يعتبر الدكتور إبراهيم خوجة من رجال الأعمال الجزائريين القلائل الذين يتمتعون بمستوى علمي وثقافي عالي حيث تحصل على الدكتوراه في مجال الطاقة من جامعة بواتييه في فرنسا والتي بنى بها مسجدا ومركزا إسلاميا في 1979 عندما كان طالبا في هذه المدينة، ويشغل حاليا نائبا في البرلمان، وتمثل المجموعة العائلية خوجة بشركاتها المتعددة إحدى أبرز المجموعات العائلية في وهران، حيث تنشط في ميادين الصناعة والعقار والطب والنسيج والمعلوماتية ولديها مشاريع مع العديد من المستثمرين العرب والأجانب، جريدة المستقبل التقته وأجرت معه هذا الحوار، تابعوا.. حاوره: مصطفى دالع ما هي القطاعات التي تنشط فيها مجموعة خوجة الاقتصادية؟ مجموعة خوجة عبارة عن مجموعة شركات عائلية تنشط في العديد من القطاعات على غرار قطاع الإعلام الآلي إذ لدينا شركة الشبكة العالمية للكمبيوتر "آن سي إ" المختصة في تركيب أجهزة الحاسوب، وآلات السحب والنسخ وأجهزة السكانير، وفي قطاع العقار لدينا شركة وهران للبناء ومواد البناء التي تستثمر في محاجر الحصى والرمل، وفي القطاع الصحي هناك عيادة جراحية متخصصة "آل الحكمة" مختصة في الجراحة العامة وجراحة الأعصاب وجراحة الجهاز البولي، وفيها مصلحة كبيرة لتصفية الدم وأمراض النساء وجراحة العظام والطب الداخلي، كما لدينا شركة تنشط في ميدان الصناعات النسيجية، وشركة مختلطة مع شريك فرنسي تنشط في قطاع الهندسة الصناعية وتسمى "آس أ آف أو إ" وهي متخصصة في مجال تركيب المعامل وصناعة الأنابيب وقد تأسست في العام 2004، وتقوم هذه الشركة حاليا بتركيب مصنع لشركة سعودية في وهران مختصة في إنتاج زيت المائدة وتدعى "صافية"، كما أنجزنا مشروعا مع شركة نفتاك في مجال التركيب والصيانة. ما هي المشاريع التي أنجزتموها مع شركاء أجانب؟ لدينا استثمار مع شركة سعودية تدعى "شركة الدار الدولية سيدار" يتمثل في إنجاز مركز تجاري بوهران، كما اتفقنا مع الشركة الأفق المصرية المتخصصة في إنجاز المركبات العقارية الراقية والمنتجعات السياحية الفخمة على إنشاء شركة مختلطة تحت اسم شركة الأفق الجزائرية، وهذه الشركة المصرية لديها استثمارات عقارية وسياحية في العديد من الدول كالمملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة ولكن هذا هو أول استثمار لها بالجزائر. كثيرا ما نسمع عن عوائق تواجه الاستثمار الأجنبي في الجزائر ولكن ماذا عن العوائق التي تواجه المستثمر الجزائري؟ أكبر مشكل نواجهه هو البيروقراطية. فالشركة التي أسسناها بالشراكة مع الفرنسيين مثلا اضطررنا للانتظار ثمانية أشهر حتى حصلنا على السجل التجاري وهذا بسبب عدم فهم العاملين في الإدارة للقوانين، وكاد الشريك الفرنسي أن ينسحب من الجزائر حتى تدخل والي وهران ومكننا من الحصول على شهادة المطابقة بين وسائل العمل وما هو متوفر ميدانيا بالإضافة إلى رخصة الاستغلال، لذلك لا بد من الحرص على تأهيل الإداريين الجزائريين حتى لا يكون جهلهم للقوانين خاصة الجديدة منها والمعدلة سببا في تعطيل الكثير من المشاريع. ماذا عن مشكل العقار هل هو مطروح كذلك على المستثمر الجزائري؟ مشكل العقار هو الآخر أحد المشاكل العويصة التي تواجه المستثمر الجزائري كما الأجنبي، فالكثير من الشركات الجادة تأتي للاستثمار في الجزائر لكن مشكل العقار يجعلهم يرحلون بعد أن ينفد صبرهم. ما هي الآليات التي تعتمدونها في تمويل المشاريع؟ أي مشروع يحتاج إلى دراسة جدوى السوق ومردودية المشروع، وبعدها يأتي التمويل، والبنوك الجزائرية وحتى فروع البنوك الأجنبية العاملة في الجزائر لا تساعد على إقامة المشاريع، والدولة يجب أن تتدخل وأن تتحمل جزءا من المخاطر لأنها مسؤولة على توفير مناصب شغل للشباب البطال، كما هي مسؤولة على توفير البنى التحتية والقاعدية للمشروع كشق الطريق وتوصيل المشروع بشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، فلا بد من فتح مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة وحل مشكل العقار والتمويل. لكن البنوك ترفض تمويل المشاريع الفاشلة التي ليس لها سوق لاستيعاب المنتوج، فضلا عن أن الكثير من المستثمرين الشباب لا يسددون ما عليهم من قروض فلماذا نلوم البنوك دوما؟ الحكومة تعطي أموالا لمستثمرين فاشلين لذلك تجد البنوك صعوبة في استرداد أموالها، وقد اقترحت أن تكون هناك مكاتب استشارات مؤهلة تتعاون مع البنوك وتساعدها على اتخاذ القرار فيما يتعلق بالموافقة على تمويل مشروع أو رفضه، وقد التقيت مرة مع ممثلة التعاونية العالمية للتمويل "إ آف سي" فرع البنك الدولي وقالت لي أنها قادرة على تقديم تمويلات ب20 مليون دولار بشرط أن يكون المشروع ذا مردودية وجدوى وبعدها يصبح المشروع ذاته هو الضمان في حين تطلب البنوك الجزائرية ضمانات عينية لذلك نحن بحاجة إلى تغيير ذهنيات التمويل، لأن البنوك تمول فقط المشاريع التجارية. لماذا لا يهتم المستثمرون الجزائريون بالقطاع الفلاحي خصوصا وأن فاتورة الغذاء جد مرتفعة، بترول الجزائر مهدد بالنضوب بعد أقل من 17 سنة؟ طرحت مشروعا وطنيا على الحكومة لغرس أشجار الزيتون على نطاق واسع على غرار أشجار زيت النخيل في ماليزيا التي أصبحت تمثل المصدر الثاني للمداخيل بعد الصناعات الالكترونية رغم أن شجرة زيت النخيل نقلت من إفريقيا الوسطى، كما أن سعر زيت الزيتون في السوق الدولية أغلى خمس مرات من زيت النخيل، ويمكننا خلق العديد من الصناعات الغذائية المرتبطة بزيت الزيتون، وقد أتيحت لي الفرصة وزرت كوالالمبور واطلعت على التجربة الماليزية المميزة في غرس أشجار زيت النخيل، ويمكن تكرار هذا التجربة في الجزائر مع أشجار الزيتون التي يمكنها أن تكون بديلا للبترول وبالإمكان غراسة هذه الأشجار حتى في الصحراء والجبال لأنها تتحمل صعوبة المناخ وقلة المياه. ما هو حجم الاستثمارات العربية والأجنبية التي تستقطبها منطقة الغرب الجزائري مقارنة بالعاصمة؟ الاستثمارات العربية في منطقة الغرب الجزائري لم ترق بعد إلى المستوى المطلوب، فبالرغم من الإمكانات الطبيعية والبشرية المتوفرة في المنطقة إلا أنها لازالت مجهولة لدى المستثمر العربي أو الأجنبي، ومع ذلك فهناك العديد من المجموعات الاقتصادية الخليجية خاصة الإماراتيين مهتمون بالاستثمار بالمنطقة وفي العديد من القطاعات، فمدينة وهران لوحدها تزخر بمناظر سياحية عجيبة تدهش الزائر، وقد زارني مرة صديق ألماني ورأى الساحل الوهراني اندهش وتعجب لجمال هذا المنظر، إذ أن الكثير من هذه المناظر والأماكن الخلابة غير معروفة لدى السائح الأجنبي كما المستثمر على غرار منطقتي مداغ وكريشتل وبالقرب من فندق الشيراطون توجد منطقة للتوسع السياحي على امتداد 20 كيلومتر تعتبر آية من آيات الجمال الطبيعي في وهران، فضلا عن المناخ المعتدل. هل لديكم استثمارات في القطاع السياحي بوهران؟ نفكر جديا في إنجاز مشاريع سياحية ولكن بالشراكة مع مستثمرين عرب وأجانب لأن الاستثمار في قطاع السياحة يحتاج أموالا ضخمة. فسعر العقار جد مرتفع حيث يفوق سعر المتر المربع 500 أورو داخل مدينة وهران أما خارجها فينخفض ليصل إلى 100 أورو للمتر المربع. وجذب مستثمرين عرب وأجانب إلى الجزائر يتطلب توفير المناخ المناسب للاستثمار، فعلى سبيل المثال المستثمر الأجنبي يحتاج إلى مدارس تدرس باللغة الانجليزية لتعليم أبنائه وهذا غير متوفر وقد حدثني مستثمرون أتراك عن هذا الأمر حيث بعدما تم فتح مدرسة تركية بالجزائر تم إغلاقها بدعوى أنها غير مطابقة للقوانين وقالوا بأنه كان لديهم رغبة للاستثمار بالجزائر ولكنهم بدِأوا يعيدون النظر في الأمر، وكذلك الأمر بالنسبة للمدرسة السعودية، كما أن هناك صعوبة في تنقل المستثمرين الأجانب إلى الجزائر فالحصول على التأشيرة إلى الجزائر ليس بالأمر الهين، فإذا كنا نرغب في جذب الاستثمارات الأجنبية فلا بد من تقديم تحفيزات للمستثمرين وتسهيل الأمور لهم. الدولة الجزائرية وعلى أعلى المستويات تدعو المستثمرين الأجانب للاستثمار بالجزائر ورجال الأعمال الأجانب خاصة العرب متحمسون للاستثمار عندنا لكن لم يتحقق في الميدان إلا الشيء اليسير فأين الخلل؟ مشكل الاستثمار في الجزائر سياسي بالدرجة الأولى، لذلك لابد من منح رئيس البلدية صلاحيات تخوله اتخاذ القرار، لأن الاستثمار يكون في البلدية، ومنح صلاحيات لرئيس البلدية تسمح له بالمراقبة والمتابعة مع خلق حرية في الميدان. ومن خلال الشفافية يمكننا مراقبة المال العام، كما أن الحكومة مطالبة بوضع خريطة معلوماتية عن الاستثمار في الجزائر لتسهيل الأمور على المستثمرين.