تطمح الجزائروبولونيا إلى ترقية علاقاتهما الاقتصادية، بتوقيعهما أمس، على اتفاقيتي تعاون بين وزارة الصناعة والمناجم ووزارة الاقتصاد البولونية، وبين الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة وغرفة التجارة البولونية. والهدف هو وضع الإطار القانوني الذي يسمح بتجسيد نوايا الطرفين في إقامة شراكة استراتيجية بينهما باستغلال نقاط التشابه الكبيرة بين اقتصادي البلدين. وتم التوقيع على الاتفاقيتين خلال منتدى رجال الأعمال الجزائريين والبولونيين الذي انعقد أمس، بالجزائر العاصمة، بإشراف وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، ونائب الوزير الأول وزير الاقتصاد البولوني جانوز بييشوسينسكي، وبحضور حوالي 40 شركة بولونية من قطاعات مختلفة. المسؤولان أكدا على العلاقات المتينة بين البلدين وعلى استراتيجيتها وأهميتها، وشددا على ضرورة رفع مستواها لتكون متوافقة وقدراتهما الكبيرة في عدة قطاعات لاسيما الصناعة والفلاحة والصيدلة وتكنولوجيات الاعلام والاتصال والطاقة. فرغم تضاعف المبادلات التجارية بين البلدين في السنوات الأخيرة مسجلة 700 مليون دولار، فإنها تبدو بعيدة عن تطلعاتهما. لذا فإن المطلوب هو تعزيز العلاقات بين شركات البلدين لبحث فرص الشراكة بالجزائروببولونيا. وبالنسبة للسيد بوشوارب، فإن الجزائر تسعى للاستفادة من التجربة الاقتصادية البولونية التي مكنتها من أن تصبح سادس اقتصاد في الاتحاد الأوروبي ومن البلدان القلائل التي لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية. والفضل في ذلك يعود إلى نجاحها في تسيير مرحلتها الانتقالية. وحسب الوزير، فإن انعقاد هذا اللقاء يحمل ثلاثة رموز هي "حيوية اقتصادي البلدين"، و"الإرادة المشتركة من أجل بناء علاقات اقتصادية مستدامة"، و"الثقة الراسخة في مستقبل واعد". وبعد أن ذكر بايجابية المؤشرات الاقتصادية للجزائر رغم انخفاض أسعار النفط، والاستراتيجية الصناعية الجديدة وتحسن ترتيب الجزائر في تقرير التنافسية الاقتصادية العالمي، قال الوزير إن بولونيا تعد مثالا للجزائر يعكس "انتقالا ناجحا" سمح لها ببناء اقتصاد منتج ومتنوع في فروع صناعية "هي ذاتها التي حددناها كأولوية نظرا لقدراتها في تحقيق النمو". وسجل وجود تكامل وتقارب في العديد من القطاعات بين البلدين، خاصا بالذكر الحديد والصلب والصناعة الميكانيكية والآليات والكيمياء والبيتروكيمياء والمناولة الصناعية، والصناعات الغذائية والفلاحة والاتصالات والاستشارة والصحة والأشغال العمومية والبناء...وكلها "ورشات حقيقية للشراكة الصناعية والتكنولوجية يمكن فتحها بين مؤسسات البلدين". ودعا الوزير ممثلي المؤسسات البولونية الحاضرين في المنتدى إلى الثقة في شركائهم الجزائريين وإلى زيارة مصانعهم وزيارة ولايات أخرى غير العاصمة للاطلاع على القدرات الصناعية والفلاحية والسياحية بها. وأكد أن الحكومة تعمل باستمرار على تحسين مناخ الاستثمار، وأن مزايا كثيرة تمنح للمستثمرين في إطار استراتيجية تنويع الاقتصاد الوطني. كما ذكر بفتح مجال الاستثمار لرجال الأعمال الجزائريين في الخارج. وترغب الجزائر في أن تكون "الشراكة الاستراتيجية" دافعة