انشغل الرأي العام في بلادنا هذه الأيّام بقضية الاحتيال على الطلبة الّذين كانوا يرغبون في مواصلة دراستهم العليا بالخارج (أوكرانيا، روسيا وتركيا)، وما تعرّضوا له من غش واحتيال للاستيلاء على أموالهم. إنّ قضية الغش التجاري والاحتيال في ترويج السلع والخدمات أصبحت اليوم ظاهرة عالمية خطيرة تؤرّق اقتصاديات الدول وتهزّ من مكانتها وسمعتها بين الأمم. والغش التجاري تصنّفه سلطات القوانين في جميع أنحاء العالم بأنّه جريمة القرن الواحد والعشرون، خاصة مع التطوّر السريع الحاصل في التكنولوجيا والإنترنت والعولمة، وتزايد تورط الجريمة الاقتصادية المنظمة. وهكذا نجد أنّ ظاهرة الغش التجاري باتت مشكلة عويصة تهزّ من كيان كافة الأجهزة الحكومية والشعبية في عالمنا العربي والإسلامي، بعد أن أخذت أشكالًا وأنماطًا مختلفة، وأصبحت تشكّل خطرًا حقيقيًا على حياة الشعوب ومستقبل الأمّة الاقتصادي واستقرارها الأمني والسياسي. قيل في تعريف الغش التجاري: "هو كلّ فعل أو قول يتمّ بوسائل احتيالية وينصب على سلعة أو خدمة ممّا يعينه القانون ويقع بالمخالفة للقواعد المقرّرة لها في التّشريع أو أصول الصناعة أو الخدمة، متَى كان من شأن ذلك الفعل أن ينال من خواص السلعة أو الخدمة أو ينقص من فائدتها أو ثمنها حتّى ولو كان المتعاقد الآخر على علم به"، وعرف أيضًا: "بأنّه أيّ عمل تجاري يتمّ بشكل مناف للقوانين والعادات والشّرف وينجم عنه ضرر للغير ملزم لمَن ارتكبه بالتّعويض لإصلاح الضّرر فحسب ولكن لمنع وقوعه مستقبلًا". ولقد نهى الإسلام عن الغش في المعاملات عمومًا، وحرّم الاحتكار، ونهى عن مبايعات ومعاملات لا تتّفق مع الأخلاق الّتي يدعو إليها وذلك لأنّ النّظام الّذي أقامه الإسلام في جانب المعاملات وشؤون المال والاقتصاد هو نظام أخلاقي بحت فضلًا عن أنّه يقيم مجتمعًا يتكافل فيه النّاس. الغش حرام، وهو كبيرة من الكبائر، وفاعله فاسق، وتُرَدّ شهادته، وقد علّل ابن عابدين ذلك بقوله: لأنّ الغش من أكل أموال النّاس بالباطل. والأدلة على تحريم الغش، من القرآن الكريم قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ. أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ}، ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}، ويقول تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، فمجموع هذه الآيات تأمر بإيفاء المكاييل ووجوب الوزن بالعدل وتنهى عن الغش والتّدليس وأكل أموال النّاس بالباطل. ومن السُّنّة، فقد ورد أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللًا، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام"؟ قال: أصابته السّماء يا رسول الله، قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه النّاس؟ مَن غشّ فليس منّي"، وفي لفظ: "مَن غشّ فليس منّا"، وفي لفظ: "مَن غشّنا فليس منّا"، وقال عليه الصّلاة والسّلام: "لا يحلّ لامرئ مسلم يبيع سلعة يعلم أنّ بها داء إلّا أخبر به"، وحديث جابر بن عبد الله قال: "بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على إقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة والنُّصح لكلّ مسلم". والفقهاء مجمعون على أنّ الحِيَل الّتي يلجأ إليها المتعاقد لخداع المتعاقد الآخر تؤثّر على لزوم العقد ويكون للمدلّس عليه حقّ الخيار، وهو ما يسمّى بخيار العيب، وللعاقد حقّ الرّجوع في العقد بعد تمامه إذا اطّلع على عيب المعقود عليه. وهناك أسباب ودواعي كثيرة تدفع المحتالين والتجار إلى الغش في معاملاتهم وتجارتهم، يمكننا إجمالها في النقاط التالية: - ضعف الإيمان وعدم الخشية من الله: عن أنس رضي الله عنه قال: ما خطبنا نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا قال: "لا إيمان لمَن لا أمانة له، ولا دين لمَن لا عهد له". - عدم مراعاة الأسس والقواعد الأخلاقية في المعاملات التجارية بصورة خاصة: ولقد أصبح الطّمع والنّظرة المادية الربحية هي الغالبة في أخلاق التجار. - الرّغبة في تعظيم الأرباح غير المشروعة وبالتّالي تحقيق الثراء السريع. - قلّة وعي غالبية جمهور المستهلكين، وعدم إلمامهم بمواصفات السلع ومصادرها وأنواعها المختلفة. - السّيل الكبير للإعلانات التجارية دون ضوابط، وعدم مصداقيتها. انعكاسات الغش التجاري الضّارة والخطيرة ليست على صعيد الاستقرار التجاري والاقتصادي للبلاد فحسب، وإنّما له أضرار وخيمة على صحة وسلامة الإنسان والحيوان والبيئة. حتّى أنّه استقرّ في فقه القانون الروماني القاعدة المشهورة: "إنّ الغش يفسد كلّ شيء". والغش التجاري يهدم الأخلاق ويمحق البركة لأنّه لا يقدم عليه إلّا من كان منعدم الأخلاق ليس له إحساس بما قد تسبّبه سلعه المغشوشة من أضرار بالبلاد والأفراد. والأمم إذا انحطّت أخلاقها وانتشر الغش والخداع في أسواقها ومعاملاتها فهذا دليل على انهيارها. والمخاطر الكثيرة الّتي تهدّد الأفراد والمجتمع والاقتصاد نتيجة للغش التجاري تفرض على مجتمعاتنا ضرورة توظيف كلّ الجهود الرسمية والحكومية والشعبية لملاحقة الغش التجاري بكلّ أشكاله وألوانه ومطاردة الغشاشين وتقديمهم للعدالة ومعاقبتهم بما يستحقونه من عقاب ليكونوا عبرة لمَن يعتبر، كما يجب سنّ القوانين الصارمة والرادعة الّتي من شأنها إيقاع العقاب الرّادع على كلّ من يمارس الغش التجاري. ونؤكّد إلى أنّه فيما إذا التزمنا بقواعد الشّريعة الإسلامية في المعاملات المالية وقوّينا الرّوح الإيمانية في نفوس التجار مع قيام المسؤولين بدورهم فإنّنا سوف نحدّ من ظاهرة الغش التجاري. انشغل الرأي العام في بلادنا هذه الأيّام بقضية الاحتيال على الطلبة الّذين كانوا يرغبون في مواصلة دراستهم العليا بالخارج (أوكرانيا، روسيا وتركيا)، وما تعرّضوا له من غش واحتيال للاستيلاء على أموالهم. إنّ قضية الغش التجاري والاحتيال في ترويج السلع والخدمات أصبحت اليوم ظاهرة عالمية خطيرة تؤرّق اقتصاديات الدول وتهزّ من مكانتها وسمعتها بين الأمم. والغش التجاري تصنّفه سلطات القوانين في جميع أنحاء العالم بأنّه جريمة القرن الواحد والعشرون، خاصة مع التطوّر السريع الحاصل في التكنولوجيا والإنترنت والعولمة، وتزايد تورط الجريمة الاقتصادية المنظمة. وهكذا نجد أنّ ظاهرة الغش التجاري باتت مشكلة عويصة تهزّ من كيان كافة الأجهزة الحكومية والشعبية في عالمنا العربي والإسلامي، بعد أن أخذت أشكالًا وأنماطًا مختلفة، وأصبحت تشكّل خطرًا حقيقيًا على حياة الشعوب ومستقبل الأمّة الاقتصادي واستقرارها الأمني والسياسي. قيل في تعريف الغش التجاري: "هو كلّ فعل أو قول يتمّ بوسائل احتيالية وينصب على سلعة أو خدمة ممّا يعينه القانون ويقع بالمخالفة للقواعد المقرّرة لها في التّشريع أو أصول الصناعة أو الخدمة، متَى كان من شأن ذلك الفعل أن ينال من خواص السلعة أو الخدمة أو ينقص من فائدتها أو ثمنها حتّى ولو كان المتعاقد الآخر على علم به"، وعرف أيضًا: "بأنّه أيّ عمل تجاري يتمّ بشكل مناف للقوانين والعادات والشّرف وينجم عنه ضرر للغير ملزم لمَن ارتكبه بالتّعويض لإصلاح الضّرر فحسب ولكن لمنع وقوعه مستقبلًا". ولقد نهى الإسلام عن الغش في المعاملات عمومًا، وحرّم الاحتكار، ونهى عن مبايعات ومعاملات لا تتّفق مع الأخلاق الّتي يدعو إليها وذلك لأنّ النّظام الّذي أقامه الإسلام في جانب المعاملات وشؤون المال والاقتصاد هو نظام أخلاقي بحت فضلًا عن أنّه يقيم