تواصلت، أمس، أطوار محاكمة بنك الخليفة في يومها الواحد والثلاثين بمجلس قضاء البليدة، بالاستماع إلى هيئة دفاع المتهمين البالغ عددهم 71 متهما، حيث رافع عدد من الأساتذة أمام هيئة المحكمة برئاسة القاضي عنتر منور، المرافعات شملت المتهمين المتابعين بجنحة الرشوة، استغلال النفوذ والحصول على فوائد وامتيازات، بالإضافة إلى تهمة خيانة الأمانة، حيث سعى الأساتذة الذين أسسوا في حق موكليهم إلى إبراز غياب الأركان المادية والمعنوية لإثبات جنحة الرشوة، فيما دعا بعض المحامين هيئة المحكمة إلى بناء قناعتها على أدلة ووقائع ملموسة من أجل النطق بحكم البراءة في حق هؤلاء المتهمين. استهل المحامي بوبطاون الطيب مرافعته في حق كل من المتهمين سخارة حميد وميمي لخضر اللذين كانا يشغلا منصب محافظي حسابات ببنك الخليفة، والمتابعين بتهمة الرشوة واستغلال النفوذ، حيث قال الأستاذ، من خلال ما دار في الجلسة للوصول إلى الحقيقة كنت دقيقا في أسئلتي بالنظر إلى القواعد البنكية المعمول بها وكنت انتظر أن النيابة العامة بدل أن تلتمس 5 سنوات حبسا نافذ في حق هذين المتهمين، أن تتنازل عن حقها في المتابعة، لذلك أحسسنا أن النيابة كانت مضطرة لالتماس تلك الأحكام ولا يمكنها أن تملك الجرأة الكافية لالتماس البراءة عندما يستحقها المتهم، على الأقل هذا ما كان يحدث في وقت سابق في القضاء الجزائري وهذا من مقتضى الطريقة التي توظفها النيابة في خدمة العدالة من أجل التطبيق السليم لقوانين الجمهورية. محامون يطالبون بمراجعة نظرية القناعة الشخصية للقاضي في محكمة الجنايات وفي سياق مرافعته، أوضح الأستاذ أن المجرمين الحقيقيين ليسوا في هذه المحاكمة، ليعرج إلى الحديث على نظيرة القناعة الشخصية لمحكمة الجناية والتي يتم بموجبها إصدار الأحكام في حق المتهمين، حيث أكد أن هذه النظرية ألغيت في بلد مثل فرنسا لأنها تقضي على الدليل، وتقلص بذلك من حظوظ المتهم في الحصول على البراءة، واليوم نحن لا نطالب من هيئة المحكمة بالجزائر أن تتخلى عن العمل عن مثل هذه النظرية وإنما على الأقل نريد أن يتم بناء القناعة على أساس أدلة وحجج وبراهين ملموسة حتى لا يظلم أحد. ومن ثم عاد المحامي للدفاع عن موكليه سخارة وميمين حيث أكد في هذا الصدد، أن ل ما وقع ببنك الخليفة بعد سنة 200 لا يعني هذين المتهمين لأنهما كان قد غادرا البنك، وان كل ما ذكره أعضاء اللجنة المصرفية من خلال مختلف الشهادات التي أدلوا بها في هذه المحاكمة لا يعنيهم لأنه وبكل بساطة انهيار البنك جاء مع نهاية سنة 2002، في حين أن وكالة المحافظين انتهت في 31 ديسمبر 2000 وبالرغم من أن إدارة البنك طلبت منهما تجديدها إلا أنهما رفضا ذلك بالنظر إلى التجاوزات التي كانت تحدث في تلك الفترة. واعتبر المحامي أن الدور الذي لعبه المحافظين كانت جوهريا لأنهما دقا ناقوس الخطر على مستوى بنك الجزائر من خلا التقارير التي أرسلوا بها إلى هذه الهيئة المصرفية والتي للأسف لم تركز على الملاحظات التي قاموا بتسجيلها ولم يأخذوا بعين الاعتبار إخطار المحافظين حول التجاوزات التي كانت تحدث ببنك الخليفة، هذين المتهمين يا سيدي القاضي قاما بواجبهما وبكل أمانة وإخلاص وتقرير اللجنة المصرفية الذي تحمل من خلاه بنك الخليفة المسؤولية لا يعني محافظي الحسابات، كما انه ومن خلال المناقشات التي جرت في الجلسة لا سيما عند استجواب محمد جلاب المتصرف الإداري للبنك، تبين أن الخروقات والتجاوزات التي دونها محافظي الحسابات تضبطها القواعد الاحترازية لبنك الجزائر وليس القانون التجاري. واستطرد الأستاذ قائلا، إن محافظ بنك الجزائر محمد لكساسي نفسه قال إنه لا يعلم ما حدث وطلب منكم استجواب أعضاء اللجنة المصرفية، كما صرح بأن تلك الخروقات تخضع غلى إجراءات احترازية بمعنى تتطلب عقوبات إدارية وليست جزائية. ويبقى بالنسبة للمحامي، أن تقرير 28 جوان من سنة 2000 والذي أعد من طرف