في كل مرة نزور بلد ما لتغطية حدث رياضي، سواء كان البلد أوروبيا أو إفريقيا طبعا أي ليس عربيا ومسلما، الشيء الأول الذي يخطر ببالنا هو التعرف على مدى انتشار الإسلام في هذا البلد، فنحن المسلمون بالفطرة، نستأنس لما نشاهد مسلمين مثلنا في الخارج، ونحاول في كل مرة الاقتراب منهم، وتكون سعادتنا كبيرة لما نعلم أن هؤلاء المسلمين ليسوا عربا، بل جنوب إفريقيين، لكنهم حقا يؤمنون بالله ويخشون عذابه وهمهم الوحيد الجنة ومثواها، فجنوب إفريقيا بشكل خاص، تعرف انتشارا كبيرا لديننا الحنيف الإسلام، ما يجعل انتشار اللحم الحلال في كل مكان، وهو ما يسهل عيش المسلمين في بلد العم منديلا. المساجد متواجدة في كل مدينة ومنها من يرفع فيه الآذان من خلال حديثنا مع بعض المسلمين في الطائرة، والقاطنين في جنوب إفريقيا، أكدوا لنا أن المساجد موجودة في كل مكان، سواء في المدن الصغيرة أو الكبيرة، وأن الآذان يرفع أيضا في بعض المناطق، حسب رئيس تلك المنطقة وهل يسمح بذلك، ما يجعل المسلمين في جنوب إفريقيا يعيشون بطريقة رائعة، ويتاجرون بشكل عادي جدا ولا يتعرضون أبدا إلى المضايقات، عكس ما يحصل حاليا في بورما، وبعض البلدان الأوروبية. السلفيون بكثرة وحتى مشاهدة النقاب عادي جدا من بين الأمور التي جعلتنا نجزم أن الإسلام منتشر وبقوة في جنوب إفريقيا، هي الراحة الكبيرة التي يجدها المسلمون، فمثلا بالنسبة للسلفيين هم لا يترددون في ارتداء اللباس الإسلامي وإعفاء اللحية، فضلا عن نسائهم اللواتي ترتدين النقاب بشكل عادي، ويتجولون في المدن ويسافرون من دون أي مضايقات، ما يؤكد أن هذا البلد بالذات هو بلد تعدد الديانات، وكل فرد حر في الديانة التي يعتنقها. أغلب المسلمين من آسيا والأغلبية الساحقة هنود وباكستانيون في كل مرة نشاهد فيها مسلم باللحية أو مسلمة بالنقاب أو الحجاب، نتمعن فيه جيدا ونتأكد أنهم من آسيا، أي من الهند أو الباكستان أو إندونيسيا، فلا يمكننا التفرقة بينهم في الوجه، لكنهم لن يبتعدوا كثيرا عن تلك البلدان الآسيوية المعروفة، وأغلبهم سكان جنوب إفريقيا، ازداد آباؤهم في جنوب إفريقيا ويملكون الجنسية، ويعيشون برفاهية كبيرة. اليهود أيضا متواجدون ويلبسون «الطاقية» ليظهروا ديانتهم مشاهدتنا للمسلمين، في المطار وكل جنوب إفريقيا، يقابله ولسوء الحظ من جهة أخرى مشاهدة اليهود الساكنين في هذا البلد، والكل يضع على رأسه «الطاقية» الصغيرة التي تغطي الجزء الخلفي من الرأس، ليؤكدوا أنهم موجودون وليثبتوا للناس أنهم يهود، بما أن بلد مانديلا متعدد الديانات ولا يحق لأحد أن يحدث مشكلة بسبب الديانة، مثلما سبق لنا الإشارة إليه من قبل، أي لكم دينكم ولنا ديننا. مصلى للمسلمين، اليهود والمسيحيين في كل المطارات في كل مطارات جنوب إفريقيا التي زرناها في المونديال، سواء جوهانسبورغ، بولوكوان، كاب تاون أو دوربان، يوجد مكان للصلاة، سواء للمسلمين بالمحراب، أو للمسيحيين بالصليب، ولليهود فيه أمور يفهمها إلا هم، وطقوس لما يدخل أي مسلم خطأ ظنا منه أنه مصلى للمسلمين، يقشعر بدنه مما يوضع في تلك الأماكن بالذات.