لأول مرة في تاريخه أنتج التلفزيون الجزائري دراما اجتماعية تعالج ظاهرة الإرهاب ومخلفاته الثقافية والاجتماعية في الجزائر إبان العشرية الفارطة.لقطات من هذا المسلسل ذي ال15 حلقة عرضت أمس بقاعة ابن زيدون بحضور المخرج لامين مرباح ونخبة من أبطال المسلسل،وقد وصف الحاضرون في هذا اللقاء المسلسل بالرائعة، مجمعين بما فيهم بعض المخرجين بأنه يستحق جائزة "الأوسكار". سيتمكن الجمهور الجزائري خلال شهر رمضان الكريم من متابعة مسلسل "دارنا القديمة" للمخرج لامين مرباح، وهو عمل درامي راق خاصة من حيث النص والأداء يعالج ظاهرة الإرهاب في إطارها الاجتماعي وما خلفته من مآس على الأسرة والإنسان الجزائري عموما. المسلسل من بطولة سيد علي كويرات وبهية راشدي وإدريس شقروني، ومسعود زواوي، مصطفى لعريبي فريدة كريم، ياسين زايدي ونور الدين شلوش وغيرهم. بداية أشار المخرج لامين مرباح الى ظروف العمل التي دامت 8 أشهر، مؤكدا أنه عمل ما بوسعه لتقديم الأحسن والأقرب الى الواقع والى المجتمع الجزائري إضافة الى حرصه على ترجمة قناعاته والشهادات التي جمعها ممن احتك بهم والذين عايشوا هذه الظاهرة. بمناسبة هذا العرض الشرفي أدلى أبطال المسلسل بتصريحاتهم ل"المساء" وكان على رأسهم الممثل القدير سيد علي كويرات الذي أكد بأنه فخور بكونه ممثلا ملتزما يؤدي أدوارا هادفة، من صميم واقع المجتمع منذ بداياته في سنة 1950 لكنه تمنى في ذات الوقت لو أن المخرج ترك مساحة أكبر للممثلين عوض ربطهم بشكل حصري بالنص المكتوب، من جهة أخرى أبدى إعجابه الشديد بموسيقى المسلسل، وتنبأ للمسلسل بالنجاح الى درجة أنه رآه مجالا خصبا لعودته الى الساحة الفنية. أما السيدة بهية راشدي فتحدثت ل"المساء" عن دورها في المسلسل (أم إرهابي تائب) حيث قالت "ما عكست إلا الواقع، ونظراتي في المسلسل مستمدة من آلامي وأحاسيسي كجزائرية عاشت الفترة". من جهتها أكدت الممثلة فريدة كريم على أن دورها في المسلسل يعتبر بصمة هامة في تاريخها الفني. أما الممثل المسرحي ياسين زايدي فتحدث "للمساء" عن هذه التجربة (أدى دور الإرهابي عمر) الجديدة لكنه عبر عن تخوفه من ردة فعل الجمهور إتجاهه لذلك تمنى من الجمهور أن يتابع العمل كاملا. الممثلة الشابة أمينة بلجودي تحدثت ل"المساء" عن دورها كزوجة شقيق الإرهابي وعلاقتها مع حماتها وزوجها العربي، مضيفة "لقد تعلمت الكثير من السيد مرباح واستطعت أن أودي دوري باقتناع". يبدأ المسلسل بمشهد يصور جلسة حول مائدة القهوى تجمع الزوجين كويرات وبهية راشدي إذ يروي الزوج حلم يرى فيه أباه يلومه على نسيانه الماضي والتخلي عنه وهو الأمر الذي سينعكس على الأبناء، فيتشاءم الأب، وبالفعل تحدث الكارثة إذ يلتحق ابنه محمود (مصطفى لعريبي) بالجبل ويحمل السلاح، لكنه سرعان ما يسترجع عقله هناك خاصة بعدما يتعرض صديقه ورفيقه في الجبل الى القتل فينقذه ويقتل كل من كان معه في الجبل ليتسفيد من قانون المصالحة الوطنية. تبدأ حياة أخرى جديدة فعائلته تعاقبه نفسيا خاصة بعد أن رفض القسم على المصحف الذي قدمه له والده كويرات كي يثبت له أنه لم يقتل أحدا، وخطيبته الجارة يرفضه أهلها لأن أخاها أصبح مقعدا إثر تفجير قنبلة أمامه بأحد الأسواق فتنقطع الروابط الأسرية ويختفي الأمن، فيحاول محمود رفقة عمر البحث عن عمل بدون جدوى يشغلهما أحد كبار التجار في أعمال بسيطة ثم يحاول استغلال ماضيهما ليورطهما في عمليات قتل ضد منافسيه فيرفض محمود بشدة ويخضع عمر لكنه يفشل بعدها بسبب عواقب يصطدم بها. لم تقتصر العمل على موضوع الإرهاب بل امتد لتتناول بعض الظواهر الاجتماعية الأخرى كتفشي المادية واللهث وراء الربح السهل، وتفكك الأسرة والمشاكل الاقتصادية من خلال نقابات العمال التي تدافع عن طبقة العمال المهددة بالزوال، والتعامل العنيف بين الناس. حاول المخرج توظيف بعض التقنيات كالحوار المباشر مع الكاميرا حيث تحدث كويرات مباشرة مع الجمهور يصف الدمار الذي لحق بالدار القديمة بالقصبة بعد أن هجرته العائلة ويحاول مسح الغبار عن إحدى مراياه ليرى من خلالها الماضي، وعلى فراش موته يوصي أهله بضرورة ترميمه كي يلم شمل كل العائلة، وهو إيحاء بضرورة العودة الى بيت الوطن الجزائر، على الرغم من أن الأحداث ابتعدت كلية عن الخطاب المباشر. الحوار كان قويا لامكان فيه للفراغ أو الانقطاع خاليا من الكلمات الأجنبية، معتمدا على اللهجة العاصمية الجميلة، مبرزا كل قدرات الممثلين بما فيهم المواهب الشابة. أما الجانب التقني فقد كان مقبولا الى حد كبير على الرغم من أن المخرج أكد أنه لم يكن الهدف الأول في هذا العمل التلفزيوني.