أطلق الشاعر الشعبي مكي نونة نداء للسلطات المحلية والوزارة الوصية، لانتشاله من الوضعية المادية والنفسية التي يعيشها حاليا، بعدما أقعده المرض وهو في عقده الثامن، بعد أن أفنى حياته في خدمة الثقافة بالباهية، حتى صار وجها مميزا لها وقامة من قاماتها. ويعد الشيخ مكي نونة واحدا من أبرز شعراء الملحون الذين أنجبتهم عاصمة الغرب الجزائري، كما أنه كاتب كلمات، أفنى شبابه في خدمة الثقافة والمثقفين، ويعد موسوعة تحمل ذاكرة وهران، كونه عاش وترعرع في أحد أشهر أحيائها، فهو من مواليد حي "الحمري" الشعبي الذي يعتبر قلب تاريخ وهران وذاكرتها الحية، وهو ملم بسير كبار شيوخ الملحون القدامى بها، وكتب العديد من الأغاني لأشهر مطربي الباهية، على غرار الراحلة صباح الصغيرة، الشيخ بن فيسة، الراحل الشاب فتحي، الشيخ الملياني، الشاب مازوزي. ورافق الشيخ مكي نونة كبار الشيوخ في تنقلاتهم، حيث كان يصنع الفرجة من خلال إتقانه ل "التبراح" منذ أن كان في السابعة عشر من العمر، مثل الشيخ محمد الغيليزاني، الشيخة الريميتي، الشيخ بخدة العمري، الشيخ الوشمة، الشيخة بختة، الشيخ الخالدي والشيخ حمادة، ولمع نجمه ليكون أحد منشطي تظاهرة السنة الجزائرية بفرنسا، كما نشط العديد من السهرات خلال الجولات الثقافية للجزائر بفرنسا، بلجيكا والمغرب. مكي نونة أيضا باحث في التراث الشعبي لمدينة وهران واستطاع في ظل تلك السنوات من جمع أكبر عدد من القصائد الشعرية لكبار الشيوخ، وحصل خلال بحثه على مخطوطات نادرة، أبرزها قصائد للشيخ بلوهراني، والشيخ زناقي بوحفص، وهما من الشعراء المنظرين، وأجمل ما وثقه الشيخ المكي نونة قصيدة "يا شيخي شفت منام كحل" للشاعر زناقي بوحفص المؤلفة من 360 بيتا والتي ألفها سنة 1870. وقد عرض عليه باحثون دنمركيون مقابلا للحصول على مادته البحثية لتدريسها في الجامعة الدنمركية، والاشتغال على الشعراء المنظرين، لكن لم يغره لا مال ولا شهرة، وآثر الشيخ والشاعر مكي نونة أن يذهب مجهوده لفائدة بلده وأبناء بلده، فمنح مادته البحثية إلى وزارة الثقافة، وهو المجهود الذي كلفه إضافة إلى سنوات مضنية من البحث والتنقيب، مصاريف مادية طائلة، فيما لم تقم الوزارة بإصدار المؤلف، وظل ينتظر التفاتة إلى يومنا هذا إلى أن وجد نفسه يعاني الفاقة والعوز وقلة المساعدة.