يتطلب إزالة الأسواق الموازية إنجاز 1000 سوق جوارية جديدة على المستوى الوطني، منها 50 بالعاصمة وحدها لتقليص الفارق بين سعر الجملة والتجزئة، فيما تقترح جمعية حماية المستهلك فكرة غلق منابع تمويل التجار غير الشرعيين لكي تختفي الأسواق الفوضوية من تلقاء نفسها، محذرة من عدم تحرك الجماعات المحلية للحد من الظاهرة، مما سيؤثر على الاقتصاد الوطني ويشكل خطرا على المستهلك. وأوضح رئيس جمعية حماية المستهلك السيد، مصطفى زبدي ل"المساء" أن العمليات التحسيسية غير كافية للقضاء على التجارة الموازية التي تضاعف عددها في الآونة الأخيرة، لأنها موجهة للمستهلكين بغرض تحسيسهم بعدم اقتناء مواد سريعة التلف من الأسواق الفوضوية، لكن بالمقابل فإن التاجر هو المعني الأول لإنهاء هذه الفوضى، مفيدا بأنه لن يحدث ذلك إلا عن طريق إيجاد البديل حتى لا يقطع رزقه من خلال فتح مساحات مهيأة وتوفير أسواق، مشيرا إلى أن تقاعس السلطات المحلية ورفضها لهذه المشاريع يقف وراء تضاعف عدد التجار غير الشرعيين. تعليمات الداخلية تُضرب عرض الحائط يبدو أن تعليمات وزارة الداخلية للقضاء على الأسواق الفوضوية ضربت عرض الحائط، فبالرغم من الإجراءات التي اتخذتها ولاية العاصمة لإعادة ترميم وتهيئة الأسواق المغطاة المتواجدة بعدد من بلديات العاصمة وإنجاز أسواق أخرى جديدة بكل من بلديات سيدي امحمد، حسين داي، بلوزداد، باب الزوار والحراش، إلا أن النشاط التجاري لم ينظم بعد لتنتشر الأسواق الموازية بشكل كبير. وقد لاحظت "المساء" خلال جولتها الاستطلاعية لمختلف بلديات العاصمة على غرار عين البنيان، الدويرة، العاشور، الحراش، باب الزوار، وباش جراح أن عدد التجار في تزايد والمشاريع المبرمجة لا تزال حبيسة الأدراج ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه، إلى متى تبقى السلطات عاجزة عن تنفيذ وعودها؟. الظاهرة مستفحلة بأغلب بلديات العاصمة لا تخلو بلديات العاصمة دون استثناء من وجود مساحات فوضوية لبيع الخضر والفواكه ومختلف المستلزمات، والتي تحولت وتوسعت مع مرور الوقت لتشمل مساحة أكبر، وتصبح أسواقا قارة يرتادها الزبائن بصفة يومية، وقد ذاع صيت بعضها كحال سوق بومعطي، "الدي كانز" بالحراش، سوق درقانة ببرج الكيفان والجرف بباب الزوار، بالنظر إلى أسعار المنتوجات المقبولة، والتي تناسب مختلف فئات المجتمع خاصة ضعيفي الدخل، وهذا لا يعني أن مصالح الأمن لم تقم بدورها على أكمل وجه، بل العكس ففي العديد من المرات قامت بمنعهم من عرض سلعهم في أماكن ممنوعة ومراقبة أصحاب العربات والسلع التي اكتسحت الأرصفة، غير أن هذا لم يمكّن من القضاء عليها. المستهلكون وراء زيادة الأسواق الموازية يؤيد معظم المواطنين الذين تحدثنا إليهم بالعاصمة فكرة بقاء الأسواق الفوضوية والمساحات التجارية غير الشرعية التي توفر لهم مختلف أنواع السلع من الخضروات والفواكه إلى الملابس ومستحضرات التجميل وغيرها، فضلا عما يحتاجه جميع أفراد العائلة في حياتهم اليومية وبأسعار تنافسية بل زهيدة رغم جلبها من الخارج، الأمر الذي جعل كل المساحات مسموحة لعرض المنتوج في الزوايا، الشوارع والطرقات وحتى محطات نقل المسافرين والممرات العلوية، حيث أبدى العديد من المواطنين تعاطفهم مع باعة الطاولات ودعمهم لبقاء الأسواق الموازية، خاصة وأن هذه المساحات التجارية لم تعد تستقطب الطبقات الفقيرة والمعوزة من المجتمع فقط، بل أضحت الوجهة الأولى لميسوري الحال وجميع شرائح المجتمع. عودة التجارة الفوضوية يعكس فشل المسؤولين إن تزايد الأسواق الموازية من سنة إلى أخرى بالعاصمة، يبرز الفشل الذريع للسلطات المعنية بالقضاء عليها، وهذا بالرغم من الملايير التي خصصتها الدولة للتخلص منها نهائيا، وكذا الوعود التي أطلقتها مصالح ولاية الجزائر، المتمثلة في تسليم فضاءات منظمة تتوفر على كل الضروريات البديلة للتجار الفوضويين، للقضاء على الصورة التي شوّهت أحياء العاصمة، وتمكين الشباب من الحصول على مناصب عمل دائمة ومستقرة، وهو ما يجعل القائمين على النشاط التجاري بالعاصمة غير قادرين على احتواء الظاهرة، وهذا لعدم خلق فضاءات تجارية بديلة ناجعة تسمح للتجار بمزاولة نشاطهم بها.