تمثل زيارة الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، إلى الجزائر، فضلا عن تعزيز العلاقات الثنائية مع الجزائر، مناسبة لتقوية العلاقات الجزائرية- الافريقية، في سياق سعي جزائري لتدعيم التواجد بهذه القارة التي أصبحت محط اهتمام دول كثيرة في العالم، بالنظر إلى ماتزخر به من ثروات وموارد، وإمكانيات تجعلها قارة النمو الاقتصادي في المستقبل. وتستعد الجزائر -التي استقبلت ومازالت تستقبل رؤساء دول إفريقية- لاحتضان أول ندوة جزائرية - إفريقية نهاية السنة الجارية، والتي يرتقب أن تجمع المتعاملين الاقتصاديين للجانبين من أجل بحث فرص الشراكة والاستثمار المتوفرة والمتاحة، مع العلم أن للجزائر مزايا كثيرة، لاسيما قربها الجغرافي من البلدان الافريقية، التي تمكنها من أن تتبوأ مكانة محورية على المستوى الاقتصادي في القارة. ويأتي هذا اللقاء الأول من نوعه لتدارك التأخر في استغلال هذه المزايا، واستدراكا للفرص الضائعة، بالرغم من التواجد القوي للجزائر دبلوماسيا على المستوى الافريقي، سواء في إطار ثنائي أو من خلال الاتحاد الافريقي، ومبادرة النيباد ومشاريع جهوية هامة كالطريق العابر للصحراء وأنابيب نقل المحروقات ومشروع الألياف البصرية العابرة للصحراء. ورغم أهمية هذه المزايا، فإنها غير كافية، إذا لم ترافق بإجراءات أخرى، أمام المنافسة الشرسة على القارة التي ظهرت في الآونة الأخيرة بالخصوص، والتي تتضح من خلال العدد الكبير من الندوات التي برمجت في هذه الفترة، وكلها تدور حول القارة الافريقية. وحتى وإن كانت هذه المواعيد تشكل فرصة للجزائر باعتبارها بلدا إفريقيا لجلب استثمارات وشراكات جديدة، فإنها تعد من جهة أخرى دليلا على وجود تنافس قوي على السوق الافريقية، وهو مايتطلب بذل جهود أكبر للتواجد أكثر بها. ومن المواعيد المسجلة في الفترة القادمة، نجد الندوة الاقتصادية البولونية- الافريقية في طبعتها الثالثة والتي ستنظم يوم 16 أكتوبر الجاري بمدينة لودز. وتهدف الندوة التي تنظمها غرفة التجارة لبولونيا تهدف إلى بحث فرص الشراكة بين متعاملي الطرفين في عدد من المجالات، أهمها الصناعة والهياكل القاعدية والبيئة والصناعات الغذائية وتحويل التكنولوجيا وحتى الطب والتربية والتكوين والنسيج. كما سيكون الموعد مع الطبعة الثالثة من القمة الهندية – الافريقية يومي 20 و21 أكتوبر الجاري بنيودلهي، وستجمع القمة شخصيات هامة من السياسة والاقتصاد لبحث فرص العمل وتبادل الخبرات بين الطرفين، من أجل تحديد مشاريع شراكة في مجالات الطاقة والفلاحة والصيدلة والصحة والنسيج والهياكل القاعدية. كما سيتم بالمناسبة تنظيم معرض للمنتجات على هامش التظاهرة. وبألمانيا، سينتظم المنتدى الثالث الألماني – الافريقي للبنى التحتية بين 3 و4 نوفمبر القادم بمدينة ميونيخ. وهو منتدى مخصص للمتعاملين في مجالات النقل واللوجستيك وتسيير المياه والنفايات. وسيخصص اللقاء للقاءات قطاعية من أجل التباحث حول محاور رئيسية تتطرق بالخصوص لامكانية خلق شركات مزدوجة أو إقامة شراكات أو الاستثمار مباشرة في البلديان الافريقية في هذه المجالات. من جانبها، تنظم غرفة تجارة وصناعة دبي الدورة الثالثة من المنتدى العالمي الأفريقي للأعمال، التي ستعقد يومي 17 و18 نوفمبر في دبي. وتحت عنوان "تنمية متجددة، شراكات متعددة"، سيناقش المنتدى المقومات التي ستقود النمو في الأعوام الخمسة المقبلة، كما سيلقي الضوء على مصادر النمو كالتكنولوجيا المتطورة وصناديق التقاعد المحلية والانتقال بالمشاريع الزراعية والصناعية إلى مستويات أعلى، إضافة إلى تطوير المدن الافريقية وتأثير انخفاض أسعار السلع والبترول على الاقتصاد. كما سيتيح المنتدى للمستثمرين عقد لقاءات أعمال ثنائية وتوقيع شراكات واتفاقات استثمارية بين الشركات في قطاعات مختلفة. وحسب مدير غرف التجارة لدبي، فإن المقومات الاستثمارية في القارة كبيرة جداً، خاصة مع توقع وصول عدد سكانها إلى ملياري نسمة بحلول العام 2050. وذكر بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع 26 دولة افريقية مؤخرا، وبافتتاح غرفة دبي مؤخراً مكتباً تمثيلياً لها في غانا، في انتظار افتتاح مكاتب أخرى في موزمبيق ودول افريقية أخرى. وأشار تقرير الاستثمار العالمي للعام 2015 الصادر عن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، إلى ان تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى القارة الافريقية في 2014 بلغ 54 مليار دولار أمريكي، مضيفا بأن المستثمرين غير التقليديين شكلوا عنصراً مهما في تدفق هذه الاستثمارات خلال السنوات القليلة الماضية.