للنمو بالبلدين، وأن تكون الجزائر مركز نمو للشركات البولونية خارج أوروبا، لاسيما في القارة الإفريقية، حيث ذكر السيد بوشوارب، بأهمية الطريق العابر للصحراء في تسهيل الولوج إلى الأسواق الافريقية، مشيرا إلى أن الجزائر يمكنها أن تشكل "أرضية صناعية موجهة نحو إفريقيا". وقال الوزير إن "الجزائر هي "سوق المستقبل"، وإن بها فرصا يجب استغلالها. من الجانب البولوني، فإن الاهتمام أكيد بالسوق الجزائرية لكن "ليس للتجارة فحسب، ولكن للاستثمار بالخصوص"، كما أكد عليه نائب الوزير الأول وزير الاقتصاد الذي قال إن الجزائر "بلد مستقر وواضح ويعطي الأمل ويمنح الثقة". وأشار المسؤول البولوني إلى تكامل اقتصادي البلدين اللذين سيشكلان "ورشة كبيرة" في كل من إفريقيا بالنسبة للجزائر وأوروبا بالنسبة لبولونيا، وهو مايتيح لهما فرصا هامة للشراكة والاستثمار. وأوضح بأن هدف بولونيا هو مضاعفة مبادلاتها التجارية واستثماراتها بالجزائر في السنوات القادمة. ولذلك فإن الجزائر توجد ضمن خمس دول حددتها بولونيا لترقية استثماراتها وهي "المركز بالنسبة للقارة الإفريقية"، وهي ثالث شريك بالنسبة لها على المستوى العربي وثاني شريك على المستوى الإفريقي. وأكد المتحدث اهتمام بولونيا بالمشاركة في المخطط الخماسي لتنمية 2015-2019، قائلا إن بولونيا تريد أن تكون لها مكانة في هذا المخطط، من خلال شركاتها العاملة في عدة قطاعات لاسيما الطاقة ومواد البناء وتجهيزات حماية الحدود، وهي كذلك مهتمة بتطوير الصناعة الجزائرية بما تملكه من خبرات صناعية وتكنولوجية. ونفى وزير الصناعة والمناجم في ندوة صحفية أعقبت جلسة افتتاح المنتدى، وجود أي عراقيل من شأنها إعاقة التعاون الثنائي بين البلدين، مشيرا إلى أنه ليس هناك "أي تأخر يجب تداركه"، فيما قال نائب الوزير الأول وزير الاقتصاد البولوني، إنه من الضروري تحيين الاتفاقيات الموقّع عليها، لاعتبارات ذات علاقة باتفاقيات مع منظمة التجارة العالمية والولايات المتحدةالأمريكية. وعن سؤال حول مدى اهتمام الجزائر في استغلال نهائي الغاز الطبيعي المسال ببحر البلطيق، أشار السيد بوشوارب، إلى وجود اهتمام لاستخدامه لبيع الغاز الجزائري، من جانبه أشار المسؤول البولوني إلى أن المشروع فرصة لوضع أسس تعاون متعدد الأطراف، مع العلم أن قطر تعد شريكا في المشروع. وشدد على ضرورة توطيد العلاقات في مجال الطاقة بجميع مراحلها من التنقيب إلى التسويق، وكشف عن وجود اهتمام بولوني في الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية بالجزائر. ومن جهة أخرى استقبل الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، السيد يانوس بييشوسينسكي، بحضور وزير الصناعة والمناجم السيد عبد السلام بوشوارب. وأوضح بيان مصالح الوزير الأول أن "الاستقبال دار أساسا حول المسائل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي بين البلدين"، مضيفا أن "الجزائروبولونيا اللتين تقيمان علاقات جيدة أعربتا عن إرادتهما المشتركة في تفعيلها لاسيما من خلال تنظيم منتدى اقتصادي جزائري-بولوني بالجزائر العاصمة". كما ومكّن من "تبادل وجهات النظر حول مسائل دولية ذات الاهتمام المشترك".