حسمت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية خيار الاستخلاف القيادي لصالح اختيار يحيى السنوار، رئيسا للحركة خلفا للقائد الشهيد إسماعيل هنية الذي جرى اغتياله في طهران الأسبوع الماضي، بشكل يعبر عن سلاسة كبيرة في انتقال القيادة، استمرارا لنفس النهج الذي دأبت عليه الحركة. لم يكن يتوقع أكثر المتابعين لتطورات المشهد الفلسطيني عقب اغتيال القائد إسماعيل هنية والتطورات الداخلية لحركة حماس أن يقع الاختيار على يحيى السنوار لقيادة الحركة، بالنظر إلى الظروف التي يعيشها قطاع غزة منذ طوفان الأقصى وبسبب العدوان الصهيوني، كانت كثير من التحاليل ترجح إعادة تعيين خالد مشعل، أو نقل القيادة إلى أسامة حمدان في بيروت، لكن الاختيار وقع على يحيى السنوار. في هذا الاختيار رسائل سياسية واضحة وجلية، تعزز قناعة بأن قيادة حماس تكون بهذا الاختيار الصعب، قد انحازت إلى ثلاثة ضوابط يقع على أساسها توجيهي القرار المقاوم والمعركة، أولها اعتماد أولوية العسكري على السياسي، طالما أن المواجهة مستمرة والواقع الميداني محدد رئيس في الحسم وفرض شروط التفاوض الممكنة. في المقام الثاني، يعني تعيين السنوار، وهو المسؤول الأول على إطلاق طوفان الأقصى، تكريس خيار المواجهة كخيار حتمي لا رجعة فيه، يضع جانبا كل الاحتمالات الممكنة للتنازل أو التسليم للاحتلال، وأن المقاومة والحركة بشقها السياسي والعسكري، قد اختارت تفعيل مزيد من الأدوات القتالية والنضالية، وتجاوز كل المسارات التي لا تحقق للشعب الفلسطيني في قطاع غزة مطالبه واستحقاقاته الأساسية والسياسية. بيد أن المعنى الأكثر أهمية في هذا التعيين، يرتبط بوضع القرار الداخلي الذي تحدده وقائع المعركة على الأرض وشروطها، كأولوبة مقارنة مع مسائل التمدد الخارجي، وهذا يعني أن الحركة شعرت في هذه اللحظة السياسية البالغة الحساسية، أنه يتعين حماية قرارها من التجاذبات الخارجية والإقليمية المعقدة، ووضع خيارات المقاومة بيد الداخل، دون أي تردد. وإذا كانت هذه هي الرسائل السياسية التي ينطوي عليها تعيين السنوار، فإنه من المهم أنها موجهة إلى أطراف بعينها، يأتي على رأسها الشعب الفلسطيني في الداخل و الخارج، بأن الحركة بكل مستوياتها، تتحمل من الداخل مسؤولياتها اتجاه الشعب الفلسطيني وتقرأ هذه المسؤولية من الداخل بكل ما يعني ذلك من استحقاقات، والرسالة موجهة إلى الكيان الصهيوني، بأن قيادة الحركة مصممة على نفس النهج وبأكثر حدة بحكم طبيعة وسيرة ومسار السنوار، أما الواجهة الثالثة المعنية برسالة حماس ، هي القوى الإقليمية والدولية المتدخلة في القضية والصراع الفلسطيني الصهيوني، من حيث سحب كل منها أية أوراق تخص الضغط على حماس كانت بيدها في السابق .