لم تعد ظاهرة تنحية المدربين في البطولة الجزائرية العرجاء حدثا ، بل بالعكس ، باتت عملية الحفاظ على استقرار العارضة الفنية لأي ناد كروي من الظواهر الغريبة والدخيلة في ملاعبنا إلى درجة أن المسير الذي يتمسك بالمدرب يجد رد فعل عنيف من الأنصار الذين يطالبون بتنحيته مثلما وقع لشارف في المولودية هذا الموسم ففي الجزائر هناك 35 مليون مدرب. أرقام تنحية أو استقالة المدربين فقدت قيمتها عندنا كونها تحطم بسرعة البرق و أصبحنا نرى عشرات المدربين لا يخجلون ويتحولون من فريق لآخر دون ميركاتو قانوني، مما يدل على أن أخلاقيات مهنة التدريب غادرت قاموس تكوين التقنيين. يضحك الجاهل وهو يقرأ بعض المحللين وهم يفسرون ما وقع نهاية هذا الموسم من ازدحام في سلم الترتيب، إلى درجة أن وصيف الرائد لا زال مهددا بالسقوط، فقال البعض بأن هذا مؤشر على نزاهة المنافسة وتحسن المستوى المحلي سيما وأن ثلاثة فرق جزائرية تأهلت إلى دوري مجموعات رابطة الأبطال الإفريقية. وتناسى الجميع بأن رائد بطولتنا المسكينة لم يحصد أكثر من 60 بالمئة من نقاط الموسم وهو أول مؤشر على تواضع بطولتنا. ولعل ما يقع في إفريقيا السوداء في ظل الوضع الأمني المتدهور في تونس ومصر، هو الذي جعلنا في الواجهة القارية، لأن الأفارقة أصبحوا يصدرون خيرة لاعبيهم إلى القارة العجوز مبكرا وفي سن لا يتعدى ال18 سنة ويستعيدون نجومهم بعد سنوات قليلة للمنتخبات الأولى في كوت ديفوار والسنيغال ومالي ونيجريا والكاميرون لحصد الألقاب الغالية. وسيظل مستوى الكرة الجزائرية متدهورا في ظل غياب قناعة سياسية لوضع مخطط حقيقي للنهوض بكرة القدم، ووقف مهازل ضخ الملايير عبر الصناديق العمومية لأرصدة نواد تسيرها عصابات مافياوية تستخدم كل الطرق لنهب المال العام سواء عن طريق أجور مضخمة لمدربين أجانب أو للاعبين متواضعين ، فالدوري المحترف الجزائري يكلف أكثر من 500 مليار سنتيم في الموسم الواحد، كلها أجور لاعبين ومدربين .