واصلت عجلة كأس الأمم الإفريقية دورانها لتحط الرحال في نسختها الثالثة هذه المرة في البلد الثالث الذي كان له الفضل في إنشائها، حيث احتضنت إثيوبيا دورة 1962 والتي شهدت أول تغييرا وتطورا ملحوظا من سابقتيها على غرار اعتماد نظام التصفيات، ضف إلى ذلك محاولة المنظمين أخذ أبعاد رياضية خالصة لهذه الدورة دونما ربطها بأي فكر أو توجه سياسي على غرار ما شهدته الدورتين السابقتين. منتخبا إثيوبيا ومصر يتأهلان للدورة مباشرة عرف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مع مرحلة الاستعداد لدورة كأس أمم إفريقيا 1962 تطورا ملحوظا من حيث التنظيم والقوانين التي تحكم نظام المسابقة، حيث تم اعتبار منتخب مصر»الجمهورية العربية المتحدة» متأهلا بشكل مباشر لنهائيات كأس إفريقيا لدورة «أديس أبابا» باعتباره حامل لقب النسخة السابقة التي أجريت عام 1959 لهذه المنافسة، وهذا بالإضافة إلى المشاركة المباشرة للمنتخب الإثيوبي دون خوضه غمار التصفيات كونه البلد المنظم . الدورة شهدت اعتماد نمط التصفيات المؤهلة للنهائيات بعد ما وصل عدد البلدان التي أبدت نيتها في المشاركة في دورة إثيوبيا إلى سبع دول وهي منتخبات تونس والمغرب، وكذلك نيجيريا وأوغندا وأخيرا منتخبا غانا وكينيا، بالإضافة إلى حامل اللقب والبلد المنظم والسودان، هذا الأخير تقرر أن يخوض غمار التصفيات انطلاقا من الدور الثاني باعتباره مشاركا من قبل في الدورتين السابقتين، قرر المنظمون اعتماد نظام التصفيات بين الست دول المعنية فأجرت قرعة الدور الأول الذي تقرر فيه تأهل الفرق بإجراء مباريات الذهاب والإياب، فشاءت القرعة وقوع داربي مغاربي بين تونس والمغرب، وواجهت نيجيريا منتخب غانا، وأخيرا استضافت كينيا منتحب أوغندا. نيجيريا وأوغندا يتأهلان إلى الدور التصفوي الثاني بعد أن خاض كل من منتخبي نيجيريا وأوغندا مباريات الذهاب والإياب، تأهل كل منهما إلى الدور الثاني بعد أن تعادل الأول مع غانا ذهابا وإيابا بنتيجة هدفين لكل منهما، والثاني بعد أن فاز في كينيا بهدف رغم خسارته على أرضه بنفس النتيجة، الأمر الذي حتم على لجنة التنظيم الاحتكام إلى القرعة من جديد، والتي كان الحظ فيها مبتسما لكل من منتخب نيجيريا وأوغندا. تونس تلتحق بالدور الثاني دون عناء لغياب المنتخب المغربي تأهل المنتخب التونسي مباشرة إلى الدور الثاني من تصفيات كأس أمم إفريقيا ليلتحق بكل من منتحبات نيجيريا وأوغندا والسودان، بعد اعتباره فائزا في مباراة الذهاب في تونس بسبب عدم تمكن منتخب «أسود الأطلس» إلى التنقل إلى العاصمة التونسية والتي أرجعها القائمون بشؤون المنتخب المغربي لأسباب داخلية تخص البلاد وخارجة عن نطاقهم، الأمر الذي أدى إلى معاقبته من طرف لجنة التنظيم بحرمانه من اللعب وخوض فرصة مباراة الإياب داخل أراضيه. «نسور قرطاج» لأول مرة في العرس الإفريقي التقى منتخبا تونس ونيجيريا في الدور التصفوي الثاني بعد أن أوقعتهما القرعة مع بعضهما، ولعبت مباراة الذهاب في العاصمة النيجيرية «لاغوس» والتي فازت فيها الصقور على الضيف بهدفين مقابل هدف، ليستغل المنتخب التونسي فارق الهدف عندما لعبت المباراة