فصل رئيس الجمهورية السيد، عبد العزيز بوتفليقة في مسألة الغاز الصخري خلال المجلس المصغر الذي ترأسه أول أمس، وذلك بالتأكيد على أن استغلال الغاز الصخري في الجزائر ”ليس واردا في الوقت الراهن”. وجاءت هذه التطمينات في وقت كان ينتظر فيه سكان الجنوب، ولاسيما المحتجون في عين صالح وتمنراست تدخل الرئيس من أجل توضيح الرؤية بخصوص هذه القضية التي أسالت كثيرا من الحبر وأصبحت مصدر قلق بعد حفر أول بئر لاستكشاف غاز الشيست. وكان من الطبيعي أن يكون هذا الملف من أهم المواضيع المطروحة في المجلس المصغر الذي خصص للتنمية المحلية في ولايات الجنوب والهضاب العليا، لاسيما بعد التطورات التي عرفتها الأوضاع بالجنوب إثر التجارب الأولية التي تمت باهنات في عين صالح. تجربة أثارت ”سوء الفهم والمخاوف”، كما أشار إليه الرئيس بوتفليقة، الذي دعا الحكومة إلى مواصلة الشروحات لفائدة السكان المحليين والرأي العام. وطلب منها التوضيح بأن عمليات الحفر التجريبية بعين صالح ”ستنتهي في القريب العاجل”، والتأكيد بأن استغلال هذه الطاقة الجديدة ”ليس واردا في الوقت الراهن”. كما كلف الحكومة بتنظيم ”نقاشات شفافة” بمشاركة كفاءات معترف بها لتمكين الجميع من فهم المعطيات المتعلقة بالمحروقات غير التقليدية التي تمثل كما قال - ”واقعا وثروة جديدة بالنسبة لبلدنا”. وذهب الرئيس بعيدا في طمأنة الجزائريين بتأكيده على أنه ”في حال تبين بأن استغلال هذه الموارد الوطنية الجديدة من المحروقات يشكل ضرورة ملحة لتحقيق الأمن الطاقوي للبلد على المديين المتوسط والطويل، فإنه يتعين على الحكومة السهر بصرامة على ضمان احترام المتعاملين المعنيين للتشريع من أجل حماية صحة المواطنين والحفاظ على البيئة”. وتعد هذه التوضيحات التي جاءت من القاضي الأول للبلاد، ترسيخا للاتجاه الذي عبرت عنه الحكومة في عدة مناسبات على لسان الوزير الأول ووزراء الطاقة والموارد المائية والبيئة، فضلا عن إطارات سوناطراك ومسؤوليها، وعدد هام من الخبراء الذين أجمع أغلبهم على أن ما يقال بخصوص الغاز الصخري فيه الكثير من المغالطات. إذ أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، الأسبوع الماضي خلال حصة تلفزيونية أن الحكومة لا تنوي مباشرة استغلال الغاز الصخري على المدى القصير، وأن الآبار التي تم حفرها تدخل في إطار ”الدراسة والاستكشاف فقط”. كما أوضح وزير الطاقة، يوسف يوسفي أن الجزائر في مرحلة تقييم احتياطاتها من الغاز الصخري فقط وأن سوناطراك لم تباشر حفر البئرين النموذجيين إلا بعد حصولها على رخصة من الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات (النفط). وفي حديث أدلى أمس به لوكالة الأنباء الجزائرية، أكد الرئيس، المدير العام بالنيابة لسوناطراك سعيد سحنون أن مجمع سوناطراك يتحكم في تقنية التصديع الهيدروليكي التي تستعملها هذه الشركة منذ التسعينيات دون أن يكون لها تأثير على البيئة. وقال إنه من 2006 إلى 2010، قام المجمع بتصديع معدل 50 بئرا في السنة بحاسي مسعود، مسجلا أن عمليات الحفر هذه على غرار الآبار التقليدية مرت بطبقات مائية دون أن يكون لها مع ذلك تأثير على البيئة. وفي السياق ذاته، تفهم تخوف الناس بشأن هذا النشاط لأنه ”جديد”، لكنه اعتبر انه من غير المعقول أن تتهم سوناطراك بإلحاق الضرر بالمواطنين والبيئة من باب أنها ”مقدسات” بالنسبة لها. وأشار الى أن الشركة توجد في مرحلة تقييم الاحتياطات. وأجمع عدد من الخبراء في المجال الطاقوي على أن المخاوف التي عبر عنها سكان الجنوب بخصوص المخاطر المتعلقة باستكشاف أواستغلال الغاز الصخري، ناجمة عن معلومات مغلوطة تم تداولها في وسائل الاعلام وعبر الشبكات الاجتماعية. واعتبروا أنه من الضروري أن توظف الجزائر ثرواتها من أجل تحقيق رفاه شعبها وتنميتها الاقتصادية. وطالبوا بإعطاء سوناطراك فرصة القيام بالتجارب الضرورية من أجل أولا تقييم احتياطاتها وثانيا اكتساب خبرة في مجال المحروقات غير التقليدية، تجعل مهندسيها قادرين على استغلاله في حالة الحاجة إلى ذلك، أو يمكنهم من توظيف خبرتهم في مشاريع مشابهة بالخارج.