تحدث الدولي الجزائري المعتزل حديثا عنتر يحيى في هذا الحوار الشيق الذي خص به الزميلة «كومبيتيسيون» عن الأسباب التي جعلته يعلق الحذاء دوليا كما استعاد بالمناسبة العديد من التصريحات التي أطلقها في نهائيات كأس إفريقيا2004 وكذا مواجهتي مصر بالقاهرة وأم درمان وتحدث عن زملائه الذين عز عليه فراقهم خاصة أنه يملك علاقة جد رائعة مع الجميع وحتى المدرب وحيد حاليلوزيتش الذي أراد ثنيه عن قراره الذي قال إنه كان صعبا للغاية وبعد سنوات طويلة من العطاء لبلد الأجداد. عنتر.. الشعب الجزائري وكل محبي الخضر دُهشوا لخبر اعتزالك اللعب دوليا، ماذا تقول في هذا الشأن؟ القرار اتخذته منذ بعض الأسابيع، بعدما فكرت كثيرا، وقررت أيضا أن أبتعد عن الخضر قبل بداية مشوار جديد وهو كان 2013 ومونديال 2014 كما أن الاعتزال بعد فوز خارج الديار لترك المنتخب بمعنويات مرتفعة قبل لقاء رواندا. لكن لماذا اعتزلت وأنت في الثلاثين من العمر؟ أنتم تقولون إنني شاب وسني 30 سنة، لكن من قبل انتقدتموني كثيرا بسبب تضييع كرة أو صراع مع لاعب، فأحيانا الانتقادات ليس عادلة، فالانتقاد الكروي مقبول لكن أمورا أخرى لا، وفي بعض الأحيان يجب قول «stop» رغم أن الرغبة في اللعب للخضر ما زالت قائمة لحد الساعة. هل الانتقادات التي طالتك بعد مباراة غامبيا هي التي دفعتك لاتخاذ قرار الاعتزال دوليا؟ ليس هذا فقط، فالانتقادات من الأمور التي دفعت بي للرحيل لكن ليس هذا فقط، فهناك أمور أخرى، خاصة الجمهور، فالعلاقة بيني وبين الجماهير الجزائرية رائعة سيما أن الجميع يكن لشخصي الاحترام والتقدير، ولا أريد أن يصل الأمر بهم أن يصفروا علي أو يقولون عني أي شيء سلبي، خاصة أنني لم أتخاذل يوما وقدمت كل ما لدي للمنتخب الوطني، ففي بعض الأحيان أخطأت لكنني قدمت كل شيء للمنتخب. خاصة أن القائد السابق للخضر منصوري عاش نفس الأمر؟ صحيح، ما عاشه منصوري كان أمرا مؤلما بعد أن غادر المنتخب الجزائري في وضعية سيئة للغاية. إذن لم ترد أن تكرر التجربة السيئة التي عايشها لاعب شباب قسنطينة يزيد منصوري الذي خرج من الباب الضيق ؟ لم أقل هذا، وكل واحد مسؤول عما عاشه، وأنا أيضا عشت لحظات صعبة جدا وخرجت منها مرفوع الرأس. حاليلوزيتش صرح لنا أمس أنه حاول إقناعك بالتراجع لكنه لم يقدر؟ المدرب حاليلوزيتش يعرفني منذ شهر أوت ويعرف جيدا عقليتي، ويعلم أنني لا أتخذ مثل هذه القرارات في عجلة أو دون تفكير، ولا يمكنني أيضا أن ألعب بمشاعر الآخرين، قررت الانسحاب فانسحبت، لكن الشخص الذي وجدت صعوبة في مصارحته هو والدي...أجل والدي لأنه من غرس فيّ حب الوطن و صعب عليّ مصارحته. وكيف حدث الأمر وهل تقبّل والدك قرارك دون أي نقاش؟ بعد أن فكرت مليا واقتنعت بقرار اعتزالي دوليا، طرحت القضية على والدي وأعلمته بذلك وهو ما جعله يتفاجأ لكنه فهم السبب الذي جعلني أتخذ مثل هذا القرار الشيء الذي جعله يقول لي أنه رغم كل شيء سيبقى فخورا بي. وهل حاول ثنيك عن قرارك ونصحك بالعدول عنه؟ هذا شيء طبيعي، نعم حاول في الكثير من المرات أن يغير من وجهة نظري لكنه لم يفلح في النهاية وعليه، أقول لكم إذا لم يفلح أبي في ثنيي عن القرار الذي اتخذته فإنه لا يوجد شخص آخر بإمكانه أن يغير من وجهة نظري. لكن البعض يقول إن برودة العلاقة التي تجمعك بالناخب الوطني وحيد حاليلوزيتش منذ ترؤسه العارضة الفنية للمنتخب الجزائري ساهمت كثيرا في اتخاذك مثل هذا القرار، هل يمكن أن تؤكد لنا هذا الأمر؟ لا ليس هذا بالضبط وأنا لست منافقا حتى أتحدث عن هذا وأظن أن الناخب الوطني كذلك أكد لكم أنه أراد بقائي في المنتخب لكنني قررت الرحيل وتعليق الحذاء. في التصريحات التي نشرت على الموقع الرسمي للفاف، قلت إنك اخترت الوقت المناسب لتعليق الحذاء دوليا لكنك لم تراع أن المنتخب بصدد الدخول في تربص هام سيّما أن المدرب حاليلوزيتش وصف الأمر بأنه سيسبّب مشكلة؟ من وجهة نظري الشخصية لا أظن أنني تركت المنتخب في وضعية صعبة كما أعود وأؤكد أننا نملك تشكيلة قادرة على التألق ويجب على كل لاعب تحمل مسؤولياته ورغم أنني أملك علاقات متينة مع أغلب لاعبي المنتخب لكن الشيء المؤكد أنه حان وقت الرحيل. لكن كثيرين من زملائك في المنتخب أكدوا لنا أنك استبقت الأمور وتركت المنتخب في منتصف الطريق، ماذا تقول في هذا الشأن؟ لا ليس هذا، لأن الفريق الوطني يملك حاليا لاعبين كبارا قادرين على صنع أفراح الخضر مستقبلا سيما في تصفيات كان 2013 ومونديال 2014 وأقول لكم أن قصة ومغامرة جميلة ستولد مع الشبان والجيل الجديد الذي يحمل ألوان الخضر حاليا. هناك كذلك علاقة رائعة تجمعك بالجماهير الجزائرية التي يبدو أنك أردت أن تحافظ على علاقتك معها أم أنك كنت متخوفا من عدم استدعائك مجددا أو بقائك على دكة الاحتياط؟ لا ...لا يوجد شيء من هذا القبيل وكما تعلمون فإن التصريحات الأخيرة للناخب الوطني أكد فيها أنه سيجدد في شخصي أنا ومجيد بوقرة الثقة في المباريات القادمة وتيقنوا أنه لم ينطق بمثل هذا الكلام من أجل سواد عيناي كما أن مدافعا محوريا في هذا السن يلعب بفضل تجربته وخبرته في الميادين كما أنني لعبت الموسم الفارط في أعلى ترتيب «البندسليغا2» وسأواصل مسيرتي مع كايزر سلاورتن لموسمين إضافيين. قلت من قبل إنك ومنذ شهر تقريبا لا تنام بسبب القرار الذي اتخذته بعدم اللعب مجددا للمنتخب الجزائري، هل هذا راجع إلى أن القرار كان صعبا أم إلى أشياء أخرى؟ نعم ، أقولها وأعيد قرار اعتزالي لم يكن سهلا مثلما يعتقده البعض لأن قصة حب طويلة تجمعني بالقميص الوطني وببلدي الجزائر الذي أحبه لحد النخاع الشيء الذي جعل الأمر صعبا علي وأرّقني في نومي خاصة أنني عايشت على مدار عشر سنين كاملة لحظات تاريخية مع المنتخب بحلوها ومرّها ولم أكن أعتقد أنه يأتي اليوم الذي سأغادر فيه منتخب بلادي. كما أن الجماهير الجزائرية هي كذلك تحتفظ بأشياء جميلة عنك سيّما تصريحاتك خلال كان 2004 بتونس بأنك مستعد لترك رجليك في الملعب من أجل الخضر وكذلك المواقف التي تعرضت لها وتصريحاتك في القاهرة والسودان، هل من كلمة تقولها في هذا الشأن؟ كما قلت لكم فإن علاقة رائعة تجمعني بالخضر والجماهير الجزائرية، فمثلا في 2004 شاهدت الآلاف من الجزائريين يزحفون إلى تونس وهو ما أثر في نفسيتي كثيرا الشيء الذي جعلني أطلق تصريحاتي دون أدنى شعور لأنها كلمات نابعة من القلب ولا تحتاج لأي تفكير وهو نفس الشيء الذي حدث في القاهرة. ما معنى ذلك؟ ليلة مواجهتنا للمنتخب المصري،شاهدت أنا وصديقي حليش شريطا يقول صاحبه أننا أبناء فرنسا وأننا لا نملك شهداء وأن بلدنا الجزائر لا تملك تاريخا وهو ما جعلني في وضعية نفسية سيئة بعد أن تطاولوا على بلدنا وهو ما جعلني أتذكر في تلك اللحظات عندما كنت أذهب رفقة أبي إلى «الدوار» وبالضبط إلى المنطقة التي فقد فيها جدي حياته أثناء ثورة التحرير وهو ما جعلني أصرح بعد مباراة السودان أنني أهدي الفوز والتأهل التاريخي إلى جدي وكل الشهداء الذين ماتوا من أجل أن تحيا الجزائر. معنى هذا أن كل الضغوطات التي مارسها المصريون هي التي جعلتك تُخرج ما في جعبتك في تلك الصاروخية التي أرسلتها إلى شباك الحضري؟ نعم ، طيلة ذلك اللقاء كنت أتذكر ما قاله المصريون بشأننا الشيء الذي جعلني ألعب بحماس كبير سواء في الدفاع أو الهجوم وعندما وصلتني الكرة قررت أن أسدد بكل قوة ، نعم بكل قوة حتى أهز شباك حارسهم وهو ما حدث. قبل هذه المواجهة، عمل الناخب الوطني رابح سعدان كل ما بوسعه ليحفزكم ويحضّركم لتلك المواجهة حتى تكونوا في الموعد، هل لك أن تتذكر تلك اللحظات؟ نعم.. الشيخ رابح سعدان وكما تعلمون مدرب كبير له شخصيته الوطنية حيث أكد لنا أنها لحظات تاريخية وأنه يجب علينا أن نكون رجالا فوق أرضية الميدان من أجل ملايين الجزائريين وفي هذا الشأن أستسمحكم لأقول شيئا مهما. ما هو، تفضل أتقدم بشكري الجزيل لكل المدربين الذين تعاقبوا على العارضة الفنية للخضر طيلة المرحلة التي حملت فيها القميص الوطني ولا أريد أن أذكر الأسماء حتى لا أنسى البعض منهم كما أتوجه بتحياتي الخالصة لكل من عمل مع الخضر من دكاترة، إداريين، مرافقين وحتى من كانوا يحرصون على تهيئة أرضية الميدان وحقيقة أشكر الجميع على العلاقة المتينة التي جمعتني بهم والتي كانت مبنية على الاحترام المتبادل. إذا طلبنا منك أن تتحدث عن ثلاث ذكريات سيئة في مسيرتك مع المنتخب، ماذا تقول؟ ذكريات سيئة..لا أريد أن أتذكرها وأتحدث عنها لأنني هنا بصدد الحديث عن كل شيء إيجابي وذكريات جميلة لكن ورغم ذلك فإنني أرى أن عدم تواجدنا في نهائيات كأس إفريقيا2006 في مصر و2008 بغانا كان الأسوأ على الإطلاق. وماذا عن ثلاث ذكريات لا تزال راسخة في ذهنك؟ دون أدنى تفكير فالتأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا يبقى الأحسن على الإطلاق وكذلك فوزنا على مصر في تونس وكذلك سلسلة الانتصارات التي أحرزناها بملعب البليدة خلال سنتي 2008و2009. سيّما أنك كنت دوما من أبرز اللاعبين الذين يطالبون باللعب على أرضية تشاكر، لماذا بالضبط؟ نعم دافعت دوما عن فكرة اللعب بتشاكر لأن أرضية الميدان رائعة وأحسن من تلك التي توجد ب5 جويلية كما أننا وعند دخولنا لذلك الملعب ندخل دوما بفكرة واحدة في رؤوسنا وهي أننا سنخرج منتصرين. بعد أن اعتزلت اللعب دوليا مع المنتخب الجزائري، هل توجد لديك نية في دخول عالم التدريب؟ هذا السؤال سابق لأوانه سيما أنه لا زالت لدي ارتباطات مع فريق كايزرسلاوترن لكن هذا لا يعني أنه لا توجد لي رغبة في دخول عالم التدريب مستقبلا كما أنني على استعداد دائم لخدمة بلدي الجزائر لكن وقبل كل هذا يجب علي أن أواصل مسيرتي الكروية وبعدها سأفكر في التدريب. وهل ستبقى في ألمانيا الموسم القادم..ألا تفكر في خوض تجربة في قطر مثلما فعل زياني وبوقرة؟ في الوقت الحاضر كل ما أفكر فيه هو تشريف عقدي مع كايزر سلاوترن واللعب أمام أكثر من 50ألف متفرج في القسم الثاني ولعب ورقة الصعود الموسم القادم. المدرب الوطني قال إنه سيبرمج لك زيارة إلى اللاعبين خلال التربص القادم، هل تؤكد لنا الأمر؟ بما أنه تحدث إليكم في مثل هذا الموضوع فإن هذا يدل على العلاقة الطيبة التي تجمعني به وبجميع اللاعبين الذين سأبقى تحت تصرفهم في أي نصائح أو استشارات وسأبقى دوما وفيا للخضر وسأتابع مبارياتهم خلف شاشة التلفزيون ورايات العلم الوطني معلقة على الجدران. في حال تأهلت الجزائر لمونديال جنوب إفريقيا فإنك ستكون سعيدا حتما لكن شعورا سيختلج صدرك ويقول إنك كنت قادرا على اللعب مرة ثانية في أكبر محفل كروي عالمي، ماذا تقول في هذا الشأن؟ نعم سأكون سعيدا بصفتي مناصرا وفيا للخضر وسأكون سعيدا لزملائي لأنني أعرف جيدا قيمة المشاركة في المونديال..لن أتحسر على غيابي وسأدعو لهم بالتوفيق لكن الشيء الأكيد الذي يجب أن تتأكدوا منه هو أنني سأكون حاضرا بالبرازيل بالقميص الوطني في مدرجات الملعب لمؤازرة رفقائي وحتى أكون إلى جانب الجمهور الجزائري لأول مرة سيما أنني أحب دوما أن أكون إلى جانب أبناء بلدي الذين أعشقهم لحد النخاع.