مجتمعًا يتكافل فيه النّاس. الغش حرام، وهو كبيرة من الكبائر، وفاعله فاسق، وتُرَدّ شهادته، وقد علّل ابن عابدين ذلك بقوله: لأنّ الغش من أكل أموال النّاس بالباطل. والأدلة على تحريم الغش، من القرآن الكريم قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ. أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ}، ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}، ويقول تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، فمجموع هذه الآيات تأمر بإيفاء المكاييل ووجوب الوزن بالعدل وتنهى عن الغش والتّدليس وأكل أموال النّاس بالباطل. ومن السُّنّة، فقد ورد أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللًا، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام"؟ قال: أصابته السّماء يا رسول الله، قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه النّاس؟ مَن غشّ فليس منّي"، وفي لفظ: "مَن غشّ فليس منّا"، وفي لفظ: "مَن غشّنا فليس منّا"، وقال عليه الصّلاة والسّلام: "لا يحلّ لامرئ مسلم يبيع سلعة يعلم أنّ بها داء إلّا أخبر به"، وحديث جابر بن عبد الله قال: "بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على إقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة والنُّصح لكلّ مسلم". والفقهاء مجمعون على أنّ الحِيَل الّتي يلجأ إليها المتعاقد لخداع المتعاقد الآخر تؤثّر على لزوم العقد ويكون للمدلّس عليه حقّ الخيار، وهو ما يسمّى بخيار العيب، وللعاقد حقّ الرّجوع في العقد بعد تمامه إذا اطّلع على عيب المعقود عليه. وهناك أسباب ودواعي كثيرة تدفع المحتالين والتجار إلى الغش في معاملاتهم وتجارتهم، يمكننا إجمالها في النقاط التالية: ضعف الإيمان وعدم الخشية من الله: عن أنس رضي الله عنه قال: ما خطبنا نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا قال: "لا إيمان لمَن لا أمانة له، ولا دين لمَن لا عهد له". عدم مراعاة الأسس والقواعد الأخلاقية في المعاملات التجارية بصورة خاصة: ولقد أصبح الطّمع والنّظرة المادية الربحية هي الغالبة في أخلاق التجار. الرّغبة في تعظيم الأرباح غير المشروعة وبالتّالي تحقيق الثراء السريع. قلّة وعي غالبية جمهور المستهلكين، وعدم إلمامهم بمواصفات السلع ومصادرها وأنواعها المختلفة. السّيل الكبير للإعلانات التجارية دون ضوابط، وعدم مصداقيتها. انعكاسات الغش التجاري الضّارة والخطيرة ليست على صعيد الاستقرار التجاري والاقتصادي للبلاد فحسب، وإنّما له أضرار وخيمة على صحة وسلامة الإنسان والحيوان والبيئة. حتّى أنّه استقرّ في فقه القانون الروماني القاعدة المشهورة: "إنّ الغش يفسد كلّ شيء". والغش التجاري يهدم الأخلاق ويمحق البركة لأنّه لا يقدم عليه إلّا من كان منعدم الأخلاق ليس له إحساس بما قد تسبّبه سلعه المغشوشة من أضرار بالبلاد والأفراد. والأمم إذا انحطّت أخلاقها وانتشر الغش والخداع في أسواقها ومعاملاتها فهذا دليل على انهيارها. والمخاطر الكثيرة الّتي تهدّد الأفراد والمجتمع والاقتصاد نتيجة للغش التجاري تفرض على مجتمعاتنا ضرورة توظيف كلّ الجهود الرسمية والحكومية والشعبية لملاحقة الغش التجاري بكلّ أشكاله وألوانه ومطاردة الغشاشين وتقديمهم للعدالة ومعاقبتهم بما يستحقونه من عقاب ليكونوا عبرة لمَن يعتبر، كما يجب سنّ القوانين الصارمة والرادعة الّتي من شأنها إيقاع العقاب الرّادع على كلّ من يمارس الغش التجاري. ونؤكّد إلى أنّه فيما إذا التزمنا بقواعد الشّريعة الإسلامية في المعاملات المالية وقوّينا الرّوح الإيمانية في نفوس التجار مع قيام المسؤولين بدورهم فإنّنا سوف نحدّ من ظاهرة الغش التجاري.