أثبتت السياسة التي اعتمدتها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم في مجال التكوين فشلها الذريع، وذلك بعد سقوط آخر حصونها قبل أيام أمام المنتخب الغاني حين أقصي منتخب أقل من 20 سنة من سباق المونديال، وهو المنتخب الذي كان يعول عليه كثيرا لتحقيق نتائج كبيرة ودفع عجلة التكوين نحو الأمام، بالرغم من توفير كل الإمكانات لذلك، وبات على الاتحادية التفكير في تجربة جديدة، وسياسة فعالة من اجل المضي قدما في هذا الجانب، أين سيكون عليها الاختيار من بين العديد من التجارب الناجحة في هذا المجال، خاصة المدارس المتواجدة في القارة السمراء، والتي تعتبر أبرز وانجح تجربة فيها هي التجربة الغانية، باعتبارها غالبا ما تحقق الألقاب على المستوى العالمي وليس القاري فقط. تدعيم الفرق الصغيرة من أجل تكوين اللاعبين الشباب في حديث جمعنا مع المسؤولين الغانيين في هذا المجال على هامش كأس أمام إفريقيا المقامة حاليا في بلادنا، تطرقنا إلى سياسة التكوين في هذا البلد، الذي يعد أقل إمكانات من الجزائر من الناحية المادية، لكنه يمون أكبر الأندية في أوروبا باللاعبين الممتازين، وقد أكد لنا المدرب العام للمنتخبات الغانية تيتاح أن المسوؤلين في بلادهم يدعمون الفرق الصغرى من أجل المضي قدما في تكوين اللاعبين الشباب حتى يصلوا إلى سن 14 أو 15 سنة وهو ما يمنح المواهب الشابة تكوينا قاعديا جيدا. أحسن المكونين يتواجدون في القاعدة مضى تيتاح في شرحه لسياستهم في هذا المجال، فأكد أن أهم المدربين و المكونين المتواجدين في غانا يوجهون إلى الفئات العمرية لأقل من 15 و17 سنة، حيث يتجه هؤلاء إلى مختلف المناطق من أجل خطف المواهب الشابة التي بإمكانها أن تسطع في سماء الكرة الغانية. استحداث مديريات فنية جهوية وولائية عالية المستوى شرح لنا ذلك المسؤول الأول عن الطاقم الفني لمنتخب أواسط غانا أكثر، حين أشار إلى أنهم يقسمون البلاد إلى 4 مناطق، حيث يضعون مدربا كبيرا في كل جهة، مهمته استدعاء لاعبين ممتازين في مختلف الأندية التي تنشط بالمنطقة، ويستحدث منتخبا جهويا، وهي المنتخبات التي تتنافس فيما بينها في دورة كروية، ما يمنح اللاعبين القدرة على المنافسة، عكس التواجد في أكاديمية واحدة وتلعب مواجهات شبه ودية – بما أن نقاط المواجهات في بطولة القسم الثاني هواة عندنا لا تحتسب نقاطها- ومنها يتم انتقاء أفضل العناصر التي تمثل المنتخبات الغانية السنية. الاستقرار أهم أسباب نجاح الغانيين عن ظاهرة تغيير المدربين الوطنيين في الفئات السنية، فإن المسؤولين الغانيين يتجنبون ذلك دائما، أين أشار تيتاح إلى أنه حتى لو أقصي في هذه الدورة لما أقيل من منصبه، بما أن عمله يقتصر على التكوين ولا يحاسب بالنتائج، بما أن مهمته تقاس بعدد اللاعبين ونوعيتهم وليس بعدد الألقاب. الفاف بإمكانها إسقاط التجربة الغانية على واقع الكرة في بلادنا بالحديث عن التجربة الغانية، فإن إسقاطها على واقع الكرة في بلادنا ممكن، في ظل التشابه الكبير في الظروف التي تتواجد فيها البلد، فرغم أن الإمكانات التي تملكها الجزائر من جميع النواحي أكبر، إلا أننا لا نملك عقلية واحترافية الأوروبيين العالية المستوى، لذلك فإن التجربة الغانية بإمكانها أن تساعدنا على الأقل على تغطية مساحة أكبر، وخلق فضاء أوسع للاعبين الشباب من أجل إبراز قدراتهم من خلال خلق بطولة وطنية تضم منتخبات جهوية، ومنها يكون اختيار اللاعبين الأحسن على مستوى القطر الوطني لتمثيل مختلف المنتخبات السنية في بلادنا. المصريون نجحوا كذلك في التكوين بفضل الأندية الكبيرة تجربة أخرى، أثارت انتباه الجميع في الآونة الأخيرة، وهي التجربة المصرية التي تعد من بين أنجح التجارب في الوطن العربي وفي القارة السمراء، والتي صنعت جيلا رائعا سيطر على القارة السمراء في ثلث كؤوس قارية، وقد تحدثنا كذلك مع المسؤولين في الاتحادية المصرية، أين أكد لنا ربيع ياسين كمدرب المنتخب المصري لأقل من 20 سنة أن العمل القاعدي يكون في الأندية الكبرى، مشيرا إلى أنهم يعتمدون على مدارس النادي الأهلي، الإسماعيلي الزمالك وأنبى، وهي النوادي الكبرى في مصر، والتي لديها سياستها في اكتشاف المواهب الشابة، وتكوينهم جيدا، قبل أن يجد مدرب المنتخب المصري لاعبين جاهزين، ومنسجمين فيما بينهم يضعهم في المنتخب مباشرة. تكوينهم في نواد معينة يُساهم في خلق الانسجام تقوم هاته السياسة في مصر على تكوين اللاعبين في 4 نواد هامة، تمنحها الدولة الإعانات اللازمة للاهتمام بالتكوين، وهو ما سيعطي اللاعبين المناخ الملائم لتطوير إمكاناته، كما يمنحهم الاستقرار والتناغم فيما بينهم، وذلك أحسن من أن يكونوا مشتتين بين الفرق وتتم انتخابهم من أجل دورات معينة، والنتيجة هي منتخب قوي ومنسجم، والدليل على ذلك ما ظهر به المنتخب الحالي للشباب والذي يضم في صفوفه 6 لاعبين من النادي الأهلي، و5 من أنبي والبقية من الزمالك والإسماعيلي.