تعج المحلات والمراكز التجارية في الوقت الراهن بالمتسوقين، وتشهد محلات بيع مستلزمات الحلويات على وجه الخصوص حركة نشطة خلال هذه الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل استعدادا لعيد الفطر، حيث تحرص فئة كبيرة من أفراد المجتمع على البقاء على عاداتها في تحضير مختلف الحلويات التقليدية، دون إغفال حلويات عصرية من الطبخ العالمي. تتجلى هذه المظاهر عموما في العديد من المحلات المختصة في بيع مستلزمات الحلويات، حيث أصبح لبعضها اختصاص معين، فهناك محلات اختصت في بيع المستلزمات التي تدخل في تركيب الحلويات، مثل الفرينة، الزبدة، الزيت، البيض، لتختص الأخرى في بيع المعطرات الغذائية، المنكهات والملونات، و "الطلية(الغلاساج) وحتى جوز الهند، الكاكاو.. وأخرى لبيع جميع أنواع المكسرات والفواكه الجافة. من جهة أخرى، اختار بعض التجار التخصص في عرض مختلف أواني طبخ الحلويات وقوالب الحلوى. انطلقت "المساء" في جولة ميدانية عبر بعض المحلات المختصة في بيع قوالب الحلوى لرصد حركة النساء اللواتي لم تمنعهن درجات الحرارة العالية من ترك بيوتهن للبحث عن كل ما يحتجن إليه من مواد للشروع في تحضير حلويات عيد الفطر المبارك. كانت محطتنا الأولى محلا بشارع حي بلوزداد مختصا في بيع قوالب الحلوى، كان محله الصغير يعج بالنسوة، كل واحدة حاملة لبعض السلع وواقفة في الطابور تنتظر دورها لدفع سعر ما اقتنته... اقتربنا من إحداهن كانت منهمكة في اختيار قوالب خاصة بعجينة اللوز، وهي قوالب من مادة السيليكون بألوان جميلة تحمل شكل أزهار أو فواكه صغيرة أو أوراق نباتات، كانت تبدو أنها في حيرة من أمرها لاختيار النوع الذي تريد اقتناءه، عند سؤالنا عن طريقة استعمالها، أجابتنا بابتسامة أنها تجهل طريقة استعمالها إلا أنها تبدو سهلة. وأكدت أنها قوالب تستعملها العديد من النسوة القريبات منها لإعداد الحلويات العصرية المصنوعة من عجينة اللوز، ولم يسبق لها أن استعملتها لأنها في كل مرة تحضر تقريبا نفس الحلويات التقليدية المعروفة وهي المقروط، البقلاوة، التشاراك والدزيريات، وكلها تتخذ الطابع الأصيل، ولم تحاول الإبداع فيها لأن ذلك بالنسبة لها يخل بجمالها التقليدي. وعن أسعار تلك القوالب، أفاد صاحب المحل أنها تتراوح بين 300 و 700 دينار للقالب الواحد. وأشار أن مصادر استيرادها مختلفة فبعضها صينية وأخرى فرنسية وهي الأغلى ثمنا، وذلك لجودة المادة المصنوعة منها والمطابقة لمعايير السلامة. أما فيما يخص أسعار المواد الأولية لصناعة الحلويات بصفة عامة، فيقول أحد الباعة إن الأسعار هذه السنة عرفت استقرارا نوعا ما في سوق الجملة، عكس بعض المواد المستوردة مثل المكسرات، الكاكاو، الفستق واللوز، حيث تكون أسعار هذه المواد مرتبطة بالسوق العالمية التي تشهد تذبذبا من حين لآخر، وأيضا حسب العرض والطلب. وببلدية باش جراح، اتجهنا صوب مركز تجاري معروف جدا والذي تقع به أحد أشهر المحلات المتخصصة في بيع مستلزمات الحلويات، كما أنه يعد قبلة الأسر وصانعي الحلويات لشراء كل ما يلزمها. عند دخولنا المحل الواسع، رحبت بنا تلك الروائح العطرة التي تمازجت فيما بينها لتبعث بنكهات الفواكه وكأننا داخل محل خاص ببيع الفواكه الطازجة، ومنها رائحة الفانيليا وأخرى للفراولة وأخرى للموز وغيرها، بحثنا عن البائع الذي اختفى وسط الزحمة حتى استعصى علينا مشاهدته وقد حجبته النسوة الواقفات في صفوف عشوائية يبحثن عن مرادهن.. كان خلف البائع عشرات القارورات من السعة المتوسطة وذات ألوان جميلة، تحمل كل منها وريقة صغيرة تحمل اسم خلاصة الفواكه، وكانت تلك الرائحة السبب الذي جلب الزبونات اللائي عج بهن المحل. وتتنافس النسوة على تحضير أطيب أنواع الحلويات التي تمثل عبق التقاليد الجزائرية لتقديمها للعائلة والضيوف يوم العيد، وإن كان هناك من تحرص على تحضير حلويات العيد منزليا، فإن أخريات يفضلن اقتناءها جاهزة من المحلات، وهو ما أوضحته بعض المواطنات ممن التقينا بهن خلال جولتنا للعديد من محلات بيع المرطبات والحلويات، هذا بالرغم من ارتفاع سعر الحبة الواحدة من الحلويات التقليدية، وهو ما جعلهن يكتفين بعدد أقل من الحلويات عكس السنوات الماضية، إلا أن هذا الأمر يبقى في الغالب حكرا على العاملات اللواتي لا يجدن متسعا من الوقت لتحضيرها. نشير إلى أن حلويات العيد تعتبر تقليدا راسخا يدخل في تقاليدنا وهي من الأمور التي لا يمكن التخلي عنها بالنسبة للعائلات الجزائرية، فلا يمكن دخول منزل من المنازل يوم العيد إلا ووجدت نفسك أمام تشكيلة فسيفسائية في قعدة صبيحة العيد مرفقة بالقهوة أوالشاي. ومن الحلويات التي لها شعبية أكثر حسب استطلاعنا، نذكر القريوش، الدزيريات، السابلي، البقلاوة، المقروط، التشاراك، الصامصة، العرايش، حلوة الطابع، الغريبية، المخبز.. وغيرها من الحلويات التقليدية التي تتزين بها مائدة عيد الفطر المبارك والمحببة لدى شريحة واسعة من الجزائريين..