دفعت التطورات الميدانية المتسارعة التي شهدتها ليبيا في اليومين الآخرين في ظل استفحال نشاط تنظيم "الدولة الإسلامية" بالمجموعة الدولية إلى تنسيق جهودها ضمن مسعى لتسريع تشكيل حكومة الوفاق الوطني في بلد يعاني الأمرين، فوضى أمنية عارمة من جهة وازدواجية السلطة من جهة أخرى. وضمن هذا المسعى، التقت أمس رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، فدريكا موغريني بمسؤوليين ليبيين بالعاصمة تونس من بينهم رئيس حكومة الوفاق المنتظرة، فايز السراج، وهي التي كانت أعلنت قبل ذهابها إلى تونس أنه "أمام الشعب الليبي فرصة كبيرة لوضع جانبا خلافاته والعمل بشكل موحد ضد التهديد الإرهابي". وجاء تصريح المسؤولة الأوروبية غداة مقتل أكثر من 50 شخصا وإصابة ما لا يقل عن 150 آخرين في تفجير انتحاري استهدف مركز لتكوين الشرطة بمدينة زليتن الواقعة على بعد 170 كلم إلى شرق العاصمة طرابلس. وحتى إن لم يتبن "داعش" هذا التفجير الذي يعد الأدمى من نوعه الذي تشهده ليبيا منذ ثورة فيفري التي أطاحت بنظامها السابق، فإنه أعلن بالمقابل مسؤوليته عن مصرع ستة أشخاص في نفس اليوم في هجوم انتحاري، استهدف مدينة راس لانوف النفطية الواقعة شرق ليبيا. وسارعت كل من الأممالمتحدة والولايات المتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي إلى إدانة تفجير زليتن وشددت أنه يؤكد الحاجة الماسة لتوحيد الليبيين صفوفهم في مواجهة الإرهاب. ويبدي الأوروبيون وكل المجموعة الدولية قلقا متزايدا من استمرار الوضع المتفاقم في ليبيا والذي زاد خطورة مع دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" على خط المواجهة في محاولة لفرض منطقه على أكبر جزء من هذا البلد المتوتر. وفي هذا السياق، أكد مارتن كوبلر، المبعوث الأممي إلى ليبيا أن هذه الأخيرة لا تحتمل البقاء منقسمة في مواجهة الإرهاب. وقال "لقد صدمت بهذا الاعتداء الإرهابي الشنيع الذي يبين مرة أخرى الحاجة إلى تحقيق تقدم سريع نحو تشكيل حكومة الوفاق الوطني وتفعيل قوات الأمن الليبية وإعادة بنائها". وأشار كوبلر إلى قيام الأممالمتحدة بالتشاور مع السلطات الصحية المحلية لضمان توفر الإمدادات الطبية المطلوب لعلاج الضحايا، في نفس الوقت الذي حث فيه الليبيون على وضع خلافاتهم جانبا وتوحيد صفوفهم لمواجهة آفة الإرهاب. من جانبها، اعتبرت إيطاليا على لسان وزير خارجيتها، باولو جينتيلوني أن الرد على تهديد الإرهاب في ليبيا "لا يكون إلّا من خلال وحدة شعبها". وأعرب جينتيلوني عن "تضامنه مع الشعب الليبي ضد الهجوم الإرهابي الذي وقع في زليتن". وشدد الوزير الإيطالي على "ضرورة التغلب على الانقسامات الداخلية من أجل تشكيل حكومة الوفاق الوطني والتركيز على المعركة المشتركة ضد الإرهاب وإعادة الإعمار وتهدئة الأوضاع في البلاد".