تحضّر الحكومة الجزائرية لقانون جديد في الرياضة سيسمح للمستثمرين الأجانب بالدخول في رأس مال الشركات الرياضية ويمكنهم كذلك من التعاقد مع النوادي الرياضية المحترفة في شكل عقود رعاية وهو نوع آخر من التمويل التجاري للرياضة المحترفة. القانون سيدرس على مستوى الغرف البرلمانية قبل التصويت عليه وقد يشرع في تطبيق هذا القانون قبل نهاية السنة الجارية على حد قول وزير الرياضة، الدكتور تهمي. لعل فتح باب الاستثمارات أمام الأجانب في المجال الرياضي يطرح علامة استفهام كبيرة حول نية الدولة في الانسحاب النهائي من تمويل هذا القطاع الحساس، أم أن الرياضة الجزائرية أصبحت تستهوي فعلا الاستثمار الأجنبي وبات مستعجلا فسح المجال لهؤلاء الأجانب لشراء مثلا النوادي الكروية كما هو معمول به في أغلب البلدان الرأس مالية وكأن الجزائر تحولت بين ليلة وضحاها إلى بلد مهيكل وله نسيج اقتصادي واسع بمصانع ضخمة في كل مكان. لو ننزل إلى الواقع، سنجد بأن الحديث عن الاستثمار الأجنبي في الرياضة ما هو سوى سراب ، وما لم تنجح فيه الدولة بملاييرها وبترولها لا يمكن لأي مستثمر حقيقي أن ينجح فيه ، فماذا سيجني المستثمر الأجنبي إذا اشترى أحد النوادي الكروية مثلا؟ فحقوق بث المنافسة الكروية لا تتعدى مداخيلها 1.5 مليار سنتيم، وهو ثمن أجرة لاعب واحد، ثم أن مداخيل المتفرجين طوال الموسم لا تكفي لتسديد ثلث التنقلات خارج القواعد وعقود السبونسور نادرة جدا، وبالتالي فإن المشكل في الرياضة الجزائرية ليس فقط مشكل هيكلة واحتراف في التسيير، بل هو مشكل اقتصادي بالدرجة الأولى ، فأين هي الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الجزائري؟ عدا مشاريع استنزاف خيرات الصحراء من بترول وغاز، وكذا بيع «الريح» في خدمات الهاتف المحمول كل مشروع أجنبي مجمد أو مآله الفشل بسبب الغول «الصيني»، وبالتالي الحديث عن جلب المال الأجنبي لبعث الرياضة الجزائرية في الظرف الحالي ما هو إلا هراء. المتمعن لما يحدث في النوادي الجزائرية سيتأكد بأن مشكل الرياضة الجزائرية ليس في غياب المال ولا في مصدر المال سواء كان محليا أم أجنبيا بل في المافيا التي تسير النوادي وبسطت أيديها حاليا بعقود موثقة تحت لواء الشركات التجارية، فلا سوناطراك ولا الطاسيلي ولا نفطال حلوا مشاكل النوادي التي اشتروا أكبر نسب فيها، رغم أن هذه الشركات العمومية تملك حق طرد من تراه لا يصلح للتسيير وتستطيع جلب الكفاءات بالأجور الملائمة. اليوم يؤكد ساسة هذا البلد بأنهم ظلوا الطريق نهائيا وعوض تطهير عالم الرياضة الجزائرية من الدخلاء والبزناسية تمادوا في منحهم المال العام يعبثون به ويريدون من الأجانب أن يحلوا مكانهم ليعالجوا النوادي من السرطان الذي ينخر الرياضة منذ أكثر من عشرين سنة رغم أن الرياضيين المحترفين يتمنون الاستفادة من الخبرة الأجنبية في مجال التسيير الرياضي .