انتقد عدد من ممثلي هيئة الدفاع عن المتهمين المتابعين بجنحة الرشوة واستغلال النفوذ، والاستفادة من الامتيازات في قضية بنك الخليفة بعد النقض، محاكمة موكليهم في محكمة جنايات بدلا من محكمة جنح، معللين طرحهم بكون المحكمة الأولى تبني أحكامها على أساس الإقناع، فيما تبنى أحكام محكمة الجنح على الأدلة وإثبات أركان الجنحة، وهي الأركان التي اعتبر مختلف المحامين الذين تعاقبوا على منصة الدفاع أمس، أنها تتنافى في حالات موكليهم.. فقد استهل الأستاذ موحمو رضا، الذي رافع لصالح أربعة متهمين متابعين بجنحة الرشوة واستغلال النفوذ والاستفادة من الامتيازات، بتذكير هيئة المحكمة بأن "العمولات المزعومة" التي يتابع بخصوصها موكلوه سلّمت في معظمها خلال الفترة الممتدة بين جوان 2002 وبداية 2003، والتي أشار مصفي بنك الخليفة بأن الفترة التي حدثت فيها عدة أعمال نهب وسرقة"، مستوحيا بذلك بأن تلك العمليات قد تكون عمليات مصطنعة تورط موكليه. وفي سياق متصل التمس المحامي البراءة لموكله بوسنة نور الدين، الذي قام حسبه بإيداع أموال ديوان الترقية والتسيير العقاري لوهران في بنك الخليفة، "امتثالا لتعليمات مدير الديوان المتوفي خير الدين الوليد، الذي كان قد اعترف بذلك"، فيما أشار إلى أن موكلته بلهاشمي خديجة، التي شغلت منصب مديرة عامة بمركز الدراسات والإنجازات العمومية، "أودعت أموالا بشكل قانوني وذلك بعد حصولها على موافقة من مجلس الإدارة للمؤسسة"، مضيفا بأن العمولة التي اتهمت بتقاضيها "ليست موجودة سوى في قصاصة ورقية قيل بأنه تم اكتشافها لدى بنك الخليفة"، كما التمس نفس المحامي البراءة للمتهم بورحلة حميد، مدير وحدة المشروبات بالحراش، على أساس أنه كان يدير وحدة وليس المديرية العامة التي أودعت الأموال "وبالتالي فإن استفادته من بطاقة "طلاسو" ليست مقابل خدمة قدمها"، على حد تعبير المحامي الذي أكد بأن "أركان جنحة الرشوة غير قائمة". الأستاذ بويطان الطيب: محافظا الحسابات أديا دورهما كاملا من جهته الأستاذ بويطان الطيب، الذي رافع لصالح محافظي الحسابات ببنك الخليفة ميمي لخضر وسخارة حميد، بدأ مرافعته بالالتماس من هيئة المحكمة عدم تجاهل الاستناد إلى الأدلة في إثبات التهم المرتبطة بالجنح التي يتابع بها المتهمون في القضية، قبل أن يشير إلى أن موكليه ليسا معنيين بالخروقات التي حصلت ببنك الخليفة، على اعتبار أنهما عملا بهذا البنك خلال الفترة الممتدة بين 1998 إلى 2000، "في حين أن التجاوزات الخطيرة في هذا البنك تم ارتكابها خلال الفترة الموالية". كما أكد المحامي بأن موكليه "وعكس ما قيل في المحاكمة، قاما بدورهما كاملا بتبليغهما عن المخالفات المسجلة في تسيير بنك الخليفة خلال الفترة التي اشتغلا بها"، مستدلا في طرحه بتقرير وجّهه مفتشو بنك الجزائر إلى محافظ البنك في 28 جوان 2000 "يشير صراحة إلى ملاحظة محافظي الحسابات لوجود مخالفات على مستوى تسيير بنك الخليفة". وذكر الأستاذ بويطان، بأن موكليه رفضا تجديد الوكالة للعمل ببنك الخليفة في سنة 2000، بسبب تلك المخالفات التي عايناها، محمّلا مسؤولية استمرار الخروقات وحدوث فضيحة بنك الخليفة لبنك الجزائر، حيث قال في هذا الشأن "لو تدخل بنك الجزائر بالارتكاز على ملاحظات محافظي الحسابات المتابعين اليوم، لما حصل ما حصل وما كانت هناك قضية اسمها قضية بنك الخليفة"، مضيفا بقوله "لكن من كانت له القدرة يومها بالوقوف في وجه عبد المومن خليفة، الذي كان له شأن عظيم". وتأسف المحامي لكون موكليه "اللذين كانا لوحدهما في تلك المعركة، أصبحا اليوم متابعين طبقا للمادة 830 من القانون التجاري على أساس تقرير حررته اللجنة المصرفية في ماي 2003، أي بعد 3 سنوات من مغادرتهما الوظيفة"، نافيا ثبوت ما جاء في تقرير من مخالفات كالكذب وعدم الكشف عن الجرم، قائلا بأن "المتهمين لم يرتكبا هذه المخالفات، ولم يكونا مجبرين بتبليغ النيابة العامة على