري بالخارج وإعادة تسويقه في السوق الداخلي على شكل بنزين وديازال.