إذا قلت لأحدهم أن فيرناندو توريس مهاجم ليفربول سيفشل بهذا الشكل إن انتقل إلى صفوف تشيلسي، فسيقول عليك إما حاقد أو لا تفقه شيئاً في كرة القدم !. معه حق .. فالنينو كان يقدم مستويات رائعة جداً مع الريدز، وكانت أهدافه غزيرة مع الأحمر المهول، ولكن ذهب الدولي الإسباني إلى البلوز فتحول من هداف يُسجل من نصف فرصة ويقود فريقه للفوز، إلى مهاجم عقيم يحتاج لعشر فرص -أو ربما أكثر !- كي يُحرز هدفاً !. ماذا حدث؟! .. سؤال يشغل بال الجميع، البعض يرى أنه ربما افتقاد النينو لنصفه الآخر ستيفن جيرارد هو السبب، فالثنائي كان في غاية التناغم والتجانس في ليفربول، وهذا الانسجام كان ينتج عنه تألق كلا اللاعبيْن وكثيراً ما أسفر الربط بينهما عن أهداف جميلة. صحيح أن هذا هو أحد الأسباب ولكنه ليس السبب الأهم على الإطلاق. بيتُ القصيد والسر وراء فشل توريس مع تشيلسي ألا وهو أن “توقيت التوقيع” معه كان خاطئاً ومبكراً. توريس ليس اللاعب الذي يقوم بدور البديل، فهو كان الرقم واحد في ليفربول، هو المهاجم الأساسي ولا يوجد من يمكنه أن ينازع لاعب أتلتيكو مدريد الأسبق على موقعه ضمن التشكيلة الأساسية لفريق ملعب آنفيلد، وهذه “الأريحية” والتي نتج عنها “الاستمرارية” كان لها دور هام في تألقه مع الريدز، فلا يوجد من يوضع في مقارنات أمامه بشكل متواصل، وبالتالي فلا توجد ضغوط تضع أكياساً من الرمل على قدمي اللاعب !. كذلك توريس ليس اللاعب المناسب لتشيلسي “الإيطالي”، تشيلسي التكتيكي، غير الممتع والذي لا يقدم ما يُرضي عشاق كرة القدم الجميلة، فهو لاعب فني، لاعب يمتلك مهارات فنية، وفي المجمل .. توريس لاعب لديه “نمط” مختلف كل الاختلاف عن النمط الخاص بدروجبا، المناسب تماماً، إن لم يكن الأنسب على الإطلاق لتلك النسخة من تشيلسي، وبالتالي كان يحس الجمهور دائماً بغياب ديدي، لأن توريس كان كاللون الدخيل على اللوحة التشيلساوية، غير المتجانس، رغم أنه كان من أحلى الألوان التي كانت تُجَمِّل اللوحة الليفربولية لأنه كان مناسباً تماماً لها. توريس هو الأنسب لمشروع تشيلسي “الإسباني” أو تشيلسي “البرازيلي” .. تشيلسي “الممتع” بشكل عام، الذي يُخطط لإنشائه رئيس النادي اللندني رومان أبراموفيتش، وهو ما كان وراء توقيعه مع عدة صناع لعب مهاريين في بداية الموسم مثل: أوسكار وهازار بالإضافة إلى محاولته القائمة إلى غاية الآن للتعاقد مع الموهبة البرازيلية الفذة “نيمار”. كما سعى أبراموفيتش جاهداً للحصول على خدمات الفني الإسباني بيب جوارديولا، الذي قدم معه البرسا كرة قدم أذهلت العالم أجمع. وعندما لم ينجح الملياردير الروسي في ذلك، وقع مع الإسباني الآخر رافا بينيتيز، رغم رفض جماهير ستامفورد بريدج مجيئه على خلفية تصريحات سابقة له برفضه تدريب البلوز، ورغم فشله في تحقيق النجاحات منذ فاز مع ليفربول بدوري الأبطال في 2005، إلا أنه أراد تحويل تشيلسي الإيطالي إلى تشيلسي الإسباني ليغير الفريق الأزرق من جلده ويصبح ضمن الفرق الممتعة في عالم كرة القدم، وهو ما يفسر في خضم حديثنا عن تشيلسي السبب وراء تسرع أبراموفيتش في إقالة المدرب الإيطالي روبيرتو دي ماتيو، المُتوج مع تشيلسي بأغلى ألقابه، دوري الأبطال، فالأول كان في عجلة من أمره للبدء في مشروع تشيلسي الإسباني، والذي لم يكن ليبدأ إلا بعد رحيل دي ماتيو، المدرب التكتيكي. نعود للحديث عن توريس، الذي وقع معه أبراموفيتش في وقت مبكر، وهو ما تسبب في “حرق” ورقة توريس، الأنسب على الإطلاق لمشروع تشيلسي الإسباني، بعد أن افتقد النينو للثقة وبات من الصعب -إن لم يكن من المستحيل- أن يستعيد صاحب ال 28 عاماً بريقه من جديد في تشيلسي، وبات رحيله مطلباً جماهيرياً من أجل جلب إل تيجري المتألق ضمن صفوف الروخي بلانكوس “راداميل فالكاو”. كان ينبغي أن يأتي توريس عندما يدخل مشروع أبراموفيتش حيز التنفيذ، وهنا سيكون البلوز قد تعاقد بالفعل مع اللاعب “المناسب” في “التوقيت المناسب” !. تُرى هل سينجح مشروع أبراموفيتش، أم سيظل تشيلسي هذا الفريق التكتيكي الرائع ولكن البعيد عن متعة كرة القدم؟ .. لننتظر ونرى .. !.