سائلة: ما حكم التبرُّج في الإسلام؟ ❊ التبرّج هي إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرّجال غير المحارم أي الأجانب، وهو حرام باتّفاق الأمّة من السّلف والخلف، لأنّ المطلوب من المرأة شرعًا هو أن تخفي جميع بدنها ما عَدَا الوجه والكفين، وما حرّم الإسلام التبرّج إلّا ليحفظ للمرأة كرامتها وعفّتها وحياءها وشرفها، ذلك أنّ الجمال الحقيقي هو جمال النّفس المهذّبة الطاهرة، فكيف تبيع الجمال الثابت الدّائم بجمال مصطنع زائف؟ والإسلام حرّم على المرأة أن تظهر زينتها إلّا أمام محارمها وزوجها، ومحارمها هم مَن ذَكرهم الله سبحانه وتعالى في قوله: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} النّور:31. فهذه الآية من سورة النّور يذكر الله سبحانه وتعالى فيها محارم المرأة ومَن يجوز لها إظهار زينتها أمامهم، والمقصود بالزِّينة كما بيّنها المفسّرون مواضع الزينة، كالرّقبة والشَّعر والقدمين واليدين، وذِكر الله لهؤلاء المحارم في القرآن ولغيرها من الأحكام الشّرعية المتعلّقة بالمرأة وحجابها، دليل على أهمية وخطورة شأنها في إصلاح الأسرة وإصلاح المجتمع وإصلاح الأمّة بأسرها. ومن تلك الأحكام الّتي ترضاها تلك الفطرة السّليمة والعقل السّليم، وجوب الحجاب، ولا يعني الحجاب مجرّد لباس وكفى، وإنّما يعني أن تكون المرأة المسلمة عفيفة وذات مروءة، وأن تكون بعيدة عن مواطن الشُّبهة وبعيدة عن اختلاطها بالرّجال الأجانب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} الأحزاب:59، وقال سبحانه: {... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} الأحزاب: 53. فخروج المرأة من بيتها متبرّجة لتبدو أمام الرّجال الأجانب بغير حجاب حرام، وارتداؤها لما ينافي حياءها ويُظهر مفاتنها ومحاسنها حرام أيضًا. عن دِحية الكِلبي أنّه قال: “أتَى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقباطي –جمع قبطية، وهي ثوب يصنعه قبط مصر رقيقة وبيضاء- فأعطاني منها قبطية فقال: اصدعها صدعين فاقطع أحدهما وأعط الآخر امرأتك تختمر به، فلمّا أدبر قال: “وأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوبًا لا يصفها” رواه أبو داود وهو حديث ضعيف. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “صنفان من أمّتي من أهل النّار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها النّاس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهنّ كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها يوجد من مسيرة كذا وكذا”. فلابدّ أن يكون لباس المرأة، ولو أمام مثيلاتها من النّساء، فضفاضًا لا يصف ولا يشف، وبذلك تحفظ كرامتها وعفّتها.