كشف تقرير جديد للهيئة الوطنية للمعلومات المالية بالمغرب، عن ارتفاع وتيرة حالات الاشتباه في جرائم غسيل الأموال بالمملكة المغربية، مقارنة بالسنوات الماضية، فيما يصر نشطاء مكافحة الفساد على أن التقارير المقدمة تظل بعيدة عن الواقع مطالبين بتشديد الإجراءات وإحالة المتورطين على القضاء. وحمل التقرير الرسمي المغربي، الذي تم رفعه لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وتداولته وسائل إعلام محلية، أرقاما وإحصائيات تكشف النسب والزيادات الكبيرة المرتبطة بحالات الاشتباه بجرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. ولفت التقرير إلى أن الهيئة تلقت 3409 تصاريح بالاشتباه، تتعلق بحالات مرتبطة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، سنة 2021، من بينها 3363 تصريحا مرتبطا بغسيل الأموال، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 59 في المائة مقارنة مع سنة 2020. وفي وقت ضم التقرير أرقاما تفضح ما يمكن اعتباره الواقع "الخطير" الذي تعيشه المملكة، في ظل حكومة أخنوش، التي أضحت فضائح الفساد لصيقة بها، إلا أن نشطاء مكافحة الفساد في المغرب يؤكدون أن ما يتم نشره بعيد عن الواقع، ويطالبون بتشديد الإجراءات وإحالة المتورطين على القضاء. وفي هذا الإطار، وبينما يؤكد محمد المسكاوي، من الشبكة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، على أهمية التقرير، إلا أنه يشير إلى أن الأهم هو الخلاصة المنتظرة من خلال تحريك القضاء للمتابعة القضائية في حق الأشخاص أو المؤسسات التي تبث تورطها في غسيل الأموال، التي تعتبر، حسبه، جريمة عابرة للقارات وتؤثر على الأمن الاقتصادي للدول. ويعترف المسكاوي، أن المملكة المغربية "لا تزال دولة متخلفة، كما أننا متخلفون في الترتيب الدولي في البارومتر العالمي لمؤسسة "الشفافية الدولية"، وذلك رغم كل التقارير المقدمة حول الفساد". وجدير بالذكر، أن منظمة الشفافية الدولية بالمغرب، سبق لها أن انتقدت سنة 2020 "تقاعس" البرلمان المغربي في تبني مشروع قانون يجرم الإثراء غير المشروع للموظفين المكلفين بمهام رسمية، مشددة على ضرورة تضمينه عقوبات بالسجن في حق الأشخاص الذين يثبت اختلاسهم أموال عمومية. كما أبرزت دراسة للمنظمة التي تعنى بمحاربة الرشوة، في تقرير سابق لها، أن 74 في المائة من المستجوبين مقتنعون أن حكومة المخزن، لم تقم بعمل جيد لمكافحة الفساد في سنة 2019. ويشار إلى أن الشارع المغربي، يعيش منذ أيام، على وقع تنديدات أحزاب سياسية والعديد من النقابات بتدهور الأوضاع المعيشية وتزايد التضييقات التعسفية والممارسات القمعية بحق الشعب، جراء سياسات المخزن "اللاشعبية" وممارسات الفساد والاستبداد، والتي أدت إلى انهيار القدرة الشرائية وارتفاع نسبة الفقر والبطالة، مطلقة دعوات إلى الرفع من وتيرة التعبئة استعدادا للتعامل مع كل التطورات. وأرجع الحزب "الاشتراكي الموحد" بالمغرب، في بيان سابق له، تدهور الأوضاع المعيشية لفئات واسعة من المجتمع المغربي، إلى " استمرار المخزن في نهج الاختيارات اللاديمقراطية واللاشعبية، والإصرار على زواج السلطة السياسية والمالية، وما ينتجه من فساد وريع واستغلال للنفوذ والسلطة".