تحتضن الجزائر اليوم، بإقامة الميثاق اجتماعا لقادة أحزاب سياسية ليبية ونشطاء سياسيين برعاية من الأممالمتحدة، يندرج في إطار جهود الجزائر الحثيثة لجمع الفرقاء الليبيين حول طاولة الحوار من أجل الوصول إلى حل سياسي يخرج البلد الشقيق من أزمته. وفي هذا الصدد أعلن السيد رمطان لعمامرة، أن ما يقارب 15 قائدا سياسيا بارزا ورؤساء أحزاب ومناضلين كبار معروفين على الساحة الليبية، سيشاركون في اجتماع الجزائر، وأنه سيتم تحديد المراحل المقبلة بالنظر إلى نتائج هذا اللقاء. وكانت الجزائر، وبطلب من الليبيين استقبلت في "سرية" طوال الأشهر الأخيرة، ما لا يقل عن 200 فاعل ليبي. وقد جاء خيار الجزائر لاجتماع اليوم الثلاثاء، بقرار من بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل). وأكد السيد لعمامرة، في هذا السياق أن "الليبيين سيأتون إلى الجزائر وهم مرحب بهم، فهم في بلدهم مهما استغرقت محادثاتهم من الوقت ومهما أرادوا البقاء"، مشيرا إلى أن الجزائر كانت قد أكدت "منذ البداية" أنها تؤيد "الحوار الشامل الذي من شأنه أن يؤدي إلى المصالحة الوطنية وحكومة وحدة وطنية". وذكر السيد لعمامرة، أن الجزائر تدعم "بطبيعة الحال" جهود الممثل الخاص ورئيس بعثة الأممالمتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون، ب«طرق شتى بما فيها من خلال اتصالاتنا الخاصة ومعاملاتنا مع ليبيين وليبيات من مختلف الأفق السياسية والاجتماعية". وقال في هذا السياق "نأمل في أن يكون لقاء الجزائر هبّة جماعية لأشقائنا وشقيقاتنا في ليبيا نحو اتفاق وإجماع وطني حول تشكيل حكومة توافق وطني، وحول اتفاقات أمنية تسمح للبلد بالتطور والمضي قدما نحو صياغة دستور، وتنظيم انتخابات في كنف الهدوء والسكينة والأمن والاستقرار". وكان الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، السيد عبد القادر مساهل، قد استقبل أمس، وزير الخارجية الليبي محمد الدايري، على هامش أشغال الدورة ال143 لمجلس وزراء الخارجية العرب، حيث نوه المسؤول الليبي باهتمام الجزائر بالشأن الليبي وموقفها وحرصها على استقرار وأمن بلده. وقد سبق للسيد مساهل، أن أكد للقناة الإذاعية الثالثة بأن لقاء الجزائر يهدف إلى إيجاد حل سياسي ومحاولة الوصول إلى حكومة إجماع وطني، كتمهيد لإعادة بناء المؤسسات في ليبيا، مشيرا إلى أن الجزائر التي تساند جهود الأممالمتحدة في الوصول إلى حل سياسي ستستقبل جميع الأطراف الليبية باستثناء الجماعات الإرهابية. وذكر مساهل، أن الوضعية المتأزمة والخطيرة التي تعيشها ليبيا هي نتيجة مباشرة للتدخل العسكري لدول حلف الأطلسي في 2011، والذي تم بالرغم من تحذيرات الجزائر. مشيرا إلى أن الجزائر تبذل مجهودات رفقة المجموعة الدولية وعلى الخصوص رفقة دول الجوار لكي تسترجع ليبيا في أسرع وقت ممكن استقرارها وتتمكن من الخروج من الأزمة التي تعيش فيها. ويحظى مسار الحوار الوطني الليبي بدعم المجتمع الدولي، حيث أكد المبعوث الخاص للجامعة العربية من أجل ليبيا ناصر القدوة، خلال زيارته للجزائر مؤخرا، أن الحل السياسي ضروري في ليبيا "تفاديا لمزيد من التطور السلبي" للأوضاع في هذا البلد، مؤكدا على تطابق وجهات النظر بين الجامعة العربية والجزائر في ما يتعلق بالأزمة الليبية قائلا في هذا الإطار "نحن متفقون مع الجزائر على مبدأ ضرورة الحل السياسي للأزمة الليبية وعلى تفادي مزيد من التطور السلبي من خلال التسليح أو الدفع بأي اتجاهات خاطئة". وكانت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، قد أعلنت الثلاثاء الماضي، أن اجتماعا لممثلي قادة ومناضلين سياسيين ليبيين سيعقد في الجزائر في إطار مسار الحوار في ليبيا. وبعد لقاء الجزائر ينتظر أن يعقد لقاء آخر ببروكسل، يجمع ممثلي بعض البلديات الليبية، في حين دعت بعثة "الأونسميل" إلى عقد اجتماع ثالث يخص زعماء القبائل ومسؤولين آخرين عن المجتمع المدني الليبي، وإلى وقف إطلاق النار ومباشرة مسار الحوار ب«شكل بنّاء". ويتنازع على الشرعية في ليبيا التي تشهد أزمة منذ سقوط النظام السابق عام 2011، برلمانان وحكومتان إحداهما مقرّبة من ميليشيات "فجر ليبيا" التي تسيطر على العاصمة طرابلس، والأخرى معترف بها من قبل المجموعة الدولية.