كشفت دراسة تحليلية للصور التي تظهر في اللائحة الاختيارية على "إنستغرام"، أن البرمجيات التي تعتمدها شبكة التواصل الاجتماعي التي تحتفل بعيدها العاشر، تشجع الصور المتضمنة درجة معيّنة من العري. ويبدو أن نجمة أميركية أدركت ذلك جيدا، فنشرت صورة لها بلباس البحر لدعوة متابعيها البالغ عددهم 197 مليونا، إلى تسجيل أسمائهم في القوائم الانتخابية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. لكن، هل تشجع الخوارزميات المعتمدة في الشبكة الاجتماعية على هذا المسار للترويج للمضامين المنشورة عبرها؟ الإجابة عن هذا التساؤل تبدو بالإيجاب، وفق تحقيق أجرته منظمة "ألغوريذم ووتش" في جوان الماضي ونشرت نتائجه مؤخرا. فقد أكد نيكولاس كايزربريل وجوديت دوبورتاي المشاركان في إعداد الدراسة -عبر موقع "ميديابارت"- أن "نتائجنا تسمح لنا بالتأكيد بأن صورة امرأة بالملابس الداخلية أو لباس البحر تظهر بنسبة 60% أكثر من صورها بكامل ملابسها. وهذه النسبة تبلغ 30% على صعيد الرجال". ولبلوغ هذه النتيجة، حلل الباحثون 1737 منشورا على 37 حسابا في "إنستغرام"، تابعها 26 متطوعا حمّلوا على متصفح الإنترنت لديهم أداة تتيح عدّ المرات التي تظهر فيها كل صورة. وقد توقفت "إنستغرام" -التي تستعد للاحتفال بعيدها العاشر- منذ سنة 2016 عن تقديم الصور بحسب التسلسل الزمني، وباتت خوارزميات التطبيق تختار ترتيب الظهور بما يتلاءم مع تفضيلات المستخدمين، وفق معايير لا تزال غامضة. وبحسب معدي الدراسة، فإن ذلك قد يستند إلى "مستوى العري" الذي تنسبه الخدمة لكل صورة لحظة نشرها. وقد تطرق معدو الدراسة إلى براءة اختراع تقدمت بها سنة 2011 شركة فيسبوك (التي اشترت إنستغرام في العام التالي)، لحماية الشبكة من خلال الكشف التلقائي عن درجة العري في كل صورة، عن طريق شرائط ألوان محددة. غير أن متحدثة باسم "إنستغرام" علقت -ردا على سؤال لوكالة فرانس برس على هذه الدراسة- قائلة إنها "منحازة تماما"، وأضافت أن "الخوارزميات تحلل الوقت الذي يمضيه المستخدمون على أنواع معينة من المحتويات ودرجة التفاعل معها، لتحدد أولويات العرض" التي تلائم كل مستخدم، لكن "لا وجود لبراءة اختراع (مرتبطة بأداة) لتحديد درجة العري، هذا كلام تافه". وأوضحت المتحدثة أن الانطباع المسجل لدى المستخدمين برؤية الكثير من الصور المشابهة -أي المحتوية على عري- مرده إلى عادات المستخدمين الذين يستطيعون تغييرها من خلال "البحث عن أنواع أخرى من الصور". وتواجه شبكات التواصل باستمرار اتهامات بترسيخ أنماط اجتماعية سائدة، من خلال تكييفها بدرجة قصوى المضامين المقدمة للمستخدمين، بينما تصطدم الدراسات في هذا الشأن في أحيان كثيرة بنقص البيانات المقدمة من المنصات الإلكترونية لتدعيم هذه الخلاصات. وتكتسب القضية أهمية خاصة لإنستغرام، في ظل المسؤولية الاقتصادية التي يحملها التطبيق من حيث المداخيل التي يوفرها للمؤثرين عبر خدمته، عن طريق الإيرادات التي توفرها لهم العلامات التجارية تبعا لعدد متابعيهم، وأيضا من المنظور الاجتماعي لكونها ترسي معايير محددة على صعيد المظهر لمستخدميها البالغ عددهم أكثر من مليار. وللمفارقة، تواجه "إنستغرام" في الموازاة اتهامات باعتماد معايير تنطوي على مغالاة في الحشمة، مع انتقادات طالت خصوصا النقص في الموضوعية في تطبيق القواعد الخاصة بالعري. وهذا ما حصل مطلع العام الحالي حين سحبت الشبكة صورا نشرها مستخدمون للإنترنت يحملون غلاف مجلة "تيليراما" الفرنسية بشأن التمييز ضد الذين يعانون البدانة، وكتبت المجلة حينها "خوارزميات فيسبوك وإنستغرام وأخواتهما لا تحبذ العري، حتى حين لا تكون الصور إباحية، وقد عرضت حينها صورة ليسلي باربارا بوتش (منسقة الأسطوانات على الغلاف)، ولم تكن تظهر أي أعضاء جنسية ولا صدرا عاريا، لكنها تبيّن مساحة كبيرة من الجلد. يبدو أن هذه المساحة أكبر مما تسمح به الشبكات الاجتماعية". وتنفي إنستغرام ممارستها أي "رقابة على نوع معين من الأشخاص"، وفق المتحدثة التي تقول "قد نرتكب أخطاء، سواء من طريق الخوارزميات أو على يد أشخاص"، لكن "لا نحتسب نسبة العري" الظاهرة في الصور من المعايير، "هذا اعتقاد خاطئ".