المحافظين كان بالغا في الأهمية ول تمت مراعاة الخروقات التي سجلت فيه ورفعت إلى بنك الجزائر لكان بالإمكان تفادي الكارثة ولتمكن بنك الجزائر من وقف النزيف الذي كان على مستوى بمننك الخليفة، خاصة وأن المحافظين كانا قد رفضا المصادقة على حسابات البنك حتى تسوية الوضعية ومن ثم وجه نداء لهيئة المحكمة لتراجع قناعتها التي قال إنها لا يمكن أن تخرج عن نطاق المنطق والتي ستقضي لا محال بالبراءة في حق هؤلاء المتهمين بهدف رد الاعتبار لهما. المحكمة العليا أصدرت قرارا يقضي بعدم تكييف التأخر في تسيلم مقتنيات على أنه خيانة للأمانة من جهتها أكدت الأستاذة كيتون باية، التي تأسست في حق كل من المتهمين جون برنارد فيلان الذي كان يشغل منصب مسؤول بخليفة للطيران وبوركايب شفيق الذي كان مديرا تجاريا بنفس الشركة، أن المحكمة العليا قد أصدرت قرارا يقضي بعدم تكييف التأخر في تسليم مقتنيات على أنه جنحة خيانة أمانة، ومن ثم عبرت عن اندهاشها كيف تم توجيه مثل هذه التهم لموكليها اللذين لم يقوما إلا بواجبهما من خلال الاحتفاظ بأغراض الهدف من ورائها الحفاظ على الأمانة كون الكمبيوتر المحمول كان بداخله أسرار شركة خليفة للطيران وبالتالي لم يكن من المعقول تسليمه لأي شخص كان خوفا من استغلال المعطيات التي كانت بداخله ومن ثم فقد التمست البراءة لموكليها لعدم توفر أركان الجريمة المنسوبة إليهما. بدوره قال الأستاذ شاوش الموكل في حق الصيدلي سبيري مهدي المتابع بتهمة خيانة الأمانة، إن هنالك عمل مقصود استهدف إطارات الدولة ولذلك يجب تبرئتهم من التهم المنسوبة إليهم، نفس الرأي ذهب إليه المحامي حاج علي حكيم الموكل في حق المتهم ميلودي بن يوسف المدير العام لديوان الترقية والتسيير العقاري بولاية عين تيموشنت، والمتابع بتهمة الرشوة، حيث أكد المحامي أن أركان الجريمة غير متوفرة ليطالب بإسقاط هذه التهمة عن موكله، فيما حمل المحامي أيت احمد بلقاسم الموكل في حق مدير وكالة التنمية المحلية مزياني مولود المتابع بتهمة الرشوة، أبو جرة سلاني مسؤولية إيداع الأموال في الأموال ببنك الخليفة وقال إن موكله قام بتوجيه إرسالية لإعلامه عندما كان وزيرا للعمل والحماية الاجتماعية ورد عليها بالإيجاب مع العلم أن الوكالة تقبل الهبات وفق ما ينص عليه القانون بالنظر إلى طابعها التضامني وأن المبلغ الذي تم إيداعه في تلك الفترة كان هبة من السفارة السعودية. وكالة الخليفة بوهران قيدت عمولات باطلة لتورط مدراء المؤسسات وفي مرافعته لصالح المتهم بوسنة نور الدين رئيس دائرة المحاسبة والمالية بديوان الترقية والتسيير العقاري بوهران، قال المحامي، إن موكله كان يتلقى تعليمات من طرف المدير العام السابق للديوان ويطبقها ليس أكثر، وعن المتهمة بلهاشمي خدوجة مديرة عامة بمركز الدراسات العمومية والتي أودعت أموال ببنك الخليفة، أوضح أن العمولة التي يتابع بها هؤلاء المتهمين تم تقييدها من طرف بنك الخليفة وليس لها أي أساس في الواقع واعتبرها عمولات مزعومة على غرار ما نسب للمتهم بولفراد عبد الله مدير عام مشروبات وهران الذي لم يحصل على أي امتياز مقابل إيداعه للأموال، وعليه نستنتج أن هؤلاء المدراء كانوا ضحايا لتلك المناورات لأنهم كانوا يأخذون الأموال وينسبونها إليهم في قوائم يقومون هم بإعدادها وقرص حكيم نفسه مدير وكالة ورهان قال إنه لم يسلم عمولات للمدراء وعلى هذا الأساس فإن التهمة غير قائمة ونلتمس البراءة لهؤلاء المتهمين لأنهم لم يرتكبوا جنحة الرشوة واستغلال النفوذ والحصول على امتيازات وفوائد. المحامي سيد السعيد الذي تأسس في حق لعوش بوعلام المتابع بتهمة عدم التبليغ عن جناية، قال إنه كان ينتظر منن النائب العام أن يطلب بتطبيق القانون في حق موكله لما قام به من عمل نبيل عندكما بلغ قاضي التحقيق بالتقرير الذي كان متواجدا لدى المصفي والذي يدين بنك الخليفة وكان سببا في تفجير هذه القضية، وأضاف مؤكدا