تعكف وزارة الداخلية، عبر المندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى على تحسيس السلطات المحلية، وكل المديريات الجهوية بضرورة عدم انتظار موسم الشتاء لإطلاق حملات تنظيف وتهيئة الأودية، وذلك في انتظار استلام الخرائط الطبوغرافية الخاصة بالنقاط السوداء نهاية 2015، بهدف تحيين بنك المعلومات المعد من طرف المندوبية في إطار إرساء ثقافة الوقاية. وأشار رئيس المندوبية السيد الطاهر مليزي، في تصريح خاص ل"المساء" إلى أن طلب الولاة اليوم، يرتكز على ضرورة التدقيق في المعلومات التي تصلهم من طرف المرصد الوطني للأحوال الجوية، وعليه دعت المندوبية القائمين على المرصد إلى إعطاء تفاصيل دقيقة عند إصدار النشريات الخاصة تبرز نوعية المخاطر التي قد تلحق بكل منطقة، على ضوء كميات الأمطار المرتقبة، وعلى ضوء هذه المعطيات يتم تحديد برنامج عمل استعجالي لتفادي الفيضانات. وأكد السيد الطاهر مليزي، على هامش زيارة تفقد لولاية بشار، على خلفية الفيضانات الأخيرة التي عرفتها الولاية بعد استقبال أكثر من 182 مليمتر من الأمطار في ثلاثة أيام أدت إلى ارتفاع منسوب مياه وادي بشار، أن عملية تحسيس السلطات المحلية بسبل الوقاية المبنية على تنسيق المهام ما بين كل المتدخلين من مديريات جهوية، ومصالح الحماية المدنية والصحة ساهمت بشكل كبير في تخطي الكارثة وعدم تسجيل خسائر بشرية. وبخصوص المهام التي أوكلت للمندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى، صرح مليزي، بأن إنشاء المندوبية تقرر بعد صدور قانون 04 /20 سنة 2004 الخاص بتسيير الكوارث والوقاية من المخاطر في إطار التنمية المستدامة، وتم إسناد خمس مهام رئيسية للهيئة الجديدة تخص إعداد بنك للمعلومات لجمع كل المعطيات والبيانات التي أعدتها عدة قطاعات، على غرار المعلومات التي هي اليوم بحوزة وزارة السكن والعمران، والمتعلقة بالنشاط الزلزالي والمشاكل الجيولوجية، وتلك التي هي بحوزة وزارة الموارد المائية، والخاصة بالفيضانات وتسيير السدود، كما أن وزارة الصحة تحتكم إلى كم هائل من المعلومات التي تخص الأمراض والفيروسات المعدية على غرار " أش 1 أن 1" و«ايبولا"، وهي المعطيات التي تقوم المندوبية بجمعها لتحيين بنك المعلومات وإعداد " مخطط وطني للوقاية من كل الأخطار". كما تقوم المندوبية حسب مليزي بتحديد أنواع الأخطار التي تهدد السكان وهي التي تخص الزلازل، الفيضانات، حرائق الغابات، كل ما تعلق بصحة الإنسان والحيوان والنباتات، المتغيرات الجوية، التلوث البيئي، خطر الانفجارات النووية، الأخطار التكنولوجية الصناعية، وكذا الأخطار التي قد تصيب التجمعات الكبرى للمواطنين سواء داخل الملاعب أو قاعات الأفراح، وفي هذه الحالات تجبر المندوبية السلطات الوصية على هذه التجمعات اتخاذ جملة من الإجراءات الوقائية. وبخصوص العمل الذي قامت به المندوبية إلى غاية اليوم، كشف رئيسها إلى أن هيئته شرعت في النشاط الرسمي نهاية 2011، وتم تنصيبه على رأسها سنة 2012، وعليه فلا يزال العمل قائما لتنصيب المكاتب الجهوية مع تدريب الإطارات، على أن