يتابع العراقيون بكثير من الترقب جلسة حاسمة لنواب البرلمان اليوم، تخصص لمناقشة إصلاحات سياسية جوهرية على طبيعة النظام العراقي، سبق للحكومة أن صادقت عليها أول أمس الأحد. ويعلّق عامة الشعب العراقي آماله على هذه الإصلاحات التي ما انفك يطالب باستحداثها لوضع حد لحالة الفوضى السياسية التي يعرفها هذا البلد وخاصة من جهة سوء تسيير الشأن العام العراقي من طرف كل مسوؤلي الإدارة العراقية المتهمين بتعاطي الرشوة، وعدم إيلاء أية أهمية لمشاكل المواطنين اليومية بدءا بتدهور الخدمات العمومية وبيروقراطية الإدارة ومظاهر الرفاه والعيش الرغيد لأبسط المسؤولين، بينما يفتقد المواطن البسيط لأدنى شروط الحياة في بلد يكتنز خيرات تجعل من مواطنيه أسعد السكان. وبدأت دعوة الإصلاحات التي نادى بها الوزير الأول العراقي حيدر العبادي، تلقى تأييدا واسعا من طرف العديد من الشخصيات العراقية وعامة الشعب العراقي ضمن توجه عام قد يساعد على تجسيدها في عراق نهشته الرشوة والمحاباة والنزعة الطائفية. والمفارقة أن الإصلاحات التي جاءت تحت ضغط الشارع العراقي لاقت تأييدا واسعا من الطبقة السياسية التي طالبت هي الأخرى بالإسراع في تجسيدها بعد أن دقت عدة دوائر خطر استمرار الوضعية الحالية على تجانس المجتمع العراقي. وهو خطر داهم زاده خطورة تطورات الأوضاع الأمنية التي فرضها استقواء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، إلى الحد الذي أفقد العراقيين كل ثقة في سلطتهم المركزية التي أصبحوا ينظرون إليها بنظرة فيها الكثير من الريبة والشك حول قدرتها في إعادة بعث عراق جديد تسع سنوات بعد الإطاحة بنظامه السابق. ضمن الزخم الذي شكلته الإصلاحات المقترحة فقد أيدها رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، الذي طالب الوزير الأول بالإسراع في إقالة كل الوزراء الذين تثبت في حقهم تهم التسيّب وتعاطي الرشوة حتى يكونوا عبرة لمسؤولي الإدارة العراقية الآخرين الذين جعلوا مناصبهم مطية لتحقيق مآرب شخصية. ومن جهته أمهل نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، أمس، الحكومة العراقية ثلاثة أشهر لتنفيذ هذه الإصلاحات التي نصت على إلغاء مناصب نواب الرئيس ونواب رئيس الوزراء والتحقيق في ملفات الفساد القديمة والجديدة. وقال علاوي إن "الإصلاح في العراق يجب أن يبدأ من مقر رئيس مجلس الوزراء" مشيرا إلى أنه طالب بالتحقيق في صفقات مشبوهة ولكن ذلك لم يتم إلى حد الآن، وتفكيك المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد والتحقيق في الفساد المستشري في البلاد. يذكر أن إياد علاوي، معني بقرار الإصلاحات السياسية التي صادق عليها مجلس الوزراء العراقي القاضية بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية والذي يعد واحدا منهم. وأكد نائب الرئيس العراقي أنه سيطالب بانتخابات مبكرة في حال فشلت الحكومة في الوفاء بتعهداتها، واصفا العملية السياسية في العراق ب”الممزقة" التي تقوم على الطائفية والتهميش. والحقيقة أن تأييد الطبقة السياسية لمثل هذه الإصلاحات فرضه خروج الشارع العراقي طيلة الأسابيع الأخيرة إلى عديد المدن العراقية للمطالبة بحلحلة وضع سياسي لم يعد يطاق في ظل انعدام أدنى الخدمات الاجتماعية والإدارية. وهو الذي جعلهم يخرجون أمس، أيضا في مظاهرات تأييد للوزير الأول حيدر العبادي، بمجرد إعلانه عن هذه الإصلاحات وطالبوه بمحاكمة المفسدين من المسؤولين من أعلى هرم السلطة إلى أدنى مناصب المسؤولية فيها. يذكر أن رئيس الوزراء حيدر العبادي، ألغى بموجب المادة 78 من الدستور العراقي جميع مناصب نواب رئيس الجمهورية، ونواب رئيس مجلس الوزراء وأيضا إلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين من موظفي الدولة السامين.