اعتبر رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، أمس بجاكارتا، إحياء الذكرى ال60 لمؤتمر باندونغ مناسبة لتكثيف التعاون والتشاور بين الدول الإفريقية والآسياوية لمواجهة خطر الإرهاب، مؤكدا بأن الجزائر التي تأتي في طليعة الصفوف المكافحة لهذه الآفة، تأمل في أن يشكل اللقاء مناسبة لتجنيد كل الهيئات والتعاون من أجل فهم أسباب ودواعي انتشار هذه الآفة الخطيرة، والعمل على القضاء على مصادر تمويلها. وأشار السيد بن صالح، الذي يمثل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، في اللقاء الذي نظم بالعاصمة الأندونيسية بمناسبة إحياء ذكرى مؤتمر باندونغ، إلى أن الجهود التي تبذلها الدول الإفريقية والآسيوية من أجل تحقيق التنمية، تواجهها تعقيدات عديدة يتقدمها خطر الإرهاب "الذي أضحى انشغالا أساسيا ومحورا هاما من المحاور الرئيسية للشراكة الاستراتيجية بين منطقتي آسيا وإفريقيا". وبعد أن ذكر بأن الإرهاب يعد أحد أبرز التهديدات المحدقة بالسلم والأمن العالميين، أكد السيد بن صالح، أن الجزائر "وهي في طليعة الصفوف لمكافحة الإرهاب، وتربطها في هذا الشأن التزامات متعددة الأشكال، تأمل في أن يكون اللقاء مناسبة للتأكيد على ضرورة تجنيد كل الهيئات وتكثيف التعاون والتضامن للوقوف على فهم أسباب ودواعي انتشار هذه الآفة الخطيرة، والعمل باتجاه القضاء على مصادر تمويلها، مبرزا بالمناسبة أهمية المؤتمر الدولي الذي ستحتضنه الجزائر في جويلية 2015، حول اجتثاث الإرهاب وكذا الندوة الدولية التي ستنظمها في خريف 2015، حول تمويل الإرهاب ولا سيما عن طريق دفع الفدية. وأبرز رئيس مجلس الأمة، طبيعة هذا الموضوع الذي يحظى بالأهمية القصوى لدى الدول الأعضاء، مؤكدا على أهمية أن يظل على نفس درجة الأولوية في انشغالاتها، داعيا إيّاها إلى المساهمة في إثراء لقائي الجزائر. كما اعتبر اللقاء فرصة ثمينة لاستعادة روح باندونغ والاستلهام من المبادئ التأسيسية لعلاقات دولية "تقوم على الحق والعدل، وتخدم حصريا تقدم ورفاه الإنسانية"، وسجل في نفس السياق أن العشر سنوات الأولى من وجود الشراكة الاستراتيجية الجديدة الآسيوية الإفريقية تشهد على جهود حثيثة قامت بها الدول الأعضاء من أجل توسيع مشاركتها في الاقتصاد والتجارة العالميين، موضحا بأن هذه الشراكة "أبرزت تحديات كبيرة وخلقت آفاقا وفرصا للتقدم، كما أدت بإفريقيا إلى اعتماد خيارات استراتيجية تتلاءم مع قدراتها وجهودها التنموية، ومن ثم تعميق شراكتها المتعددة وذات المنافع المتبادلة". ونوه بن صالح، بجهود البلدان الإفريقية المساهمة في مؤتمر باندونغ من أجل تحسين وتفعيل الإطار المؤسساتي، مؤكدا بأن مشروع "النيباد" القاري تجاوز بنجاح مرحلة الاختبار وأصبح اليوم في مستوى النضج الكامل بإدماجه في سنة 2010، في هياكل الاتحاد الإفريقي. من جانب آخر تطرق السيد بن صالح، إلى الوضع في فلسطين ليتأسف على الظلم الذي يعانيه الشعب الفلسطيني الشقيق تحت الاحتلال،" والذي يحيل إلى المدى الذي بلغه الاستخفاف بالقانون الدولي". وتأسف في هذا الصدد لكون الجهود المضنية للبحث عن السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط والتي يدعمها المجتمع الدولي، لم تسفر بالرغم من مرور عشريتين، إلا على نتائج مخيّبة ومقلقة تكشف عن الاستهتار بحق الشعب الفلسطيني، وبالقانون الدولي وبالعلاقات الحضارية بين الأمم، مجددا بالمناسبة "تأييد دول مؤتمر باندونغ لفلسطين"، وخاصة في هذا الوقت الذي يستعد فيه العالم لإحياء الذكرى السبعين لميثاق الأممالمتحدة، والذي يكتسي أهمية خاصة وقصوى لإسناد الشعب الفلسطيني وقيادته من أجل التصدي لكل أشكال إنكار حقوقه المشروعة والوقوف معه". كما شدّد ممثل رئيس الجمهورية على ضرورة استكمال مسار باندونغ، مشيرا على وجه الخصوص إلى ضرورة العمل على تصفية آخر مستعمرة في إفريقيا في إشارة إلى قضية الصحراء الغربية. وانطلقت أشغال القمة الآفرو-آسيوية أمس، بالعاصمة الأندونيسية جاكرتا بمشاركة وفد جزائري يقوده رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، الذي عيّنه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لتمثيله في مراسيم إحياء الذكرى ال60 لمؤتمر باندونغ الأفرو آسيوي والقمة الأفروآسيوية التي تعقد حول موضوع "تعزيز التعاون جنوب- جنوب وترقية السلم والإزدهار". وتهدف هذه القمّة إلى تدعيم العلاقات بين القارتين الإفريقية والآسيوية، وتشكل فرصة لتبادل الخبرات ومناقشة استراتيجيات تمكن من التغلب على التحديات المشتركة، وتعزيز التنمية الاقتصادية في القارتين، فيما تتضمن الوثائق الختامية الثلاث المرفوعة أمام قادة الدول والحكومات "رسالة باندونغ" لتعزيز التضامن والتعاون الآسيوي الإفريقي، وثيقة تنشيط مبادرة الشراكة الجديدة الأفرو-آسيوية، وكذا تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية. ويتزامن إحياء الذكرى ال60 لمؤتمر باندونغ هذا العام، مع الاحتفال بالذكرى العاشرة لتأسيس مبادرة الشراكة الاستراتيجية الآسيوية الإفريقية الجديدة والتي أطلقها رؤساء الدول والحكومات قادت عهدا جديدا من بناء للجسور بين المنطقتين الآسيوية والإفريقية بدعم ثلاث ركائز هي، التضامن السياسي والتعاون الاقتصادي والعلاقات الاجتماعية والثقافية. ويبقى مسعى بناء مستقبل أفضل وفقا لروح إعلان باندونغ، الهدف الأسمى لهذا الاجتماع الذي يعد فرصة للتفكير حول سبل تعزيز التعاون بين إفريقيا وآسيا في الكثير من المجالات. وتنظم أندونيسيا سلسلة من الفعاليات بمناسبة مرور 60 عاما على انعقاد مؤتمر باندونغ الذي يعد اللبنة الأولى لحركة عدم الانحياز وأحد جذور التعاون الآفرو- أسيوي. وعلى هامش مشاركته في هذه الفعاليات استقبل رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، من طرف الرئيسين الصيني كسي جينبينغ، والايراني حسن روحاني، وتمحور اللقاءان حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك.