بعد إعلان استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيي السنوار، الذي يعتبر العقل المدبر لعملية "طوفان الأقصى" التي غيرت المشهد في فلسطين وفي المنطقة بأسرها، تطرح التساؤلات حول من سيخلف السنوار على رأس الحركة. في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المقاومة الفلسطينية، وفي ظل تواصل العدوان الصهيوني على غزة، سيواجه الرئيس المقبل تحديات جساما تتعلق بتسيير المعركة الميدانية وتسيير الاستحقاقات السياسية ذات الصلة بمفاوضات وقف إطلاق النار، وتبرز أسماء لشخصيات وازنة في هندسة القرار السياسي والعسكري في تنظيم "حماس" مرشحة لأن تخلف الشهيد يحيى السنوار وعلى رأسها:
محمد السنوار محمد السنوار، شقيق يحيى السنوار، هو واحد من أقدم وأبرز قادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. نادرا ما يظهر في العلن، لكن دوره المركزي في قيادة العمليات العسكرية يجعل منه شخصية حيوية داخل الحركة. والتحق بكتائب القسام منذ بداياتها الأولى عام 1991 في غزة، حيث أصبح عضوا في هيئة الأركان. وكان محمد السنوار هدفا متكررا لمحاولات اغتيال إسرائيلية، ونجا من عدة هجمات، بما في ذلك محاولات باستخدام غارات جوية وعبوات ناسفة، وكان آخرها في عام 2021. وبرز اسمه كأحد المخططين الرئيسيين لعملية "الوهم المتبدد"، التي تعد إحدى العمليات الأكثر جرأة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، حيث استهدفت العملية موقعا عسكريا إسرائيليا قرب معبر كرم أبو سالم في 25 جوان 2006، شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. وأسفرت العملية عن مقتل جنديين إسرائيليين وأسر الجندي جلعاد شاليط، الذي ظل في الأسر 5 سنوات، حتى تمت مبادلته بأكثر من ألف أسير فلسطيني في صفقة تبادل تاريخية في عام 2011. وهذا الإنجاز العسكري رفع من شأن محمد السنوار كقائد عسكري ذي تأثير كبير داخل كتائب عز الدين القسام، وأصبح هدفا بارزا على قوائم الاغتيال الإسرائيلية، نتيجة لدوره في التخطيط وتنفيذ عمليات مماثلة.
خليل الحية يعد خليل الحية، نائب يحيى السنوار وقيادي بارز في حركة حماس، من الشخصيات التي برزت في مسار العمل السياسي والعسكري داخل الحركة. وقد قاد مؤخرا محادثات غير مباشرة مع إسرائيل بخصوص وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ويعتبر شخصية محورية في هذه المفاوضات الحساسة. نجا الحية من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية، أبرزها استهداف منزله في عام 2007، والذي أسفر عن مقتل عدد من أفراد عائلته، وفي عام 2014 قتل ابنه الأكبر في هجوم إسرائيلي آخر. ووردت تقارير عن وجوده مع إسماعيل هنية في مبنى بالعاصمة الإيرانية طهران خلال هجوم إسرائيل، لكن الحية لم يكن في الشقة المستهدفة لحظة الضربة. وانخرط الحية، الحاصل على درجة الدكتوراه في السنّة وعلوم الحديث، في الحركة الإسلامية منذ شبابه المبكر تحت تأثير مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين. ولعب دورا بارزا في العمل التنظيمي والأمني في قطاع غزة في الفترة بين 1984 و1986، حيث ساهم في حماية المجتمع الفلسطيني من الاختراقات الصهيونية. كما شارك في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وكان جزءا من المجموعة التي أسست لاحقا حركة حماس. في فيفري 2024، قاد الحية وفد حماس إلى مصر لاستكمال المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة، في إطار جهود دولية لتهدئة الأوضاع المتوترة في القطاع.
خالد مشعل خالد مشعل هو أحد المؤسسين البارزين لحركة حماس، وشغل منصب رئيس المكتب السياسي للحركة من عام 1996 حتى 2017، وتولى قيادة الحركة بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين على يد إسرائيل في مارس 2004. طوال حياته، كرس مشعل جهوده لخدمة القضية الفلسطينية، معتبرا المقاومة المسلحة والنضال السياسي أساسين في تحرير الأرض الفلسطينية. وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في سن مبكرة، وشارك في تأسيس حركة حماس عام 1987. وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، اكتسبت الحركة زخما كبيرا، وأصبح مشعل عضوا في مكتبها السياسي منذ تأسيسه. وفي عام 1996، تولى مشعل رئاسة المكتب السياسي لحماس، وبعد اغتيال أحمد ياسين، أصبح القائد الفعلي للحركة. وتعرض مشعل لمحاولة اغتيال نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي في العاصمة الأردنية عمّان عام 1997، عندما تم حقنه بمادة سامة. لكن محاولة الاغتيال فشلت بعد تدخل مباشر من الملك حسين بن طلال، الذي طالب إسرائيل بتقديم العلاج لإنقاذ حياته. وانتقل مشعل إلى قطر بعد أن أغلقت السلطات الأردنية مكتب حماس في عمّان عام 1999، واعتقلته لفترة قصيرة. لاحقا، عاش في سوريا لفترة طويلة قبل أن يعود إلى قطر عام 2012.