جاءت التصريحات التي أطلقها رئيس الفاف محمد روراوة عند نزوله ضيفا على القناة الإذاعية الثالثة والتي قال فيها أن التتويج بكأس أمم إفريقيا يبقى صعبا جدا على المنتخب الجزائري ،متحججا بأن اللاعبين يجدون ظروفا مغايرة تماما لما اعتادوا عليه مع أنديتهم وخاصة أن غالبيتهم تنشط في البطولات الأوروبية ليطرح العديد من التساؤلات، ما قاله روراوة وإن كان يحمل بعض الحقيقة من الجانب الرياضي، إلا أن الأسباب الحقيقية مغايرة تماما ،وهناك أهداف أخرى لرئيس الفاف من هذه التصريحات. شرع في تحضير الرأي العام من الآن لتقبل الإخفاق تبرير رئيس الفاف لإخفاق الخضر في التتويج بثاني كأس إفريقية في تاريخهم وقبل أربعة أشهر من انطلاق الكان بداعي تغيير الظروف وهو يملك أقوى منتخب إفريقي، ما هو إلا بداية في تحضير الشارع الكروي الجزائري من الآن لتقبل الخروج كالعادة من الدور ربع النهائي أو نصف النهائي على أقصى تقدير، في وقت يؤكد أن التأهل إلى المونديال هو الهدف الرئيسي دون أن يتحدث عن الهدف من المشاركة في المونديال، لأن ما يهم روراوة هو ضمان ثمانية ملايين دولار بمجرد التأهل وما يأتي بعدها يعتبر "بونيس". الجوائز المالية في الكان غير محفزة وأموال المونديال تسيل اللّعاب الكلام الذي قاله روراوة له مبرر وحيد وهو الجانب المالي من المشاركة في الكان، فرئيس الفاف يعرف جيدا أن كل المكافآت المالية التي تنالها المنتخبات الستة عشر المشاركة في الكان لا تتعدى 10 ملايين دولار، أي بزائد مليونين فقط على المبلغ الذي يناله المتأهل إلى المونديال وهو ما جعله يراهن على الهدف المربح ماليا، كما أن المتوج بالكان ينال 1.5 مليون دولار ومنشط النهائي 1 مليون دولار، في حين يتحصل منشطي المربع الذهبي على 750 ألف دولار وهي مكافآت يراها روراوة غير محفزة للتويج باللقب، في حين يعتبر المشاركة في الكان مجرد دورة تحضيرية للقاءات المتبقية من تصفيات المونديال. ما الفائدة من التعاقد مع مدرب يملك الخبرة في الكؤوس الإفريقية؟ عندما يقول رئيس الفاف أن خبرة المدرب الصربي راييفاتس في الكؤوس الإفريقية هي التي شجعته على التعاقد معه وفي نفس الوقت يقول أنه من الصعب التتويج بكأس إفريقيا، فهذا تناقض واضح، وكان من الأولى به أن يقول أنه جلب مدربا يملك الخبرة في التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى المونديال أو بالأحرى الضامنة لثمانية ملايين دولار وليس في الكؤوس الإفريقية، هذا دون نسيان الخبرة التي يتحدث عنها روراوة وكيف يراها، فراييفاتس لا يمكن مقارنته بالمدربين الذين يملكون حقا الخبرة الإفريقية والكل يعرف سيرته الذاتية ووصوله مع غانا إلى ربع نهائي المونديال هو من أقنع روراوة إضافة إلى أجرته. المونديال أصبح عاملا سياسيا وورقة رابحة بيد السلطات بعيدا عن الجانب المالي فروراوة ومن ورائه السلطات في البلاد يدركون جيدا قيمة كرة القدم وسط الشعب الجزائري وهو ما جعلهم يقفون وسيقفون وراء رئيس الفاف من أجل تأهيل الخضر إلى المونديال، فمن جهة، سيجعلهم في غنى عن تمويل الفاف ماديا ومن جهة ثانية يستعملونه كورقة رابحة لشغل الرأي العام بالكرة وتحويل أنظاره إلى المشهد السياسي للبلاد المقبلة على تحديات ومواعيد كبيرة ومن فائدة أصحاب القرار أن يبقى الشارع منشغلا بكرة القدم حتى 2018. يعرف جيدا أن المونديال هو الذي سيبقيه على رأس الفاف الاهتمام الكبير الذي يوليه رئيس الفاف لتأهيل الخضر إلى المونديال الرابع لهم على التوالي، ليس فقط جلب الأموال لخزينة الفاف ومساعدة السلطات في شغل رأي الشارع الجزائري بل حتى لأغراض شخصية، فرئيس الفاف مقبل على تحد جديد وهو خلافة نفسه على رأس الفاف شهر مارس القادم ويدرك جيدا أن أي تعثر في اللقاءين القادمين من التصفيات أمام الكاميرون ونيجيريا يعني تقليص حظوظ الخضر في التأهل وتقليصه حظوظ روراوة للفوز بعهدة جديدة بما أن ضمانه الوحيد في البقاء هي ورقة المونديال والتي إن ضاعت سيضيع معها.