تشكل مراجعة سياسة الجوار الأوروبية والتحديات الأمنية والاقتصادية المشتركة مع بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط، محور الندوة الوزارية غير الرسمية التي انعقدت أمس، ببرشلونة، بمشاركة رئيس الدبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة. وقد شارك في هذه الندوة التي تدخل في إطار مسار مراجعة سياسة الجوار الأوروبية وزراء خارجية 28 بلدا عضوا في الاتحاد الأوربي، مع نظرائهم من 7 بلدان شريكة من الضفة الجنوبية للمتوسط منها الجزائر والمغرب وتونس ومصر والأردن ولبنان. وكرست أشغال هذه الندوة لتبادل وجهات النظر حول مستقبل سياسة الجوار على ضوء التغيرات والأحداث الجديدة التي تشهدها المنطقة، مع البحث عن إمكانية تكييفها وفقا لمتطلبات وتطلعات وإمكانيات كل بلد شريك، وكذا التحديات المشتركة فيما يخص الأمن والتنمية في المنطقة. وبالمناسبة قدم السيد لعمامرة، المقاربة الجزائرية المتعلقة بهذه السياسة ومشاركة الجزائر في مراجعتها، وذلك تعزيزا لموقف الجزائر الداعي دوما إلى إعداد مسعى تشاوري كفيل بضمان تقاسم أمثل لنشاطات التعاون في إطار هذه السياسة. وشكل اللقاء فرصة للسيد لعمامرة، لإبراز مساهمة الجزائر الفعلية والهامة في ترقية علاقات الجوار مع الدول المجاورة الواقعة ما وراء الصحراء، من خلال مسعى شامل وحوار يرمي إلى توفير الظروف الدائمة لتحقيق السلام والأمن والرفاهية بالمنطقة. ويأتي تنظيم هذه الندوة في ظرف مناسب يتميز بمواصلة المشاورات بين الجزائر والاتحاد الأوربي من أجل استكمال مخطط عمل ثنائي حول هذه السياسة الجوارية، والذي من شأنه أن يدعم اتفاق الشراكة والحركية اللذين يطبعان علاقات التعاون مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته. وقد أكد مصدر دبلوماسي، في هذا الإطار بأن ”الجزائر ومن خلال مشاركتها في هذا الاجتماع ترغب في تقديم إسهامها البنّاء في إعداد سياسة الجوار الأوروبية الجديدة التي تتضمن رؤى مشتركة ولينة تستجيب لتطلعات ومصالح الطرفين”. كما يتعلق الأمر أيضا بترقية مضامين وأهداف مشتركة في إطار هذه السياسة، علما بأن الجزائر ترى بأن هذا التعاون ”يجب أن ينم عن تشاور بين الشركاء بهدف ضمان نجاحه ومصداقيته”. وتمت الإشارة أيضا إلى أن الجزائر تضع في إطار استراتيجيتها الخارجية ترقية حسن الجوار في صميم عملها، كما دعت دوما إلى إعداد تصور براغماتي قريب من الواقع ضمن كل سياسة جوار. وتعتبر سياسة الجوار الأوروبية التي تم إطلاقها في سنة 2004، مبادرة إقليمية تخص 10 بلدان من الضفة الجنوبية، وهي بمثابة تطبيق ثنائي في إطار التوقيع على مخطط عمل مع كل بلد شريك. والجزائر التي لم تشارك في هذه السياسة في بداياتها أبرمت سنة 2002، اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي دخل حيز التنفيذ سنة 2005، غير أنها شاركت سنة 2009 في أول لقاء خصص لمراجعة سياسة الجوار الأوروبية، بلورت خلاله مبادئ شاطرتها مع الشركاء في الضفتين الجنوبية والشمالية من المتوسط. وحسب نفس المصدر فإن الجزائر على قناعة بأن سياسة جوار أوروبية يتم إعدادها وتنفيذها في ظل التشاور وتأخذ بالحسبان قدرات كل بلد على حدة والمزايا المقارنة لكل شريك ستحظى بحظوظ النجاح. وبخصوص العلاقة الجزائرية-الأوروبية أكد المصدر الدبلوماسي أنها علاقة استراتيجية ”من حيث أن كامل الأهمية تمنح لتنفيذ اتفاق الشراكة المتمم بسياسة الجوار المتجددة”. ويذكر أن سياسة الجوار الأوروبية تشكل امتدادا لمشروع الشراكة الأورومتوسطية الذي تم إطلاقه ببرشلونة منذ 20 سنة، فيما دخل اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي عامه العاشر في سبتمبر 2014، وتم خلال السنتين الماضيتين تكثيف وتنويع التعاون الجزائري الأوروبي. وحددت سياسة الجوار الأوروبية الجديدة منذ إطلاقها سنة 2011، منهجية العمل وأولويات التعاون التي يقترحها الاتحاد الأوروبي لجيرانه الشرقيين والجنوبيين. وأعربت الجزائر في ديسمبر 2011، رسميا عن نيتها في مباشرة مفاوضات تمهيدية من أجل إعداد مخطط عمل في إطار سياسة الجوار الأوروبية الجديدة، وجرت مفاوضات حول العناصر التأسيسية لمخطط العمل في 2012، تلاها افتتاح دورة مفاوضات في أكتوبر 2013 حول الوثيقة ولاتزال مستمرة ليومنا هذا.