كشفت قضية عدم تأهيل عدد من اللاعبين القادمين من بطولات أجنبية في الدوري الجزائري، الهوة بين الاحتراف الحقيقي، والبريكولاج السائد في الكثير من نوادينا، بالرغم من أن السيولة المالية موجودة لتسديد أجور بمئات الملايين على هؤلاء اللاعبين. بعض فرق الدوري المحترف الجزائري، لم تكن تدري بنظام الفيفا فيما يخص تأهيل القادمين من خارج البطولة المحلية، وفرق أخرى لا تملك الموظفين المؤهلين للقيام بالدور الإداري في تطبيق الإجراءات اللازمة، لتجد بعض الأندية نفسها محرومة من توظيف لاعبين تعاقدت معهم بأكثر من مليار سنتيم طوال مرحلة الذهاب، ومضطرة لانتظار فتح سوق الانتقالات الشتوية. وحتى إن حاول بعض المسيرين مسح "الموس" في الفاف، لامتصاص غضب الجماهير والأنصار، إلا أن الواقع كشف بأن النوادي الجزائرية لا زالت تسبح في بريكولاج، وغير مستعدة للانتقال الفعلي نحو الاحتراف، سيما وأن حجة قلة الإمكانيات لم يعد لها أي معنى، في ظل دفع الملايير لجلب اللاعبين في فترات الانتقالات، وعوض أن تخصص النوادي 5 بالمئة من هذه الأموال لهيكلة النوادي وتوظيف أشخاص مؤهلين، يفضل البزانسية تسيير الفرق المحترفة كشركات الاستيراد والتصدير من الصين، أي الإدارة في الحقيبة "الختم والإمضاء". مرة أخرى تكشف الأيام بأن ما يحدث في الجزائر الكروية هو بزنسة بما تحمله الكلمة من معان واسعة، مسيرون حولوا النوادي إلى شركات تجارية للهروب من ضغط الجمعيات العامة للنوادي الهاوية، وبالمقابل يستنزفون أموال النادي الهاوي المخصص للشبان والتكوين والرياضات الأخرى، من خلال تحويل مداخيلهم من البلديات والوزارة إلى جيوبهم الخاصة، وفي النهاية تجد بأن الخاسر الأكبر هم شباب الجزائر والرياضة بصفة عامة، لأن أموال هذا القطاع نهبت بشكل منظم وتحت أنظار كل السلطات. ما وقع في قضية تأهيل اللاعبين، يجب أن يحرك الجميع خاصة السلطات العمومية التي تمول النوادي بشكل أو بآخر، وتستنفر الرياضيين كي يحموا نواديهم من عصابات مافياوية بسطت أيديها على فرق لها باع وتاريخ، وروجت لأكاذيب الاحتراف لدغدغة شعور المناصرين، لأن ما نشاهده في أرض الواقع لا يمت للاحتراف بصلة. قد يكون الموسم الاحترافي الثاني أحسن من الموسم الفارط فنيا، لكن مادامت العصابات التي هدمت كرة القدم منذ مطلع التسعينيات، هي نفسها التي تواكب حقبة الاحتراف، فإن كرة القدم الجزائرية لن تخرج من عنق الزجاجة، بل ستغرق أكثر بهؤلاء المسيرين.