اعتبار أن المخالفات التي عايناها لم تكن ترقى إلى مستوى الخروقات المنصوص عليها في القانون التجاري". وفيما قدّر بأن "النيابة العامة كان عليها أخذ تقرير مفتشي بنك الجزائر بعين الاعتبار"، تساءل عن تصنيف بعض الأشخاص في خانة الشهود "في حين أنه كان يفترض تصنيفهم كمتهمين"، قبل أن يختم مرافعته بالتذكير بأن المحاكمة كانت قد عادت من المحكمة العليا بعد تسجيل أخطاء في تطبيق القانون، "ومن بينها أخطاء ارتكبت في حق محافظي الحسابات". متهمون متابعون بالاحتفاظ بسيارات وحواسيب من جهتها طالبت الأستاذة كيتون باية، بإخلاء سبيل موكليها جون برنارد فيالان، وشفيق بوركايب، اللذين كانا يعملان لدى شركة الخليفة للطيران واحتفظا بحاسوبين (جهازي إعلام آلي). وكان المتهمان قد بررا عدم إرجاعهما الجهازين، بكونهما كانا يحتفظان بمعطيات مهنية مهمة، قبل إرغامهما من قبل مصالح الضبطية القضائية للدرك الوطني على تسليمهما، وهو ما اعتبره دفاعهما امتثالا للقانون من قبل موكليهما اللذين لا تتوفر فيهما حسبها "أركان جريمة خيانة الأمانة". أما المحامي دالي شاوش، الذي تأسس في حق المتهم سبيري مهدي، الذي عمل كإطار في الصيدلة لدى مجمع "الخليفة للصحة"، فأشار إلى أن "غالبية المتهمين المتابعين بخيانة الأمانة يعتبرون إطارات عليا في الدولة وهم متابعون بأشياء لا تبرر وجودهم في محكمة جنايات". واستند المحامي إلى التصريحات التي كان قد أدلى بها زميله مزيان، محامي مصفي بنك الخليفة، والتي أكد فيها بأن "مصطلح مجمع غير قانوني" للتأكيد على أن موكله الذي عمل حسبه "بمؤسسة مستقلة تسمى الخليفة للصحة لم يكن ملزما بإعادة السيارة التي احتفظ بها إلى ممثل بنك الخليفة"، مقدّرا بأنه طبقا للقانون التجاري فإن المؤسستين منفصلتان عن بعضهما "كما أن البطاقة الرمادية للسيارة مسجلة باسم شركة "فارما لإنتاج الأدوية" المملوكة لعائلة عبد المومن خليفة، وليس باسم بنك الخليفة، وبالتالي حسب المحامي فإن "هذا ينفي أحقية ممثل البنك في استرجاع السيارة لأنه لم يكن يحمل الصفة القانونية"، كما أشار إلى أن موكله أصيب بضرر معنوي إثر توقف مجمع الخليفة للصحة عن العمل بسبب إفلاس بنك الخليفة، "حيث لم يتلق أجره الشهري لمدة 36 شهرا.." مذكّرا في الأخير بأن "المحكمة العليا كانت قالت بأن الاحتفاظ بملك ما لا يعتبر خيانة أمانة في حال لم يتم إتلافه". دفاع المتهم ميلودي بن يوسف، المتابع بإيداع أموال ديوان الترقية والتسيير العقاري لعين تموشنت، من جهته قال أمام هيئة المحكمة بأن النطق بالحكم في حق المتهمين بالجنح على أساس الإقناع فقط ودون الاستناد إلى الأدلة يعتبر "إجراء غير قانوني"، منتقدا ارتكاز المحكمة في اتهامها لموكله على تصريحات ووثائق وجدت بوكالة بنك الخليفة لوهران، والتي كان أدين مديرها في المحاكمة الأولى التي تمت في 2007. أما المحامي آيت أحمد بلقاسم، الذي رافع في حق المتهم مزياني مولود، المتابع بتهمة الرشوة واستغلال النفوذ والاستفادة من الامتيازات، فقد سعى في مداخلته إلى إثبات عدم توفر أركان هذه الجنحة "باعتبار أن موكلي لم تكن له صفة الموظف العام المنصوص عليها في قانون العقوبات، ولم يستلم بطاقة "طلاسو" في الفترة التي كان يشتغل بها في الوكالة الوطنية للتنمية الاجتماعية بصفته مديرا مساعدا وإنما بعد أن غادر المنصب". كما لفت المحامي أيت أحمد بلقاسم، بأن موكله الذي كان قد فتح حسابا لدى بنك الخليفة لإيداع الأموال التي تلقتها الوكالة كهبة من المملكة العربية السعودية "كان قد راسل وزارة العمل والحماية الاجتماعية، والتي أعطت الموافقة المكتوبة والصريحة لإيداع الأموال في البنك المذكور". بدوره التمس المحامي حربيش، البراءة لموكله عمروشان اعمر، المدير الأسبق للشركة الوطنية للتنقيب (اينافور)، والمتابع بتلقي رشوة ممثلة في بطاقة سفر مجانية، لافتا في بداية مرافعته إلى أن متابعة موكله تمت لتشابه