أنه لا يوجد ما يمن مناقشته في هذه القضية ولكن بالنظر إلى الصدى الإعلامي الكبير، فيجب أن نعرف بان الجميع كان يثق في بنك الخليفة إلى درجة أن الدولة نفسها ممثلة في وزارة التجارة في تلك الفترة طلبت من بنك الخليفة تمويل قمة أمريكية افريقية بفيلا دلفيا، كيف يمكن الحديث عن جمعية أشرار تنظم كل هذا إلى جانب مقابلة بين فريق فرنسي وفريق جزائري وغيرها من الممارسات، ليعود إلى موكلاه قائلا، لا توجد له أي نية إجرامية وعليه فهناك الكثير من الأسرار التي لم تكشف بعد في هذه القضية لا سيما فيما يتعلق بدور بنك الجزائر فكيف نتصور اتهام المحافظ عبد الوهاب كيرمان دون اتهام نائبه محمد لكساسي. دفاع علي عون يلتمس البراءة لموكله ويؤكد غياب أركان الجريمة وقد رافع الأستاذ شبلي يحيى المؤسس في حق المتهم علي عون الرئيس المدير العام السابق لمجمع صيدال، أمام هيئة المحكمة التي التمس منها البراءة لموكله وقال إنه برجوعه إلى قرار الإحالة للاحظ أنه تم إقحام موكله على غرار باقي المتهمين في جنحة الرشوة واستغلال النفوذ والحصول على الامتيازات وفوائد في القوت الذي لم تتوفر فيه أركان هذه الجريمة كون قرار إيداع الأموال التي لنم تضع في نهاية المطاف لا يعود غلى الرئيس المدير العام وإنما لمجلس الإدارة التابع للمجمع، كما أن صفة الموظف لا تنطبق على موكله كون الشركة تخضع للقانون التجاري وهذا ما يسقط أتوماتيكيا التهم المنسوبة إليه وعن السيارة التي سلمت له من طرف بنك الخليفة فقد وجهت إلى الحظيرة ولم يكن يعلم بها أصلا. وعن قضية ليندة بن ويس ابنة الطيب بن ويس المدير العام السابق للجوية الجزائرية والتي كانت تشغل منصب مديرة الصرف الآلي ببنك الخليفة، فقد ارتكز دفاعها الأستاذ بلولة مال على كون المتهمة بادرت بالطعن في الحكم السابق أمام المحكمة العليا والمتمثل في سنتين حبس مع وقف التنفيذ، وهذا ما يفرض على النائب العام أن لا يلتمس عقوبة 3 سنوات حبسا نافذا في حقها، كما يفترض أن يكون الهدف من الناحية القانونية بالنسبة للطعن هو تحسين الحكم، ويضاف إلى ذلك كون الواقعة في ذاتها غير معنية بالدعوى الجزائرية وإنما هي مدنية تجارية في الوقت الذي أصدرت فيه محكمة الجنايات قرارا يؤكد أن التأخر في تسليم أشياء لا ينصف ضمن جرائم خيانة الأمانة وخير دليل على ذلك مع حدث مع احد المتابعين وهو عثمان بوشوارب الذي هو الآن مسير لشركة بوشوارب لتحويل البطاطا والذي استفاد من قرض بقيمة 72 مليون دينار جزائري وقال غنه سدده نقدا وفي النهاية استفاد من انتفاء وجه الدعوى القضائية لدى قاضي التحقيق، فلماذا لم يتم التعامل مع ليندة بن ويس بنفس الطريقة. وبالنسبة للمتهمة لجلط ليلى المتابعة بخيانة الأمانة لعدم إعادة السيارة التابعة لبنك الخليفة في الوقت المحدد، قال دفاعها إنها تعيش حاليا في الولاياتالمتحدةالأمريكية وتضطر بسبب هذه المحاكمة إلى التنقل غلى الجزائر بتكلفة 3 آلاف دولار لكل رحلة تاركة ورائها طفلة رضيعة في حضن والدها لم تراها منذ أكثر من شهر ونصف، ليذكر القاضي بأنها استفادت سابقا من البراءة واستغرب كيف أن النائب العام التمس في حقها عقوبة 3 سنوات حبسا نافذا وطالب بتنفيذ أقصى العقوبة في حقها، في الوقت الذي قامت فيه بإعادة السيارة للدرك الوطني وتخلفها عن الموعد كان بسبب تواجدها بالخارج، مع العلم أنها لم تكن تقود تلك السيارة وكانت محفوظة لدى السائق. نفس الرأي ذهب إليه الأستاذ لوشان كريم المؤسس في حق المتهم بوكرمة حكيم بشأن السيارة التي تأخر في إعادتها إلى الدرك الوطني. ويشار إلى الاستماع إلى مرافعات المحامين تتواصل اليوم بمجلس قضاء البليدة، حيث يفترض أن تستمع محكمة الجنايات اليوم إلى دفاع المتهمين المتابعين بجناية تكوين جمعيات أشرار، وهذا ما يؤكد أن المحاكمة تشرف على نهايتها في انتظار الاستماع إلى الأساتذة المؤسسين في حق المتهم الرئيسي عبد المومن خليفة.