الثانية على أرضه وأمام جماهيره، وكانت النتيجة لغاية الدقيقة ال65 تشير للتعادل الإيجابي بهدف لكل منهما، إلا أن التونسيين تفاجؤوا بقرار انسحاب المنتخب النيجيري من المباراة، لتقرر اللجنة المنظمة للتصفيات اعتبار المنتخب التونسي متأهلا للدورة الثالثة من كأس أمم إفريقيا بعدما اعتمدته فائزا بنتيجة هدفين دون رد. السودان يغيب عن الدورة الثالثة بسبب نقص الإمكانات على عكس العادة التي كان فيها المنتخب السوداني رقما من أرقام المنتخبات التي شاركت في الدورتين السابقتين، لم يتأهل منتخب صقور الجديان إلى دورة إثيوبيا لعدم تنقله إلى أوغندا ومواجهة منتخبها الوطني، بسبب نقص الإمكانيات، الأمر الذي سمح للكينيين بالمشاركة في الدورة القارية لأول مرة في تاريخهم بعد اعتمادهم فائزين من دون خوضهم المباراة من قبل لجنة التنظيم. «أديس أبابا» تستضيف البطولة بمشاركة أربعة منتخبات في ال14 من شهر جانفي في العام 1962 انطلق المحفل القاري في العاصمة الإثيوبية « أديس أبابا» التي استضافت النهائيات بمشاركة أربعة منتخبات إفريقية هي تونس وأوغندا لأول مرة بالإضافة إلى منتخبي أثيوبيا ومصر اللذين يشاركان في هذه المنافسة لثالث مرة على التوالي، وقد أقيمت هذه البطولة بنظام خروج المهزوم، حيث انتهجت اللجنة المنظمة للدورة مباشرة الدور نصف النهائي كأول خطوة من أجل إحراز الفائز للقب القاري. «ظباء أثيوبيا» ضربوا بقوة وأقصوا «نسور قرطاج»بفضل لوسيانو أكد المنتخب الإثيوبي في المواجهة نصف النهائية الأولى قوته ونيته في اللعب على اللقب، عندما أطاح بالمنتخب التونسي الذي أوقعته القرعة أمامه، بفضل الأهداف الأربعة التي وقعها الأثيوبيون في شباك الحارس التونسي خالد كشيش، منها هدفا نجم المباراة لوسيانو فاسالو، لتتأهل بعد ذلك «الظباء الإثيوبية»وتقصى «نسور قرطاج»التونسية، بعد مباراة مثيرة انتهت بنتيجة أربعة أهداف لهدفين. المصريون تجاوزوا الأوغنديين بسهولة في المواجهة نصف النهائية الثانية التي التقى فيها منتخبا مصر وأوغندا في ال18 من شهر جانفي 1962، تأهل الفراعنة بسهولة للمباراة النهائية، حيث فازوا بهدفي البدوي وسليم مقابل هدف للمنتخب الأوغندي، في مواجهة أكدوا من خلالها عزمهم على ا لاحتفاظ بالتاج القاري للمرة الثالثة على التوالي، من خلال إعادة مشهد كل من نهائي الطبعتين الأولى والثانية، وقد جاءت كل المعطيات لتؤكد في ذلك الوقت أن النهائي سيكون مثيرا بين المنتخبين المتأهلين. إثيوبيا تثأر لنفسها وتحرز اللقب على أراضيها توج المنتخب الإثيوبي بكأس أمم إفريقيا لأول مرة في تاريخه بعد هزمه لمنتخب الفراعنة في اللقاء النهائي الذي جمع المنتخبين في العاصمة «أديس بابا» بنتيجة كبيرة بأربعة أهداف مقابل هدفين، ليثأر بذلك الأثيوبيون من نهائي دورة السودان الأولى، كما شهدت المباراة حضورا قياسيا للجماهير، حيث احتشد نحو 30 ألف متفرج في هذه المباراة التي أقيمت على ملعب «أديس أبابا» في 21 جانفي 1962، وأمضى أهداف إثيوبيا كل من مانغيستو هدفين، والمهاجم المغترب بإيطاليا فالساو وأخيرا كيدانيو، بينما سجل بدوي عبد الفتاح ثنائية للمنتخب المصري.