اسمه باسم زوجة عبد المومن خليفة، التي تحمل لقب عميروشان، مضيفا بأنه من خلال محاضر التحقيق "نلاحظ أن موكلي منحت له عدة صفات لم يكن يشغلها، على غرار كونه رئيسا مديرا عاما للشركة، في حين أنه في الحقيقة كان مساعدا للمدير العام". كما أكد ذات المحامي بأن موكله لم يستعمل بطاقة السفر المجاني التي أرسلت إليه، "ولم يسافر إلى دبي، مثلما هو مدون في محاضر التحقيق"، مشيرا إلى أن كون المتهم قد أحيل على التقاعد في نهاية سنة 1999، أي قبل وقائع القضية، "فذلك يرفع عنه صفة الموظف العمومي، التي يشير إليها قانون مكافحة الفساد في تحديده لأركان جريمة الرشوة". وتتواصل اليوم، مرافعات هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية بنك الخليفة بعد النقض في يومها الثاني والثلاثين، حيث يرتقب الشروع في الاستماع لدفاع المتهمين المتابعين بجناية تكوين جمعية أشرار والنصب والاحتيال وخيانة الأمانة، والسرقة المقترنة بظروف متعددة وتزوير محررات مصرفية، ويتعلق الأمر بالمتهمين الموقوفين البالغ عددهم 21 متهما. بدوره التمس الأستاذ بلولة جمال، البراءة في حق موكلته بن ويس ليندة، التي كانت النيابة العامة قد التمست ضدها حكما بالسجن لثلاث سنوات وغرامة مالية مقدرة ب20 ألف دينار. واعتبر المحامي بأن العقوبة "ما كان ينبغي أن تشدّد على موكلته على اعتبار أنها لم تطعن في الحكم الصادر ضدها في المحاكمة الأولى التي تمت في 2007"، مذكرا بأن أركان التهمة التي توبعت بها المتهمة والمتمثلة في عدم تسديد قرض تحصلت عليه من بنك الخليفة لشراء شقة بالعاصمة، وكذا المشاركة في استدراج الزبائن لإيداع أموالهم في بنك الخليفة، "ليست ثابتة لحد الآن"، واستدل في ذلك بكون عملية التصفية التي قد تكشف للمصفي باتسي، عن وثائق تبرئ موكلته لم تنته بعد. ورافع الأستاذ هواري عبد الغني، في حق لجلط ليليا، التي عملت بشركة "الخليفة ايروايز" قبل تعيينها على رأس شركة "الخليفة للخياطة"، مشيرا إلى أن موكلته "من عائلة شريفة، وتأتي في كل مرة من الولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل الاستجابة لعدالة بلادها". ونفى التهمة الأولى المنسوبة إلى موكلته، والمتعلقة باحتفاظها بسيارة الخدمة، موضحا بأن المتهمة التي "لا تتقن السياقة وكان لها سائق يقودها للعمل، قامت بإعادة السيارة إلى المصفي قبل إعلان المصفي عن طلب استعادة ممتلكات الخليفة في الصحافة الوطنية، فيما رد على التهمة الثانية المتعلقة بعدم تسديدها لقرض تلقته من بنك الخليفة بالتأكيد على أنها قامت بدفع ما هو مستحق منها، قبل أن يضيف "حتى ولو لم تكن قد سددت يمكن للمصفي أن يطالبها به، على اعتبار أن عملية التصفية لازالت متواصلة". واعتبر المحامي شبلي يحيى، الذي رافع في حق علي عون، المدير السابق لشركة "صيدال" بأن موكله أقحم ضمن مجموعة من المتهمين بجنحة الرشوة واستغلال النفوذ والاستفادة من الامتيازات، بغير وجه حق، مشيرا إلى أن المتهم لا يملك صفة الموظف العام، بالنظر إلى كون شركة "صيدال" التي تخضع للقانون التجاري لم تعينه مديرا عاما، وإنما انتخب من قبل مساهمين في الشركة. فيما نفى أن يكون موكله قد أعطى تعليمات لتعامل فرع "فارمال" التابع للشركة العمومية مع مؤسسة "الخليفة للصيدلة"، وأكد بأنه لم يستلم السيارة وبطاقة "طلاسو" من عبد المومن خليفة، مستدلا بكون الفترة التي تم وضع السيارة المعنية في موقف شركة "صيدال" كان منهمكا بمشروع إنتاج الأنسولين بمصنع قسنطينة. وتتواصل اليوم مرافعات هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية بنك الخليفة بعد النقض في يومها الثاني والثلاثين، حيث يرتقب الشروع في الاستماع لدفاع المتهمين المتابعين بجناية تكوين جمعية أشرار والنصب والاحتيال وخيانة الأمانة، والسرقة المقترنة بظروف متعددة وتزوير محررات مصرفية، ويتعلق الأمر بالمتهمين الموقوفين البالغ عددهم 21 متهما.