أثار باحثون في الاقتصاد ونقابيون سهرة أول أمس بمقر المؤسسة الألمانية غير الحكومية "فريدريك ايبرت" معادلة التشغيل والبطالة، ودعوا إلى وضع آليات وميكانيزمات إحصاء قادرة على تقديم أرقام موثوق بها تسمح بوضع سياسة وطنية للتشغيل وفقا للمعطيات الميدانية. تميز النقاش حول موضوع التشغيل والبطالة والأجور ومردودية العمل "بعرض وجهات نظر متباينة بين باحثين في الاقتصاد ونقابيين من جهة، وممثلين عن وزارة التشغيل والعمل والضمان الاجتماعي من جهة أخرى، ولكن الطرفين التقيا في نقطة واحدة هي أن الحصول على إحصائيات دقيقة حول عالم الشغل تسمح بتسطير استراتيجية تكون نتائجها اقرب إلى حل مشاكل التشغيل. وقدم الباحث في مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من اجل التنمية بجامعة بوزريعة بالعاصمة السيد بشير بولحبال تصورا نقديا للتقديرات الرسمية حول نسبة البطالة ومناصب الشغل التي تم استحداثها من خلال تطبيق مختلف سياسات التشغيل قبل تسع سنوات، يرى الإحصائيات المقدمة لا تعتمد على المعايير الدولية، والمؤشرات ال17 المعتمدة من طرف المكتب الدولي للعمل مما يدفع إلى التشكيك في صحتها. وذكرت دراسة السيد بولحبال التي قدمها نيابة عنه زميله في مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي الباحث نصر الدين حمودة أن طريقة جمع الإحصائيات لعدد البطالين في بلادنا تفتقد للمنهجية والدقة كون جميع المعطيات التي يقدمها الديوان الوطني للإحصاء هي عبارة عن أرقام صادرة عن الإدارة أي وزارة التشغيل، وذهب إلى أبعد من ذلك من خلال التأكيد على أن الديوان لا يقوم بأي دراسة بل هو عبارة عن مركز لجمع الإحصائيات التي ترد إليه من طرف الإدارة ويقوم هو بنشرها. وحسبه فإن افتقار الجزائر لتقنيات متطورة في التحليل الإحصائي هي التي تدفع بالباحثين إلى توخي الحذر في تناول تلك الأرقام. ومن بين ما أثاره الباحث في دراسته هو اعتماد الديوان الوطني للإحصاء لمؤشرات بعيدة عن تلك المطبقة عالميا، حيث يعتمد على عينة تتكون من 6 آلاف عائلة لحساب نسبة البطالة في حين أن المغرب يعتمد على عينة من 48 ألف عائلة وفرنسا على 150 ألف. ولكن هذا الطرح لقي انتقادا من طرف السيد سعيد عنان مدير التشغيل وإعادة الإدماج بوزارة التشغيل والعمل والضمان الاجتماعي، الذي فند بعض المعطيات التي أوردتها الدراسة، ودافع عن الأرقام المقدمة من طرف الديوان الوطني للإحصاء حول نسبة البطالة في الجزائر موضحا أن الأرقام المقدمة من طرف الديوان الوطني للإحصاء حول نسبة البطالة وعالم الشغب بصفة عامة موثوق فيها، ودعا الباحث نصر الدين حمودة إلى تحيين المعطيات التي قدمها بخصوص العينة المعتمدة من طرف الديوان في حساب نسبة البطالة وقال أن العينية تقدر ب15 ألف عائلة وليس 6 آلاف. وأكد من جهة أخرى أن السياسة الوطنية الخاصة بمكافحة البطالة تتضمن إجراءات وآليات جديدة منها دعم الشركات التي توظف متخرجين جدد من نظام التكوين المهني كما تستفيد الشركات من إجراءات جبائية محفزة نظير توفيرها على مناصب شغل قارة. وكانت الحكومة اتخذت في إطار قانون المالية التكميلي 2008 إجراءات تحفيزية لصالح الشركات الخاصة تتمثل في تخفيض الضريبة والرسم في حال ساهمت في انشاء مناصب شغل جديدة. وفي خضم النقاش حول واقع التشغيل في الجزائر أكد عضو المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي السيد عبد المجيد بوزيدي، أن نسبة عدد العاطلين عن العمل من الحاصلين على شهادات جامعية اكبر بكثير من نسبة العاطلين من الفئات الأخرى. ودعا المشاركون الى التفكير جيدا في وضع سياسات تستهدف فئة العاطلين عن العمل من المتحصلين على شهادات عليا، خاصة وأن عددهم يتزايد من سنة الى أخرى حيث أن 22 بالمئة من جيل سنوات 1980 الى 1984 يدرسون في الجامعة وأن ثلث بنات المدن يصلن إلى الجامعة وأن 13 بالمئة من بنات الريف يتحصلن على شهادة البكالوريا.