أشار الأستاذ محمد يحياوي إلى أنّ المفكّر الراحل عبد الله شريط أكّد على ضرورة تعليم الطالب التحليل النقدي بدلا من حفظ دروس وإتباع مناهج جاهزة، أما الأستاذ عبد الرحمن بوقاف فأوضح أنّ صاحب مؤلف "الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية"، تبنى نظرة الفلسفة الواقعية. نظّمت الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، نهاية الأسبوع الماضي بالمكتبة الوطنية، ندوة بمناسبة مرور أربع سنوات على رحيل المفكر الجزائري عبد الله شريط، نشّطها الأستاذان محمد يحياوي وعبد الرحمن بوقاف. وبهذه المناسبة، أوضح الأستاذ عبد الرحمن بوقاف أنّ عبد الله شريط أكّد على ضرورة انتهاج الفلسفة لمبدأ الواقعية أي يجب ربط الفلسفة بالواقع الذي تعشش فيه وهو ما رآه بوقاف غير موجود عند العرب، وأضاف أن المنهج الذي يجب أن تسير عليه الفلسفة -حسب شريّط- يقف على عدّة نقاط وهي أن يتّسم الفيلسوف بالهدوء والرزانة وأن يتجرّد من العواطف الشخصية ما عدا عاطفة الوطنية وكذا ضرورة أن تهتم الفلسفة بتربية الشعوب حتى لا تكون تحت وصية أحد إضافة إلى تحفيز الناشئة كي تأخذ بمصيرها دون الاستعانة بالحكام المعرّضين للخطأ. وأكد المحاضر أن شريّط كان يتبنى الفلسفة البسيطة ويتبرأ من التعقيدات التي كانت تلصق بهذا العلم مبررا ذلك بتفسيرات الشارحين وليس بالفلاسفة في حد ذاتهم، كما حثّ شريط على تبني النظرة الواقعية للفلسفة والابتعاد عن المناهج الجاهزة التي تتسبّب في حدوث خطأين وهما بعد المناهج هذه عن المجتمع وأن تتعدى إلى المحتوى الذي يجعلنا نهتم بمشاكل الآخرين ونبتعد عن همومنا. وأضاف عبد الرحمن بوقاف أن شريط أكد أن الاستعمار دمر البنى التحتية للمجتمع الجزائري وانتصرت الثورة الجزائرية عسكريا ولم تنتصر ثقافيا، وأنتجت مؤتمر الصومام وميثاق طرابلس ولم تفعل الكثير تجاه الثقافة، مضيفا أن الأمر لم يتغيّر بعد الاستقلال حيث اهتم بالتنمية والصناعة وأهملت الثقافة، كما أشار أيضا إلى عدم فصله بين المسألة الثقافية واللغوية وأنّ الأساس يكمن في الكفاءة. من جهته، تناول الأستاذ محمد يحياوي بعض الصفات التي كان يعرف بها المفكّر الراحل عبد الله شريّط، فأشار إلى أنّه لم يكن صاحب إيديولوجية ولم يكن صاحب منهج "فكري أو سياسي أو فلسفي أو سياسي أو ماركسي أو سلفي أو وجداني" بل كان ناقدا يمارس الفعل النقدي المتعلق بجميع المجالات فقد كان صاحب أفكار متحررة ومناضلا يؤمن بضرورة نشر الحرية وتفتّح العقل على كل الأفكار. وأضاف يحياوي أنّ شريّط كان يؤمن إيمانا صادقا بضرورة أن يكون الإنتاج الفكري منبثقا من إفرازات الدراسات العلمية وهو ما دفعه لتقديم مقترحات متعلقة بطريقة تسيير شؤون الدولة لكنها لم تجد آذانا صاغية لدى سلطات البلد. كما توقّف يحياوي عند نقطة تتعلّق بمناهج البحث العلمي في الجزائر فقال أنّها تعتمد على غرس أفكار في أذهان الطلبة وتشجيعهم على الحفظ بدلا من حثّهم على الممارسة النقدية لينتج جيل لا يقدر على مناقشة ابسط الأفكار. للإشارة، الدكتور عبد الله شريّط هو أحد المؤسّسين للخطاب التنويري والعقلاني في الجزائر وأحد مؤسّسي جامعة الجزائر المستقلة وفوق هذا وذاك فهو من الإعلاميين الكبار الذين كوّنتهم الثورة الجزائرية بثقلها الوطني والإقليمي والدول، ولد سنة 1921 وتوفي يوم 9 جويلية 2010، له العديد من المؤلفات الهامة آخرها "الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية".