يُعتبر اللون الأساس بالنسبة للفنانة العصامية سعاد سي عبد الرحمن، فهي حينما تقرر أي لون تستعمله في لوحتها يأتي من ورائه اختيار الموضوع وكل تبعاته، وهو ما يمكن أن نراه في معرضها الفردي الأول الذي يعكس ولهها بشلال من الألوان التي تصب في مجموعة من اللوحات المعروضة برواق عائشة حداد إلى غاية التاسع من الشهر الجاري. أكدت الفنانة التشكيلية العصامية سعاد سي عبد الرحمن ل "المساء"، على حبها للألوان بجميع تنوعاتها وبكل تدرجاتها، وهو ما تعبّر عنه في لوحاتها التي تتناول فيها مختلف المواضيع بمسحات جميلة من الألوان. وأضافت المتحدثة أنها تقرر أي لون تستعمله في لوحتها قبل أن تشرع في الرسم؛ نظرا لأهميته في عملها، مشيرة إلى أنها حينما ترسم تستعمل ألوانا لم تكن في الحسبان، وأخرى متدرجة عن اللون الأولي الذي اختارته في بداية عملها. وفي هذا السياق، قدمت الفنانة مثلا عن لوحة "مرآة الروح" التي غلب عليها اللون الرمادي، بيد أن اللون الأخضر غمر لوحة "باب2". وعادت سعاد برفقة "المساء" إلى أولى خطواتها في هذا الفن، والتي لم يمر عليها إلا سنوات قليلة؛ حيث شاركت سنة 2011 في الصالون الوطني السابع للفنون التشكيلية بلوحات من الرسم على الحرير، وهناك احتكت بالفنانين التشكيليين، لتقرر فور عودتها إلى قسنطينة، مسقط رأسها، الالتحاق بالمدرسة الجهوية للفنون الجميلة، وتدرس فيها لمدة سنة كطالبة حرة، ومن ثم لم تشأ أن تفارقها حتى إنها ستعرض لوحاتها قريبا في فضائها. وتعلمت سعاد الرسم بالقلم في المدرسة، واختصت في الرسم الزيتي، ثم انتقلت إلى الرسم بالأكريليك سنة 2014، وكانت النتيجة عدة لوحات بالفن التجريدي، في حين تخصصت الفنانة في الفن شبه التجريدي بالنسبة للوحاتها الأخرى، حيث تهتم أيضا بتفاصيل الطبيعة وكذا الحياة اليومية للشعوب. وجاءت لوحة "الثرثرة" تعبّر عن امتقاع سعاد لهذه الصفة الذميمة، لكن ذلك لم يمنعها من التعبير عن ذلك في لوحتها؛ حيث رسمت هيئتين في شكل امرأتين، واحدة لونتها بالأزرق والثانية بالأخضر. لوحة أخرى وهذه المرة عن المرأة التي تحمل طفلها وتعبّر عن مقاومة المرأة الجزائرية إبان فترة الاستعمار. ولم تشأ سعاد أن تحدد ملامح المرأة حتى تمثل كل النساء المقاومات، كما إنها أخفت معاناتها؛ فهي كالطيف موجود ومخفي في آن واحد، إضافة إلى أن جميع شخصيات الفنانة واقفات؛ فهي لا ترضى لهن الخضوع لأي كان. كما تناولت سعاد في معرضها هذا قسنطينةالمدينة الصامدة والهشة في آن واحد، وفي هذا قالت: "رسمت قسنطينة، مدينتي الجميلة والثائرة، مدينة قوية بتاريخها الأشم وهشة بصخورها التي لا تتحمل البنايات العليا. وفي هذا السياق، أعيب على منظمي تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، تشييد بنايات عالية في مدينة لا تتحمل صخورها ذلك، وربما قد تسقط في يوم ما". ورسمت سعاد الأبواب التي قالت إنها فاتحة لحياة ما، وفي هذا رسمت باب متليلي المصنوعة من الحجر وأبواب أخرى من منطقة القبائل. وقالت سعاد إنها ابتغت رسم الأبواب في لوحات صغيرة حتى يخيَّل للجمهور أنه قادر على اقتحامها". بالمقابل لم تشأ أن تعطي عنوانا لأكثر من لوحة، ومن بينها لوحة غلبت عليها الألوان الباردة مع إطلالة للون الأحمر، فقالت إن هذه الأخيرة لم تنته تفاصيلها بعد، وقد تقرر منحها عنوان ما بعد أن تستلهم من رؤى الجمهور. كما تمحورت عدة لوحات للفنانة عن الفن الإفريقي الذي تخصصت فيه حينما كانت ترسم على الحرير، وأبرزت فيه سعادة شعوب تعاني الكثير ولكنها لا تتخلى الابتسامة عن محياها ولا الفرحة عن وجنتيها، لتقدم بذلك درسا للبشرية جمعاء. أما عن لوحات شيليا فاختارت الفنانة أن تقدمها بالفن التجريدي، وتعبّر بطريقتها الخاصة عن جمال هذه الأشجار بمنطقة الأوراس. وفي هذا السياق قالت: "أردت أن أرسم أكثر من ثلاثين لوحة عن شيليا ولكن صعب عليّ ذلك؛ لأن رسم جذعها ليس بالأمر اليسير، وربما سأقوم لاحقا بتصويرها وتقديمها في معرض". أما عن اختيارها لمسار البيطرة في دراستها فقالت سعاد إن التحصيل العلمي مهم ويؤثر بشكل إيجابي في الفن، إلا أنها ارتأت أن تخصص حياتها للفن التشكيلي، حبها الأبدي والأولي. وفي هذا السياق، لا تنكفئ في تثقيف نفسها وكذا التعلم من أساتذة المدرسة الجهوية للفنون الجميلة.