وجه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم السبت، للشعب الجزائري، رسالة، بمناسبة اليوم الوطني للشهيد المُصادف للثَّامن عشر (18) من فيفري، وهذا نصها. بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاةُ والسّلامُ على أشرف المرسلين، أيّتُها المواطنات، أيُّها المواطِنون، تَغْمُرُنا مع احتفائنا بالأعيادِ الوطنية المُخلِّدَةِ لِثَورتنا التحريرية المجيدة مشاعرُ الاعتزازِ بالانتماء إلى الجزائر، وفي هذا اليوم الوطني للشهيد المُصادف للثَّامن عشر (18) من فيفري، نَسْتَذْكِر بإجلالٍ وإكبار تضحياتِ ومُكابَدَاتِ أُولَئِكَ الذين حَمَلُوا أَرْواحَهم عَلَى أُكُفِّهم، وَصَنَعُوا في الجبالِ وَالوِهاد عَبْر رُبوع الوطن مَجْدَ الأُمة. إنَّ شُهداءنا الأبرار، ومُجاهدينا، الذين سَمَتْ بهم مآثرُ الأبطالُ إلى عِليِّين .. وارتفع بهم ذكرُ الجزائر .. وَرَفْرَفَتْ بهم رايتُنا شامخةً، وجلجلت " قسمًا "، هُمُ النهج والمسار والقدوة .. وهُم المِثالُ وَمَناطُ الفخر، وَهُمْ وَحْدَهم من يُلهمونَنا خطّ السَّيْر، ومعالمَ الطريق .. فرسالتُهم الخَالدة هي التي حَمَتْ وَتَحْمي الجزائرَ واحدةً مُوحَّدة، وهي التي تَغْرِس في وِجدان الشَّعبِ الجزائري اللّحمةَ الوطنية، التي لا تَهُزُّها النوائبُ والمِحن. إنَّنا نَحتفي باليوم الوطني للشهيد، لِنَستحضِر مَدَى عظمةِ التَّحدِّي التَّاريخي، الذي خَاضَه الشَّعب الجزائري بإيمانٍ وصَبر، عندما قَرَّرَ أبناءٌ بواسِلُ شُجعان مِنْ رَحِمِه إطلاقَ دويِّ الشَّرَارةِ النُّوفَمبرية، لِتُفْزِع بامتداداتِ لَهَبِهَا الغُزاةَ المُستعمرين، وتَنْبَثِقُ من نُورِها بشائرُ النّصر. نُحيي هذا اليوم المُبارك، وبَشَائِرُ الجزائرِ الجديدة مُرْتَسِمَةٌ في آفَاقِ هذه الأرض، وَديعةِ الشُّهداء الذين نَسْتَمِدُّ من خِصالِهم في التَّضحية ونُكران الذات العزيمةَ والقُدْرة على مُواصلة الأشواطِ والمَراحلِ نَحْو الأهدافِ السَّامية .. والغَاياتِ الوطنيةِ النبيلة، التي أَسَّسَ مُنطلقاتِها شهداؤنا بِأنْهارٍ من الدِّماء. أيّتُها المواطنات، أيُّها المواطِنون، إن اتجاه البوصلةِ هو ذاتُه في الجزائر التي نَبْنِيهَا اليوم معًا، وفاءً لأنهار الدِّماء .. ولثِقَةِ الشَّعب الجزائري الأبيّ، ومهما كانتْ الأشواطُ والمراحلُ التي قَطَعْنَاها .. والإنجازاتُ والمكاسبُ التي حقَّقناها، بفضل الانخراطِ الواسع لبناتِ وأبناء الجزائر في مَسارٍ نَهضويٍّ وطنيٍّ، مُتَعدِّدِ الأبْعَادِ والجَبَهات، فإنَّنَا نَستشعِرُ - على الدوام - حَجْمَ التَّحدّياتِ التي تَنْتَظِرُنا لاستكمالِها معًا، بَعْد أن تجاوزْنا بِجُهودٍ مُضْنِيَةٍ، وحِرْصٍ لَمْ يَنْقَطِعْ المُؤشراتِ الحمراء على المستوى الاقتصاديّ .. وَوَصَلْنا إلى المُؤشِّراتِ التي تضع الاقتصادَ الوطني على سِكَّةِ النجاعة والتَّنَافسية .. وبعد أن تَحَقَّقَتْ على المستوى الاجتماعي إضافاتٌ ومكاسبُ غَيْرُ مسبوقة للتَّكفُّل بمستوى المعيشة، وحِفْظِ كرامةِ الجزائريات والجزائريين .. وفي الوقتِ نفسِه ظَلَّ صوتُ الجزائر خارجيًا مَسموعًا ومُقَدَّرًا، وتعزَّزتْ مكانتُها إقليميًا ودوليًا، بفضل ما تَتَمتَّع به من مَوْثُوقية ومِصداقية، وما أَحْرزتْه من شَرَاكاتٍ استراتيجية مُتنوعة، في عالمٍ مَشحون بالتَّجَاذُبات والتَقَلُّبات، وتَضَارُبِ المَصالح. إنّ الجزائر وهي تُرَسِّخ أقْدَامَها على طريق مَسيرتِها الوطنية نحو بناءِ الحاضر والمستقبل بسواعدِ بناتِها وأبنائها عازمةٌ كُلَّ العزم على المُضيِّ إلى مَا يَلِيقُ برصيدِها التّاريخيّ .. ومَجْدِها العظيم .. وشعبها الأبيّ، مِن رِفْعَةٍ ومَجْدٍ وسُؤْدَدٍ .. وإنّني في هذه اللَّحظاتِ المُؤثِّرة التي نُحيي فيها ذكرى شُهدائنا، أَنْحَني بخشوعٍ وإكبارٍ، ترحُّمًا على أرواحِهم الطَّاهرة، وأتَوجَّه بالتَّحية والتَّقدير لأخواتي المُجاهدات وإخواني المجاهدين. " تَحيَا الجَزائِر " المَجْد والخُلودُ لِشُهدائِنَا الأبرَار والسّلامُ عَليكُم ورَحمَةُ اللهِ تَعالى وَبركاتُه