يتم في القريب العاجل تعيين 25 إطارا ساميا بمرسوم رئاسي لتوزع عليهم عدد من المهام لتفعيل عمل المندوبية في انتظار انتداب مجموعة من الإطارات من باقي الوزارات لضمان تنسيق العمل بهدف تحيين بنك المعطيات. وفي انتظار استلام المقر الجديد للمندوبية الجاري إنجازه ببلدية حسين داي، أشار السيد مليزي، إلى تنصيب اللجنة المشتركة ما بين القطاعات تضم 24 عضوا يمثلون كل الوزارات التي لها علاقة بالأخطار الكبرى، تجتمع أربع مرات في السنة لتقييم الإجراءات منتهجة من طرف القطاعات المعنية ومقارنتها بما هو معمول به بالخارج، مع مراجعة برامج عمل الوزارات في مجال الوقاية والتدخل. من جهة أخرى تحرص اللجنة في كل لقاءاتها مع المسؤولين المحليين على ضرورة إشراك المواطنين في المخططات الوقائية من خلال إعلامهم بدرجة الخطورة قبل حدوث الكارثة، خاصة عندما يتعلق الأمر بفيضان أو حريق أو تفشي أمراض معدية. الاستفادة من خبرات منظمات دولية واليابان لإعداد برامج وقائية وبهدف التحكم في عمليات تحليل الكم الهائل من المعطيات التي تجمعها المندوبية، تطرق السيد مليزي، إلى الاهتمام بمجال التكوين عبر الشراكة مع هيئات ومنظمات عالمية على غرار الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وذلك من خلال تنظيم دورات تكوينية تمس كلا من إطارات المندوبية وأعضاء من السلطات المحلية بالإضافة إلى مصالح الحماية المدنية، علما أن استثمار 1 دولار في التكوين يقول مليزي يسمح لنا بربح 10 دولار من تكاليف ترميم وصيانة الخسائر المادية. ومن بين أهم الدول التي تنوي الجزائر تقوية علاقاتها معها للاستفادة من خبراتها اليابان، وفي هذا الشأن صرح مليزي، بأنه يتم كل 10 سنوات تنظيم لقاءات كبرى حول الوقاية من كوارث الزلازل، الفيضانات وانفجار البراكين باليابان، آخرها كان سنة 2005، الذي شاركت فيه الجزائر وانضمت إلى برنامج عمل جديد أطلق عليه اسم "يوقو"، وهو برنامج تطوعي اقترح على الدول المشاركة في اللقاء للانضمام إليه بصفة تطوعية بشرط أن تتعهد بأن تكون لها إرادة سياسية لإعداد استراتيجية وقائية مدعمة بقوانين، مع ضمان لا مركزية التدخل على المستوى المحلي، وكانت الجزائر من بين الدول المشاركة في إعداد البرنامج وأولى المتطوعين في الانضمام إليه. وتنفيذا لهذا البرنامج سيتم في القريب العاجل تنصيب مسؤول عبر كل الولاية، مكلف بالتنسيق بين اللجنة المشتركة والولاة بهدف تنسيق التدخلات وتنفيذ البرامج الوقائية حسب خصوصية كل منطقة. وتحضيرا لهذه العملية أشار السيد مليزي، إلى أنه قام بزيارة 28 ولاية منذ 22 شهر سبتمبر الفارط، بهدف تحسيس السلطات المحلية بضرورة تسريع عملية تنظيف الأودية ومجاري الصرف، وعدم انتظار انتهاء فصل الصيف مستقبلا لإطلاق مثل هذه المبادرات التي يجب أن تكون طوال السنة، وردا على سؤالنا حول توفر الإمكانيات المادية والبشرية لمثل هذه الأشغال بالنظر إلى مداخيل بعض الولايات، أكد مليزي، أن تنسيق الجهود ما بين كل المديريات مع إشراك المؤسسات الخاصة التي تنشط بمحيط الولاية يسمح بضمان توفير العتاد اللازم.